القانون والناس
طلاق المغربية المسلمة والأجنبي غير المسلم بين التذييل وواقع القانون

أسفرت الحياة المتطوّرة والعولمة عن جعل العالم قرية صغيرة، لا تمنع مساحاتها الشاسعة من حرّيات التنقّل والتزاوج بين المغاربة والجنسيات الأجنبيّة، خصوصًا الفتاة المغربيّة، لما لها من مميّزات عديدة، خاصة أن هَذَا الانفتاح أسفر عن زواج المغربيّات من الجنسيات الأخرى ومن مختلف الطوائف والديانات، غير أنَّ المُشرّع المغربيَّ حدَّد، حسب مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة (39) من مدونة الأسرة موانع الزواج، بأنّه لا يمكن زواج المسلمة بغير المسلم، والمسلم بغير المسلمة ما لم تكن كتابية.
بيد أنَّ الواقع له رؤيا مغايرة، حيث إنّه ولأسباب أو لأخرى قد تتزوّج مغربيّة مسلمة بأجنبي غير مسلم، وكذلك المغربيّ بغير كتابية، ولظروف ما قد تنتهي هَذِهِ العلاقة باستصدار حكمٍ بالتطليق عن محكمة الإقامة الأجنبيّة. لتعود كلّ من المغربيّ أو المغربيّة إلى أرض الوطن بحكم طلاق ناتج عن زواج فاسد أو باطل، غير أنَّ هَذَا الحكم هل يجب أن يُذيّل بصيغة تنفيذية من طرف السلطات المغربية أم يجب اعتباره هو والعدم سواء؟!
فهل طلب تذييل هَذَا الحكم أمام المحاكم المغربية يطرح إشكالًا، بشأن قابلية هَذَا الطلب لاستجابة، بكونه عقدَ زواج باطلًا، حسب منظور مدونة الأسرة المغربية؟ أم أنَّ الجواب عن هَذَا الإشكال يقتضي -بصفة مسبقة- تحديد صلاحية قاضي التذييل المغربي؟ وإن كان التساؤل بشأن ما إذا كان دور هَذَا الأخير يحتّم عليه مراقبة صحة عقد الزواج، ما دام أنَّ العقد الَّذِي يجب تذييله هو الحكم بالتطليق أو الطلاق وليس عقد الزواج أصلًا؟
فهل يعتبر مجاراة طلب تذييل هَذَا الطلاق إقرارًا ضمنيًا وتسليمًا بصحة الزواج أم أنَّ الأمر لا يتعدى إجراءً مسطريًا لحكم قضاء أجنبي، ويجب فقط مراقبة شروط تذييل الحكم كما حدّدها المُشرّعُ في الفصل (430) من قانون المسطرة المدنية؟
لا شكّ أنَّ دعوى التذييل، سطَّره المُشرّعُ المغربيُّ بالمادة (430) من قانون المسطرة المدنية، حيث إنّه: «لا تنفذ في المغرب الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما».
يجب على المحكمة، الَّتِي يقدم إليها الطلب، أن تتأكّد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية الَّتِي أصدرته، وتتحقّق أيضًا من عدم مساس أيّ محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي، غير أنّه بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، تُذيّل بالصيغة التنفيذيّة من طرف رئيس المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان تنفيذ الحكم أو لمحل إبرام عقد الزواج.
يستدعي رئيس المحكمة، أو من ينوب عنه، المدعى عليه عند الاقتضاء، ويبت رئيس المحكمة، أو من ينوب عنه، في الطلب داخل أجل أسبوع من إيداعه.
الأمر الصادر يمنح الصيغة التنفيذيّة للحكم الأجنبي، في هَذِهِ الحالة، يكون غير قابلٍ لأي طعن في الجزء المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجيّة، ما عدا من طرف النيابة العامة، مع مراعاة أحكام الفقرة السابقة، يكون الأمر قابلًا للاستئناف داخل أجل خمسة عشر (15) يومًا أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.
يجب على كتابة الضبط أن توجّه مقالَ الاستئناف، مع المستندات المرفقة، إلى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ إيداع مقال الاستئناف.
يبت الرئيس الأول، أو من ينوب عنه، داخل أجل عشرة أيّام من تاريخ توصل كتابة الضبط بالملف.
لا يقبل القرار الصادر الطعن بالتعرض.
