تواصل معنا

آخر الأخبار

طنجة في مرمى الأعاصير.. فهل من دروس مستفادة من كارثة فالينسيا؟‎

تشهد المدن الساحلية المغربيَّة، وعلى رأسها طنجة، تحوّلاتٍ مُناخيَّةً متسارعة تُهدّد بتغيير معالمها وتعرّضها لمخاطر متزايدة. وتتواتر آراء الخبراء البيئيين، مشيرة إلى أنَّ المغرب بات «نقطة مناخيَّة ساخنة»، وأن المدن الساحلية على وجه الخصوص أصبحت أكثر عرضة للعواصف والأعاصير وارتفاع مستوى سطح البحر.

وتتميّز طنجة بجمالها الطبيعي وقيمتها التاريخيَّة والسياحيَّة، ما يجعلها وجهةً جاذبةً، لكنَّها في الوقت نفسه عرضةً لتقلبات الطقس المتطرَّفة بسبب موقعها الجغرافي الاستثنائي على ضفّتي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، الَّذِي يضعها في قلب هَذِهِ التهديدات المناخيَّة.

وتذكرنا الكارثة الَّتِي حلَّت بمدينة فالينسيا الإسبانيَّة، مؤخرًا، بفعل إعصار «دانا» بأهميَّة الاستعداد لمواجهة مثل هَذِهِ الأحداث، فالفيضانات المُدمّرة والخسائر البشريَّة والماديَّة الجسيمة الَّتِي خلَّفتها هَذِهِ الكارثة، كشفت عن هشاشة المدن الساحليَّة أمام قوّة السيول والعواصف.

إنَّ المقارنة بين طنجة وفالينسيا تبرز العديد من أوجه التشابه، فالمدينتان كلتاهما تتميّز بموقع ساحلي جذَّاب، وتعتمد على السياحة كمصدرٍ مُهمٍّ للمداخيل، غير أنَّ الاختلاف يكمن في مستوى الاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعيَّة.

فالينسيا رغم أنَّها عانت كارثةً كبيرةً، فإنّها تمتلك بنيَّة تحتيَّة متطوّرة على نطاقٍ واسعٍ ونظام إنذار مُبكّر، ما ساهم في الحدّ من الخسائر، أمَّا طنجة فما زال أمامها الكثير لتفعله لتعزيز قدرتها على مواجهة التحدّيات المناخيَّة، إذ يجب على السلطات المعنيَّة تدارك مجموعة من الهفوات عبر تدابير عاجلة وطويلة الأمد، من قبيل تعزيز أنظمة الإنذار المبكر وتطوير شبكة متكاملة من أجهزة الرصد والإنذار المبكر لتتبّع العواصف والأعاصير وتنبيه السكان قبل وقوع الكارثة.

كما يجب إعادة النظر في البنيَّة التحتيَّة ببعض أحياء المدينة، خاصّةً شبكات الصرف الصحي وأنظمة تصريف المياه، لجعلها قادرةً على تحمّل العبء في حالة حدوث فيضانات، مع وضع خطط طوارئ واضحة المعالم تتضمَّن إجراءات إخلاء وتوزيع المساعدات وتنسيق الجهود بين مختلف الأجهزة الحكوميَّة والمنظمات المدنيَّة.

وفي مثل هكذا كوارث يلعب الوعي العام لدى السكان ومستوى المعرفة حول كيفيَّة التصرف دورًا مُهمًّا في التصدّي للصعوبات وإنقاذ الأرواح، لهَذَا فإن تنظيم حملات توعيَّة واسعة النطاق لشرح مخاطر التغيرات المناخيَّة وكيفيَّة حماية أنفسهم وعائلاتهم يُعدُّ من التدابير المُهمّة.

إن مواجهة التحدّيات المناخيَّة تتطلَّب تضافر جهود الجميع، فالحفاظ على طنجة، هَذِهِ المدينة العريقة، يتطلب من الجميع الاستعداد لمواجهة المستقبل والتكيّف مع التغيرات الَّتِي يشهدها العالم، مع تعزيز التعاون الدولي لتبادل الخبرات والمعارف في مجال إدارة الكوارث وتطوير الحلول المستدامة.

إن كارثة فالينسيا بمنزلة جرس إنذار يفرض على عاصمة البوغاز استخلاص الدروس من هَذِهِ التجربة المؤلمة، والدفع بتكثيف الجهود لحماية طنجة من مخاطر التغيرات المناخيَّة، حفاظًا على الأرواح من جهة، وعلى جمالها وحيويتها للأجيال القادمة من جهة أخرى.

تابعنا على الفيسبوك