آخر الأخبار
واقع المهن القضائية بين حضورية الجلسات وأولوية التلقيح

على الرغم من الجهود الجبَّارة والمضنية للمملكة المغربية، خلال معالجتها جائحة (كوفيد – 19)، الَّتِي حازت إعجاب الكثير من المتابعين على الصعيد الدولي، ويتبع ذلك بعملية التلقيح الَّتِي تتواصل بسلاسة، وهي الأمور الَّتِي جعلت المغرب يبرز بقوّة إلى جانب العديد من الدول الرائدة في هَذَا المجال، فإنه ومن خلال معطيات الفئات الَّتِي صُنّفت كمهنٍ أكثر عرضة للإصابة، يلاحظ غياب العاملين بقطاع العدل بمختلف أسلاكه ومكوناته، وذلك رغم الأهمية القصوى الَّتِي يكتسيها مرفق القضاء، بوصفه مرفقًا استراتيجيًا لا يقل عن قطاع التعليم وباقي القطاعات العمومية، الَّتِي شملها تصنيف أولوية التلقيح.
إنّ مرفق القضاء من بين أهمّ المرافق، الَّتِي يلج إليها عشرات الآلاف المغاربة يوميًا، إذ لا يمكن تصوّر أن توقفه أو تأخره عن أداء مهامّه وأدواره المجتمعية، فمن خلاله يتمّ ضمان استقرار المجتمع وحقوق الأفراد والجماعات، وكذا قراراته الفيصل في فضّ النزاعات بين من هم في خلاف مع القانون، أو هم أطراف في علاقة تعاقدية، إداريّة كانت أم مدنيّة.
وحسب مصادر لجريدة «لاديبيش» فإنّ عدم تصنيف مختلف العاملين بالمهن القضائية وقطاع العدل عمومًا، ضمن الفئات ذات أولوية التلقيح قد يُؤثّر في مخططات العودة إلى الوضع العادي في المحاكم، ما يُؤثّر سلبًا في سير العدالة، وحقوق المتقاضين، خاصّةً ما يتعلّق بإمكانية حضور جلسات قضاياهم، لمواجهة التهم وإحضار الشهود، وكذا اعتماد كلّ الوسائل القانونيّة الكفيلة بالدفاع عن حقوقهم.
واعتبرت المصادر ذاتها، أنّ تهميش هَذِهِ الفئة من التعويضات، أسوة بباقي القطاعات المستفيدة، لما أبانت عنه من نكران ذات وتضحيات في سبيل ضمان الأمن القضائي في زمن الجائحة وأثناء الحجر الصحي، ها هم اليوم بعيدون عن التلقيح.
وأفاد المتحدّث نفسه، أنّ تضحيات جسيمة بذلتها أسرة العدل، سواء في إطار الاستقبال اليومي للموقوفين وعرضهم على النيابة العامة أو الجلسات، أو بالنسبة إلى الخدمات الأخرى، فهم منذ اليوم الأوّل كانوا في مقدمة الصفوف، ولا يعرف سبب هَذَا الإقصاء. كما يُعدُّ قرار تحوّل المحاكم المغربية من الجلسات الحضورية إلى الجلسات (عن بُعد)، بسبب وباء (كوفيد – 19)، ابتداءً من أبريل 2020، من بين القرارات الَّتِي أثارت نقاشًا قانونيًا واجتماعيًا، إذ كان على قاعات جلسات المحاكم أن تتكيّف مع الأمر، قدر الإمكان، ودون استعداد مسبق لهَذَا الوضع غير المألوف.
وفي تصريح سابق له حول الموضوع، يقول عادل تشكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، «إنّ العمل بآلية المحاكمات (عن بُعد) أبرز بشكلٍ جليٍّ إشكالية جوهرية تنصب أساسًا حول مدى ملاءمة هَذَا الإجراء للضمانات الدستورية المتعلقة بالمحاكمة العادلة، وقانون المسطرة الجنائية المحدّد للشروط والإجراءات القانونية الواجبة لضمان حقوق المتهم الموضوع رهن الاعتقال الاحتياطي».
تجدر الإشارة، إلى أنّ وزارة العدل بالمغرب كانت قد أجرت أوّل محاكمة (عن بُعد) نموذجية سنة 2016، بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، كما أعدت مشروعًا لتعديل قانون المسطرة الجنائية يتضمّن مقتضيات إجرائيّة مفصلة للمحاكمات (عن بُعد)، غير أنّه لم يعرف طريقه للتطبيق خارج أدراج البرلمان.
