تواصل معنا

مجتمع

العنف ضد الأساتذة.. ظاهرة تستفحل في غياب المقاربة الاستباقية‎‎

تعدت ظاهرة العنف المحيط المدارسي، لتجد لنفسها موطأ قدم داخل حجرات الدراسة، وقد تزايدت هَذِهِ الظاهرة بشكل لافتٍ من قبل بعض التلاميذ ضد أساتذتهم، حيث يجد عددٌ من الأساتذة ضحية بعض حوادث العنف المؤسفة، الَّتِي تخلف أحيانًا لبعضهم عاهات جسدية متفاوتة الخطورة.

وتثير ظاهرة العنف ضد المدرسين جدلًا قديمًا جديدًا داخل الأوساط التربوية، كلما تعرض أحد الأساتذة إلى حادث اعتداء جسدي، لتكثر الشكاوى وأحيانا الدعاوى ضد بعض التلاميذ.

وتتّخذ ظاهرة العنف المدرسي بصفة عامة نمطين رئيسيين أحدهما معنوي والآخر مادي، والعنف الرمزي أو المعنوي يتّخذ عدّة أشكال منها، التفوه بالكلام النابي بين التلاميذ بعضهم بعضًا واتجاه الأساتذة، واستعمال الإيماءات الاستفزازية المسيئة، وتبادل السبّ والشتم والقذف والتحرش اللفظي، وكتابة ذلك على جدران الحجرات وغيرها من المرافق المدرسية.

أمَّا العنف المادي فيتجلّى في وقائع اشتباك التلاميذ فيما بينهم، الَّذِي يتطوّر ممارسة العنف خلاله لدرجة خطيرة،

من التدافع القوي بين التلاميذ في الساحة وأثناء الخروج من المؤسسة، إلى إتلاف ممتلكات المدرسة (النوافذ والكراسي والسبورة وتخريب المرافق الرياضية)، وقد تصل أحيانا للضرب والجرح والاعتداء باستعمال السلاح الأبيض والتشهير والتهديد به وإلى القتل.

ويربط عددٌ من المهتمين بالظاهرة، التحولات الَّتِي يشهدها المجتمعُ المغربيُّ، بالتحوّلات الَّتِي يعيشها التلميذ من خلال إقحامه في عالم تعاطي المخدرات والأقراص المهلوسة، إضافة إلى التأثير الَّذِي تمارسه الشبكة العنكبوتية على القاصرين. وفي هَذَا الإطار يشار إلى أن التلميذ، الَّذِي يتعاطى المخدرات قوية التأثير يبقى دائمًا مرشحًا لارتكاب العنف، في حالة انقطاعه عن تعاطي المادة المخدرة، وهو ما يضعه على حافة المواجهة مع الأستاذ وباقي الأطر التربوية، عند أبسط المواقف وفي أي لحظة.

كما ينظر للوضعية الحالية على أنَّها من مظاهر تفكّك منظومة القيم لدى التلميذ، في غياب شبه تام لدور جمعيات الآباء وأولياء التلاميذ، وكذا فعاليات المجتمع المدني ومختلف القطاعات المعنية.

ومن بين مؤشرات تزايد العنف المدرسي، ما يظهر بين الفينة والأخرى من قرارات التوقيف والطرد، الَّتِي تتّخذها المجالس التأديبية في عددٍ من المؤسّسات التعليمية.

ويعتبر مواطنون، أنَّ وزارة التربية الوطنية لم تفلح -لحد الآن- في إقرار استراتيجية استباقية متماسكة تستهدف الحدّ من هَذِهِ السلوكيات الخطيرة، ناهيك عن اكتفاء الأساتذة أنفسهم بعرض التلاميذ على المجالس التأديبية للمؤسسة دون سلوك المساطر القانونية ذات الصلة، ويُسجّل أن أغلبهم يتنازلون عن حقهم في المتابعة القضائية للمعتدين، بعد وساطات أُسرية أو مهنية، أو استحضارا منهم كذلك لدورهم التربوي ما يدفعهم لمراعاة للمرحلة العمرية والسيكولوجية الَّتِي يمرّ منها التلاميذ.

وفي بعض الحالات قد يلجأ المعتدون للتحايل عن طريق الإدلاء بتقارير طبية كيدية، ودون اكتراث لأي اعتبار، ما يُوفّر لهم الفرصة لابتزاز الأستاذ المعتدى عليه وأحيانًا تهديده.

لقد بات العنف المدرسي ظاهرةً من الظواهر الَّتِي تؤرق بال الأسرة التعليمية، إذ يوضع الأستاذ أمام خيارات صعبة، بين التوقيف أو الصلح، وهو ما يضطر معه الأستاذ لإسقاط حقه أو عدم التقدّم بشكوى ضد المعتدين من الأصل، فقط رغبة في تفادي مشاكل الشكاوى والتوقيف والتعقيدات الإجرائيّة، زيادة على عدم استساغة بعضِهم فكرة ولوج المحاكم بين مربيى وتلميذه، تخوفًا من الإدانة المعنوية.

تابعنا على الفيسبوك