تواصل معنا

مجتمع

التسول في طنجة.. مهنة مربحة جدًا!

بقلم: أبو يزن

ما أعلمه أنِّ السعي لا يعني في اللغة العربية التسوّل، بل نقيض ذلك. ولا أرى السبب الَّذِي جعل طنجاوة يطلق على الشخص المتسوّل صفة «سعّاي»، وبصيغة المبالغة. فلو كان سعّايا حقًا، ما كنا لنجده في الطرقات، وأكتافه تضاهي أكتافنا، وهو يطلب من الآخرين مالًا تعبوا من أجله.

وأعتقد أن طنجاوة إن كانوا يجمعون على شيء مؤخرًا، فإنّهم سيجمعون أنَّ الظاهرة أصبحت كارثيةً بامتيازٍ، وأنَّ مسألة التسول أصبحت أسهل مهنة على الإطلاق، وربَّما الأكثر دخلًا، إن لم أبالغ.

الأدهى من هَذَا أن الأمر لم يعد يتعلق بالتسوّل العادي المتمثّل في العاجزين والعجزة الَّذِينَ قد يجد لهم المرء مبررًا أحيانا.. الله يكون ف العون.

بل إنَّنا الآن أمام ظواهر «سوبير ناتورال»، لأنّ شبابًا في عمر الزهور، بلباس عصري باهظ الثمن وأحذية الواحدة «تحنت» أختها، يستوقفونك ويطلبون منك مالًا.. هكذا بكل بساطة.

لا يقف الإبداع عند هَذَا الحد، بل إن بعضهم أصبح يُحدّد لك قيمة ما يريده، وسأصدمكم إن أخبرتكم أن صديقًا لي استوقفه أحدهم وطلب منه 100 درهم بالتمام والكمال… واللهيلا!

يعني هَذَا أننا الآن في مرحلة متقدّمة جدًا من احتراف التسوّل، دون أن نتحدّث عن العصابات الَّتِي تحترفه وتوزع أعضاءها، وللأسف بينهم أطفال، في مناطق بعينها، قبل أن تجمع منهم ما جاد به اليوم ليلا أو نهارًا.

أما وجه الغرابة، فهو أنَّ السلطات تقف موقف المتفرج، ولا تحرك أي ساكن، على الأقل في الشوارع الكبرى.. فجولة في البوليبار تُؤكّد لك أنَّ افتراش الشارع العام من أجل طلب المال أمرٌ غيرُ مخالفٍ للقانون، بدليل أن أصحابها يقضون اليوم كله هناك، أمام أعين كل رجال السلطة، من أصغرهم إلى كبيرهم.

لن أدعوَ السلطات للتدخّل لأنها تعرف واجبها أكثر مني.. لكنّني سأتساءل: هل تم حذف احتراف التسول من قائمة الأفعال المخالفة للقانون؟ أم أنه تمّ التطبيع معه وأصبح عرفًا «واللي بغا يعمل شي حاجة يعملا؟».

أيا كان الحال، سأُذكّر هَؤُلَاءِ بشيءٍ واحدٍ: طنجة مرشحة لاحتضان مباريات كأس العالم سنة 2030، إن كتب للملف الثلاثي النجاح.. فهل سنستقبل الزوّار بهَذِهِ الكوارث؟

 

تابعنا على الفيسبوك