في الواجهة
مُسلحًا بالثقة الملكية.. هل سينجح الوالي التازي في تجاوز فخاخ الحيتان الكبيرة في طنجة؟
مرَّ أكثر من شهرٍ على تعيين يونس التازي، من طرف الملك محمّد السادس، واليًا على جهة طنجة تطوان الحسيمة، وهي مدّة كانت كافية، حتّى يرسم الرجل صورةً جديدةً عن نفسه، تتلخّص في كونه جاء بنفَسٍ شبابي ورزين، ينتظر أن ينعكس على تعامله مع القضايا المختلفة، التي تهمُّ الجهة، وأعقدها تلك المرتبطة بمدينة طنجة.
وأبدى التازي، وَفْق ما تمّت معاينته خلال الأسابيع الماضية، نهجًا هادئًا وأقل صخبًا في التعامل مع مجموعةٍ من القضايا الآنية، وهو الَّذِي سمحت الفترة التي قضاها في تطوان كعاملٍ على الإقليم ما بين 2017 و2023، لتجربته بأن تُصبح أكثر اختمارًا، وساعدته أيضًا على فهم الكثير من الأمور في المنطقة الشمالية، خصوصًا على المستوى السياسيّ والثقافيّ والاجتماعيّ.
لكنَّ شخصية التازي، الهادئة والمُتّسمة بالانضباط، دفعت كثيرًا من مُتتبّعي الشأن العام المحلي، للتساؤل بغير قليلٍ من الفضول والتشويق: كيف سيتعامل الوالي الجديد مع عددٍ من «الحيتان» في مجالات السياسة والمال، الَّذِينَ لا يكاد «المعقول» يعرف طريقهم، وهم في نفس الوقت المتحكّمون في عددٍ من المواقع والمصالح ذات الحساسية؟
ولا شكّ أنَّ التازي مُحاط بأشخاص خبروا طنجة، والأمانة تقتضي أن يصف له هؤلاء، دون أي تحفظ، الواقع الَّذِي تعيشه المدينة، التي أصبحت ملاذًا «شبه آمن» لمحترفي «التخلويض» بكلّ أنواعه، الذين يتقاسمون بينهم «المصالح» كما أنَّها «مسؤوليات»، فمنهم المُكلّفون بالتجزيء السريّ، ومنهم المسؤولون عن «الرخص المشبوهة»، ومُنهم المتخصصون في «السمسرة» بين المكاتب وأصحاب رؤوس الأموال.
والثابت هو أنَّ مدينة طنجة كانت دائمًا مُعقّدة، وأنّه عندما يصل الأمر إلى مصالح «الحيتان الكبيرة»، يكون العمل صعبًا على «ولاد الناس»، لأنَّهم يُواجهون سدودًا عملاقةً وعراقيلَ غير متوقع، لكنَّ المُؤكّد أيضًا هو أن مجيء التازي محكوم بظرفية خاصة، تحظى باهتمامٍ ملكيٍّ صريحٍ ومباشرٍ، فالبلاد كُلّها مُطالبة بأقصى درجات الجدية استعدادًا لأحد أعظم الأحداث في تاريخ المغرب الحديث، وهو كأس العالم 2030.
والتازي رجل سلطة شاب، يحظى بثقة الملك، بالإضافة إلى كونه قادمًا من وزارة الداخلية هو أيضًا خريج المدرسة المُحمّدية للمهندسين، كما أنَّ له خبرةً طويلةً في مجالات التجهيز والنقل واللوجيستيك، من خلال عمله في الوزارة المكلفة بهَذِهِ القطاعات ما بين 2005 و2023، ومهامّه في الجهة عمومًا وفي مدينة طنجة على وجه الخصوص، ثقيلة جدًا.
وإذا كان على الرجل أن يُواكب المشاريع الكبرى للمدينة، بما في ذلك النقل الحضريّ والجويّ والبحريّ، بالإضافة إلى عددٍ من مشاريع البنى التحتية وإعادة هيكلة الكثير من المرافق، حتّى تكون المدينة مستعدةً لاحتضان المونديال المُشترك مع إسبانيا والبرتغال، فإنه سيجد على عاتقه أيضًا مُهمّة «تنظيف» طنجة من «أباطرة» التلاعبات ممَّن لا يتّقنون العمل إلا تحت جنح الظلام.