القانون والناس
نزع العداد من طرف شركة تدبير الماء والكهرباء بطنجة.. حق قانوني أم مجرد تجاوز؟

إذا كان التدبير المُفوّض أحد الأساليب الحديثة في تسيير المرافق العمومية يعتمد على إشراك الخواص في إحداث البنيات التحتيّة اللازمة لتسييرها، إذ اعتُمد على هَذَا الأسلوب لوضع حدٍّ للعجز الحاصل في تدبير بعض المرافق المحلية الحيويّة من لدن الجماعات الترابيَّة، بسبب ضعف الإمكانيات الماديّة والتقنيَّة ونقص القدرات التدبيريّة.
ويعتمد التدبيرُ المُفوّض بطريقته جديدة على إشراك القطاع الخاصِّ في مجال التدبير، ولا تختلف عن عقد الامتياز إلا في المدّة الزمنية الَّتِي تكون طويلة في عقود الامتياز، كما أنَّ الملتزم يتعهد بتوفير الأموال والمستخدمين، بينما في التدبير المُفوّض تبقى التجهيزاتُ في ملكية الإدارة.
وفي هَذَا الإطار، عمد المُشرّعُ إلى استحداث إطارٍ قانونيٍّ للتدبير المفوض، ينصُّ على حقوقٍ وواجباتٍ للأطراف المعنية (المفوض والمفوض إليه)، وأحكام تتعلّق بالأحكام والنزاعات، وحسب مقتضيات المادة (2) من القانون (54. 05) الَّتِي تنصُّ على أنّه يعتبر التدبير المفوض عقدًا يُفوّض بموجبه شخصٌ معنويٌّ خاضع للقانون العام يُسمى «المُفوّض» لمدّة محددة، بتدبير مرفق عموميّ يتولى مسؤوليته، إلى شخص معنويّ خاضع للقانون العامّ أو الخاصّ يُسمّى «المُفوّض إليه»، يخوّل له الحقّ في تحصيل أجرة عن المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور، أو كلاهما.
بينما تتلخص خِدْمات شركات تدبير الماء والكهرباء بالمغرب عامّة، وبطنجة خاصّة، كما تنشرها شركة أمانديس في مواقعها، في كون أنَّ الشبكات العمومية للتزويد بالماء لها شروط الولوج للخدمة العمومية لتوزيع الماء هي نفسها، إذا كنتم تعيشون في مسكن فردي أو جماعي.
- المستهلك الَّذِي يقطن مسكنًا فرديًا هو مشترك مباشرة في خدمات الماء لجماعته.
- إقامة بعدة مساكن لا تتوفر على عداد مشترك. كل مالك أو مكتري يتوفر على عداد للماء ويشترك مباشرة في خدمة الماء، كما لو أنّه في سكن فردي.
- الشبكة العمومية لتطهير للمياه المستعملة يكون التطهير لإقامة ما جماعيًا، إذا كانت المياه المستعملة تجمع بواسطة الشبكة العمومية (البالوعات)، بعد ذلك ترسل لتُطهّر في محطة معالجة مياه الصرف الصحي (محطة التصفية)، قبل رجوعها للوسط الطبيعي.
- الإيصالات المنزلية بشبكة التطهير تُعدُّ إلزامية داخل أجل سنة ابتداءً من تاريخ بدء العمل بالشبكة (المادة 31 من تدبير مصلحة التطهير).
وبالرغم من كل هَذِهِ الشعارات الَّتِي ترفعها شركة أمانديس بشأن الخِدْمات الَّتِي توردها للمواطن، فإنَّ هَذَا الأخير يقف عاجزًا عن فهم وضعيته القانونيَّة في حالة توقفه عن أداء واجبات هَذِهِ الخِدْمات الموفرة له من ماء وكهرباء، وخصوصًا بالنسبة للعدَّاد الَّذِي تحوَّل إلى وسيلة تهديد بالنسبة للشركة، أما الدفع أو استعادته، وهو ما كان موضوع مشاحنات عديدة بين الشركة وعددٍ من المواطنين مؤخرًا بالمدن الَّتِي تسيرها شركة أمانديس.
فهل يمكن اعتبار التدبير المفوض لشركة الماء والكهرباء بالمغرب هو تعجيز للمواطن في بسط التدابير المادية والتقنية أم أنّه محاولة لفرض قانون القوة على المواطن البسيط المنهك من جميع الجوانب، خصوصًا بعد فترة كورونا؟! وهل عدم القدرة على أداء مبالغ الماء والكهرباء تخوّل للشركة الحقّ في نزع العداد دون التوجّه إلى السلطة أو حتّى الاتّفاق مع صاحب المنزل؟! شراء عداد الماء والكهرباء عند الاشتراك يكسب صاحبه حقّ التملّك التام لهَذَا العداد أم مجرد تملك مؤقت يُخوّل للشركة نزعه متى ما أرادت؟! هل هناك قانون يؤطر هَذِهِ العملية أم أنَّ لها كامل الصلاحية في تسيير مرفقها دون اللجوء إلى القضاء؟! هَذَا ما سيتم الإجابة عليه قانونيًا في عددنا القادم.
يتبع
