تواصل معنا

القانون والناس

مسطرة تسليم الأشخاص بين التعسفية والقانونية.. التتمة

باستقرائنا مقتضيات هَذِهِ المادة، نجد أنَّ المُشرّعَ المغربيَّ سطَّر على سبيل الحصر، لا المثال، متى يتم التسليم ومتى يمتنع، أو متى لا يوافق على تسليم شخص معين للدولة المطالبة، وكيف يُمكن حفظ إنسانية وحقّ المطالب به؟

سطَّرت المادة (721) من قانون المسطرة الجنائيَّة على القانون المغربي، يمكن أن يمانع في تسليم متهمٍ في الحالات التالية:

  1. إذا كان الشخصُ المطلوبُ مواطنًا مغربيًا، ويعتدّ بهَذِهِ الصفة في وقت ارتكاب الجريمة المطلوب من أجلها التسليم.
  2. إذا كانت الجريمة المطلوب من أجلها التسليم، جريمةً سياسيَّةً أو مرتبطةً بجريمة سياسيَّة.

تطبق هَذِهِ القاعدة الخاصة أيضًا إذا اعتقدت السلطات المغربيَّة، لأسباب جدّية، أنَّ طلب التسليم المستند إلى جريمة من الجرائم العادية لم يقدم إليها إلا بقصد متابعة أو معاقبة شخص من أجل اعتبارات عنصريَّة أو دينيَّة أو تتعلّق بالجنسية أو بآراء سياسيَّة، أو أن وضعية هَذَا الشخص قد تتعرّض من جراء إحدى هَذِهِ الاعتبارات لخطر التشديد عليه.

غير أنَّ الاعتداء على حياة رئيس الدولة أو فرد من أفراد عائلته أو عضوٍ من أعضاء الحكومة، لا يُعدُّ ضمن الحالات الَّتِي تسري عليها القيود المشار إليها في الفقرتين السابقتين.

لا تُعدُّ أيضًا ضمن هَذِهِ الحالات الأعمال، الَّتِي ترتكب في أثناء تمرد أو شغب يمسّ بالأمن العام إذا اتّسمت هَذِهِ الأعمال بوحشية شنيعة، وكذا أعمال التخريب والإبادة الجماعيَّة الممنوعة بمقتضى الاتفاقيات الدوليَّة.

  • إذا ارتكبت الجنايات أو الجنح بأراضي المملكة المغربيَّة.
  • إذا كانت الجنايات أو الجنح ولو أنَّها ارتكبت خارج أراضي المملكة قد تمت المتابعة من أجلها بالمغرب ووقع الحكم فيها نهائيًا.
  • إذا كانت الدعوى العموميَّة أو العقوبة قد سقطت بالتقادم قبل تاريخ طلب التسليم حسب التشريع المغربي أو حسب تشريع الدولة الطالبة، وبصفة عامة كلما انقضت أو سقطت الدعوى العمومية المقامة من الدولة الطالبة.

وأيضًا لم يستسهل المُشرّعُ المغربيُّ في تسليمه المتهمين في حالة الجرائم المتعلّقة بالضرائب على اختلاف أنواعها أو بحقوق الجمارك أو بنظام الرصف، إلا بناءً على شرط صريح تتعهّد الدولة الطالبة بمقتضاه ضمن طلب التسليم بأن تقل المعاملة بالمثل في طلبات من نفس النوع.  حيث وضع شرط عدم متابعة الشخص المسلم أو الحكم عليه أو اعتقاله او إخضاعه لأي اجراء آخر مقيد للحرية الشخصية، من أجل أيّ فعل كيفما كان سابقًا لتاريخ التسليم، غير الفعل الَّذِي سلم من أجله إذا وقع في أثناء المسطرة الجارية من الدولة الطالبة تغيير في تكييف الفعل الجرمي، فإنَّ الشخص المُسلّم لا تجري متابعته أو يصدر عليه الحكم إلا إذا كانت العناصر المكونة للجريمة، بوصفها الجديد، تسمح بالتسليم.

بيد أنّه وانطلاقًا مما سبق، يبقى التَّساؤل مطروحًا أو تتبع المسؤولين لما بعد مسطرة التسليم ومتى يتم رفع اليد عن الشخص المسلم؟ وهل يمكن متابعة الدولة المسلمة ومطالبتها بالتعويض عن الضرر وتحمل مسؤوليتها أم أنَّ القانون الدولي وحقوق الإنسان عملة أجنبية تتحقق مع الحق والعدالة الإلهية أو مع قانون القوّة لا قوة القانون؟

إذا كان الطلب يقدم إلى السلطات المغربيَّة كتابةً وبالطريق الدبلوماسيَّة مرفق بالأصل أو بنظيره إما لحكم بعقوبة قابلة للتنفيذ، وإمَّا لأمر بإلقاء القبض أو لكلّ سندٍ إجرائيٍّ آخر قابل للتنفيذ وصادر عن سلطة قضائية، وَفْق الكيفيات المُقرّرة في قانون الدولة الطالبة وبملخص للأفعال الَّتِي طلب من أجلها التسليم، وكذا تاريخ ومحل ارتكابها، وتكييفها القانوني، وتضاف إليه في الوقت نفسه، نسخة من النُّصوص القانونيَّة المُطبّقة على الفعل الجرمي، مع بيان دقيق حسب الإمكان لأوصاف الشخص المطلوب تسليمه وبجريمة المعلومات الأخرى، الَّتِي من شأنها التعريف بهُويته أو جنسيته وبتعهد بالالتزام بمقتضيات المادة (723) من قانون المسطرة الجنائية المغربية، فإنَّ الأمر يتم عبر وزير الشؤون الخارجيّة، الَّذِي يوجه الأمر إلى وزير العدل الَّذِي يتأكّد بدوره من صحّة الطلب ويتّخذ في شأنه ما يلزم قانونًا، وليس أيّ شخص مهما كانت رتبته لإحقاق الحقّ والعدالة، وانطلاقًا ممَّا سبق يبقى الفاعلُ القانونيُّ يتساءل بشأن مدى محاكاة الواقع بنود القانون أم أنَّ هناك استثناء لكلّ قاعدة؟

تابعنا على الفيسبوك