تواصل معنا

آخر الأخبار

بما يشمل قطاع التاكسيات وحراسة السيارات وحركة المرور بتعاون بين الولاية والجماعة.. شوارع طنجة تتخلّص تدريجيًا من الفوضى في عدة مجالات

تسارع مدينة طنجة الخطى للتغلّب على العديد من المظاهر “الفوضى” التي تراكمت في شوارعها منذ عقود، التي أصبحت نتيجة طبيعية لتفشّي منطق الريع واصطياد الفرص وعدم احترام القانون، وذلك في غمرة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المملكة ككلّ، من أجل رسم ملامح تغير تدريجي، لكنه صارم، ارتباطًا برؤية الملك محمد السادس لسنة 2030.

وهكذا، فإنَّ مدينة البوغاز، ومن خلال تعاون ملحوظ بين ولاية جهة طنجة – تطوان الحسيمة والمجلس الجماعي، شرعت في عددٍ من الإجراءات الهادفة لطيّ صفحة الارتباك والعشوائية، الأمر الذي يُمكن أن يلاحظ من خلال القرارات المتعلّقة بإعادة تنظيم قطاع سيارات الأجرة، ووقف فوضى حراس السيارات، ثم تنظم قطاع السير والجولان.

  • رقمنة قطاع التاكسيات

سيكون قطاع سيارات الأجرة في مدينة طنجة، من بين أولى القطاعات الخاضعة لعمليات إعادة التنظيم، في أفق إنهاء الفوضى الكبيرة التي تراكمت داخل هذا المجال بجميع أصنافه، وهي العملية التي انطلقت بالفعل من خلال مراسلة لوزارة الداخلية إلى ولاية جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، من أجل إنهاء لعمل برخص الثقة الورقية، واستبدالها بالرخص البيوميتيريّة، هذه الأخيرة التي أصبحت وحدها مُعتمدة منذ تاريخ فاتح فبراير 2025.

وحسب ما جاء في إعلان لقسم الشؤون الاقتصادية بولاية جهة طنجة تطوان – الحسيمة، صادر بتاريخ 21 يناير 2025، فإنَّ مصالح عمالة طنجة- أصيلة أخبرت كلّ الهيئات النقابيّة والجمعيات المهنية للقطاع سيارات الأجرة بصنفيها الأوّل والثاني العاملة بتراب العمالة، أن عملية التنقيط بالرخص البيومترية ستتمُّ حصريًّا ابتداءً من فاتح فبراير 2025.

وجاء في الإعلان نفسه، أنه يستوجّب على جميع السائقين المهنيين العمل على سحب رخص الثقة البيومترية في أجل أقصاه 31 يناير 2025، حتى يتسنّى لهم القيام بمهامهم في أحسن الظروف، وتابع أن عملية التنقيط بالرخصة البيومترية تُعدُّ إلزامية على كل العاملين بالقطاع، كما أن العمل برخصة الثقة الورقية أصبحت لاغية ابتداءً من التاريخ المذكور.

وعلى أساس هذا القرار فإنَّ الإجراءات القانونيَّة لسيارات الأجرة ستنتقل إلى الفضاء الإلكتروني وسيتم القطع مع النمط التقليدي في تدبير قطاع النقل بواسطة التاكسيات، الذي كانت له مساوئ كثيرة، من خلال هدر الزمن المهني وشلّ حركة النقل العام في بعض الأوقات، بالإضافة إلى التلاعبات التي تشهدها التعاملات الورقية، وستتم عملية التنقيط بواسطة آلة تتضمن برامج خاصة يتم من خلالها حفظ جميع المعلومات التقنيَّة والقانونيَّة عن السيارة، بالإضافة إلى الهوية الكاملة للسائق المهني.

ولتنزيل هذه العملية على أرض الواقع، خصصت ولاية طنجة مركزين لهذه العملية، الأول على مستوى إحدى محطات سيارات الأجرة بمنطقة بوخالف والثانية على مستوى موقف سيارات الأجرة بالمحطة الطرقية الجديدة بمنطقة الحرارين، وهما الموقعان اللذان سيتولى إدارتهما عناصر من الأمن الوطني يوميًّا، كخطوة أولى قبل التحول إلى نظام التنقيط الذاتي من طرف السائقين عبر النظام المعلوماتي، بصورة ستُوفّر الكثير من الوقت والجهد.

هذه الخطوة تأتي بعد إعلان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، في ماي من سنة 2024، عن شروع الحكومة في إعادة تنظيم قطاع سيارات الأجرة على المستوى الوطني، حيث أورد في جوابه على سؤال برلماني أنه سيُجرى اتّخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات وفق خطة عمل مندمجة وتشاركية تهدف أساسًا إلى تأهيل قطاع سيارات الأجرة وتجويد خدماته، مبرزًا أنّه سيتم التركيز بهذا الخصوص على تكريس المهنية بالقطاع وعلى تحسين خدمات سيارات الأجرة وعصرنتها وملاءمتها مع متطلبات كلّ مُستعملي هذه الخِدْمات سواء كانوا مواطنين مغاربة أو مقيمين أو من السياح الأجانب.

وأوضح الوزير، أنَّ السلطات الإقليمية المخول لها بموجب القانون تنظيم قطاع سيارات الأجرة تعمل على تضمين القرارات العاملية التنظيميّة المُحدّدة لشروط استغلال سيارات الأجرة وتقديم خدماتها ولشروط مزاولة المهنة، المقتضيات اللازمة لفرض احترام ضوابط الجودة والسلوك المهني لسائقي سيارات الأجرة، بالنظر إلى محورية دور السائق في الرقي بجودة الخِدْمات المُقدّمة وبصورة القطاع لدى الزبناء، وَفْق ما جاء في جوابه على سؤال من الفريق الحركي بمجلس النواب بشأن تأهيل قطاع سيارات الأجرة ووضع ضوابط موحدة لها على مستوى المملكة.

وأوضح لفتيت، أنّه من خلال هذه القرارات المتعلقة بمزاولة مهنة سياقة سيارة الأجرة ومنح رخصة الثقة، تُحدّد الشروط والمعايير الواجب توفرُها في المقبلين على الاشتغال بالقطاع وشروط تقديم الخدمة وتأطير العلاقة مع الزبناء، والتنصيص على العقوبات في حقّ الممارسات المنافية للقوانين والأنظمة المعمول بها أو تلك اللاأخلاقية والمسيئة للمهنة، لا سيَّما ما يتعلق برفض سائق الأجرة إيصال الزبون إلى وجهته دون مبرر، وعرض الخدمة المشروطة، وعدم إشهار التسعيرة أو الزيادة فيها، وعدم استعمال العداد، وما عداها من السلوكيات غير المسموح بها.

  • إنهاء فوضى حراس السيارات

مجال آخر من المجالات الغارقة في الفوضى يُنتظر أن تطلها تغييرات جذرية بمدينة طنجة، ويتعلق الأمر بمهنة حراسة السيارات، التي يرى كثير من المواطنين أنّها مجال للريع الاقتصادي، من خلال جني أموال طائلة بعيدًا عن أعين السلطات وخارج أي نظام قانوني، بالإضافة إلى كونها من أسوأ مظاهر احتلال الملك العام، وما يفرزه ذلك من مساعٍ لبسط النفوذ بالقوّة على الفضاء المشترك، دون نسيان الإزعاج الذي يتسبَّب فيه هؤلاء للسائقين، الذي يتطوّر في الكثير من الأحيان إلى الابتزازات والتهديدات والاعتداءات اللفظية والجسديّة.

والواضح أنّ إعادة تنظيم هذا القطاع، يشرف عليها مباشرة والي الجهة، يونس التازي، الذي وقَّع قرارًا موجهًا إلى رؤساء مقاطعات طنجة، المدينة بني مكادة والسواني ومغوغة، بتاريخ 3 شتنبر 2024، بشأن إيقاف إصدار رخص حراسة السيارات في الشوارع والأزقة والساحات العمومية.

وأوردت المراسلة، أنّه من أجل الحدّ من استفحال ظاهرة احتلال الفضاء العام من قبل حراس السيارات بمختلف الشوارع والأزقة والساحات العمومية الموجودة بالنفوذ الترابي للمقاطعات الأربع، وما تخلّفه من سلوكيات وممارسات غير قانونية ومظاهر سلبية تفرزها بالشارع العام، فإنّه يتوجّب اتّخاذ التدابير اللازمة لوقف إصدار رخص حراسة السيارات في الشوارع الرئيسية والساحات العمومية التابعة للنفوذ الترابي لرؤساء المقاطعات، في انتظار وضع إطار قانوني مُحكم لتدبير مرفق ركن العربات.

تحرّك الوالي التازي، يأتي بعد تزايد الحملات الرافضة لاستمرار انتشار حراس السيارات في شوارع المدن المغربية، بالتزامن مع استعدادات المغرب لاحتضان أحداث كبرى، بداية من كأس إفريقيا 2025 التي ستنطلق في دجنبر المقبل، وأيضًا بسبب تزايد مشاهد الاعتداءات التي يقف وراءه أصحاب “السترات الصفراء” التي يتمُّ توثيقُها ونشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وفي يوليوز من سنة 2023، أدى ذلك لمساءلة وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، عبر فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الذي وجه له مراسلة كتابية مُوقّع من طرف النائب أحمد العبادي، الذي نبَّه -من خلالها- إلى الخروقات والمضايقات التي يتعرض لها المواطنون والمواطنات من طرف من يسمون حراس السيارات.

وأورد السؤال، أنَّ مختلف مدن المملكة، خاصّةً خلال فترة الصيف، تعيش على وقع مضايقات واستفزازات من طرف أشخاص يرتدون سترات صفراء، ويسمون أنفسهم حراس السيارات بمختلف الشوارع والأزقة، ويفرضون إتاواتٍ، بصورة عشوائية وقسريّة، على المواطنين الذين يضطرون إلى ركن عرباتهم بتلك الأماكن العموميّة.

وحسب المراسلة، فإنَّه من المفروض أن يخضع تدبير هذه الأماكن لمجالس الجماعات الترابية، حيث من المعلوم إنّه لا يمكن فرض أي مقابل مادي عن هذه الخدمة إلا بمقتضى القانون، مشيرة إلى هذه الظاهرة السلبية أصبحت تُثير استياء عارمًا لدى المواطنات والمواطنين، جراء ما يتعرضون له من سوء المعاملة والابتزاز الذي يتحول أحيانا إلى التهديد والسب والشتم.

وأشار النائب البرلماني، إلى أنَّ الظاهرة تطوّرت إلى استغلال بعض الأشخاص للظروف الاجتماعية الهشة والمزرية لحاملي السترات الصفراء، ودفعهم نحو ابتزاز وتهديد مستعملي الأماكن العمومية ومنعهم من ركن عرباتهم، إن هم رفضوا أداء الإتاوات غير المشروعة التي يحددونها بصورة مزاجية ومتعسفة في غياب أي مراقبة أو تدخل من الجهات المعنية، داعيًا إلى اتِّخاذ التدابير والإجراءات اللازمة، لأجل حماية المواطنات والمواطنين من هذه السلوكيات الخارجة عن القانون، التي تترتّب عنها أحيانًا حوادث مأساوية.

وفي 2021، أصدرت وزارة الداخلية، من خلال الوزير المنتدب السابق نور الدين بوطيب، توضيحًا بخصوص مهنة حراسة السيارات، أكَّدت أمام البرلمان، أن استغلال مرفق وقوف السيارات يدخل في إطار الاحتلال المؤقت للملك العمومي الخاضع لمجموعة من القوانين والأنظمة.

أوضح بوطيب، في معرض ردّه على سؤال شفوي حول “غياب إطار تنظيمي لمهنة حراسة السيارات”، تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن “استغلال مرفق وقوف السيارات يدخل في إطار الاحتلال المؤقت للملك العمومي الذي يخضع لمجموعة من القوانين والأنظمة، ولا سيَّما القانون التنظيمي (14.113) المتعلق بالجماعات، الَّذِي خوّل للسلطات المحلية والمجالس المحلية ورؤسائها، كل فيما يخصه، صلاحية تنظيم ومراقبة مجال الاحتلال المؤقت للملك العمومي عمومًا.

وحسب المصدر نفسه، فإنَّ تنظيم مرافق العربات بالطرق والساحات العمومية وتدبيرها، هو اختصاص مخول لرؤساء المجالس الجماعية، مضيفًا أنَّ مجموعة من الجماعات اتّجهت نحو وضع آليات عصرية تهدف إلى تدبير مرافق وقوف العربات على الطرق العمومية، عن طريق إحداث شركات للتنمية المحلية أو التدبير المفوض.

وسجلت زارة الداخلية، أنَّ الآليات العصرية السالفة الذكر بدأ تطبيقها فعليًّا في بعض المدن الكبرى، التي أصبح فيها هذا القطاع منظمًا، وتمّ الحد من تطاول بعض الأشخاص عليه بصفة غير قانونية، كما تم إعطاء الفرصة لتشغيل وتنظيم هؤلاء الحراس بشركات مهيكلة خاضعين لقوانين الشغل المعمول بها.

وخلصت الوزارة إلى أنَّ السلطات الإقليمية تعمل على عقد عدّة اجتماعات بشأن مسألة تنظيم مواقف السيارات، وتضمُّ مختلف المتدخلين من مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي والسلطات المحلية، من أجل اتِّخاذ التدابير وتكثيف المجهودات بغرض مواجهة كل ما من شأنه أن يخل بتنظيم السير والجولان عمومًا.

  • إعادة تنظيم حركة المرور

محاولات إنهاء الفوضى، طالت أيضا حركة المرور بالمدينة التي انعكس نموها الديمغرافي على انتشار العربات في شوارعها، متسببًا في فوضى كبيرة واختناق مروري، الأمر الذي بدأت معالمه تتّضح من خلال نشر العديد من الإشارات الضوئية على طول الشوارع الرئيسية مثل شارع الجيش الملكي وشارع مولاي رشيد.

وحسب ما تمّ الإعلان عنه رسميًّا من طرف جماعة طنجة في يوليوز من سنة 2024، فقد تمَّ رصد اعتمادات مالية بقيمة تصل إلى 136 مليون درهم لتنفيذ برنامج يروم توسعة شبكة المراقبة بالفضاء العام وتنظيم حركة السير والجولان بمدينة طنجة، ويهدف هذا المشروع، الذي شكَّل موضوع اتِّفاقية شراكة متعدّدة الأطراف، إلى تجهيز الفضاءات العامة بأنظمة المراقبة بالكاميرات، وتعزيز التشوير الطرقي عبر تثبيت أضواء المرور قصد تمكين مصالح الأمن الوطني من ضبط وتدبير حركة السير والجولان وزجر المخالفين.

هذه الاتِّفاقية وفَّرت الوسائل الضرورية لمحاربة مظاهر الإخلال بالقانون المرتكبة بالشارع العام، وحماية الممتلكات الخاصة والعامة، إضافة إلى تنظيم عملية وقوف مركبات توصيل وتوزيع السلع والبضائع، الأمر الذي أكَّدته مذكرة إخبارية لجماعة طنجة، التي صادقت على الاتِّفاقية خلال دورة استثنائيَّة، رصدت خلالها غلافًا ماليًّا بقيمة تصل إلى 54 مليون درهم من أجل المساهمة في تمويل هذا المشروع.

وحدَّدت الوثيقة، وَفْق ما أكدته الجماعة، مدّة إنجاز المشروعات المدرجة فيها، في ثلاث سنوات، ابتداءً من تاريخ التأشير عليها، وتجمع كلا من وزارة الداخلية، وولاية ومجلس جهة طنجة – تطوان – الحسيمة، وكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، إلى جانب المجلس الجماعي لطنجة بالطبع.

منير ليموري، عمدة مدينة طنجة، كان قد تفاعل مع هذا الموضع مؤخرًا من خلال حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إذ اعتبر أن تركيب منظومة الأضواء الذكية للتشوير الطرقي في أهم الشوارع والمدارات بطنجة يُعدُّ إجراءً مُهمًّا، لكنه يشكل فقط جزءًا من مخطط متكامل يهدف إلى التغلُّب على الإشكاليات المتعلّقة بحركة السير والجولان في المدينة.

هذا الإجراء، وَفْق العمدة، جاء استنادًا إلى مخرجات دراسات دقيقة أجراها مكتب متخصص في مجال النقل والتخطيط الحضري، وتم تصميم المُخطّط وَفْقًا لأحدث المعايير التكنولوجية لضمان تحسين تدفق حركة المرور، مضيفًا أنَّ النتائج المرجوة من هذا النظام لن تكون فوريةً، بل ستظهر تدريجيًّا مع مرور الوقت، حيث سيُعزّز هذا الإجراء من تنظيم حركة السير ويسهم في تقليل الازدحام.

وأورد عمدة طنجة، أنَّ هذا الإجراء لا يعالج المشكلة بصورة كاملة، بل يتكامل مع المشروعات الكبرى التي يتمُّ تنفيذها حاليًا، مثل تطوير شبكة النقل الحضري وتحسين البنية التحتية المتعلقة بالنقل، مضيفًا أنَّه في إطار المقاربة الجديدة للنقل الحضري، سيُسهم هذا التحسين في تعزيز فعالية النقل العام، ما سيُؤدّي إلى تخفيف الضغط على الطرق الرئيسية وتقديم حلول مستدامة لمشكلة الازدحام مستقبلًا.

 

تابعنا على الفيسبوك