تواصل معنا

مجتمع

تردي المنظومة الصحية يسائل استعداد طنجة لتنظيم مونديال 2030 والتظاهرات الدولية

تعيش‭ ‬منظومة‭ ‬الصحة‭ ‬بشقيها‭ ‬العموميّ‭ ‬والخصوصي،‭ ‬تدهورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وتتعدّد‭ ‬معوقاته‭ ‬الَّتِي‭ ‬أجبرت‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬الهجرة‭ ‬نحو‭ ‬الخارج،‭ ‬ما‭ ‬يدق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬صحة‭ ‬المغاربة‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وطرح‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬سؤال‭ ‬تحديات‭ ‬تنظيم‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2030،‭ ‬ويبقى‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكبر‭ ‬المشكلات‭ ‬المطروحة‭ ‬على‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحيَّة‭ ‬بطنجة،‭ ‬ضعف‭ ‬التجهيزات،‭ ‬والميزانيَّة‭ ‬الحكوميَّة‭ ‬المخصصة‭ ‬للقطاع،‭ ‬وضعف‭ ‬التكوين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تدبير‭ ‬المنشآت‭ ‬الصحيَّة‭.‬

وقد‭ ‬شكل‭ ‬المستشفى‭ ‬الجامعي‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬عند‭ ‬تشييده‭ ‬وتجهيزه‭ ‬أملًا‭ ‬للمواطنين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أضحى‭ ‬المستشفى‭ ‬الجهوي‭ ‬محمد‭ ‬الخامس،‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬كثيرين،‭ ‬نقطةً‭ ‬سوداءَ‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬مدينة‭ ‬بحجم‭ ‬طنجة،‭ ‬خاصّةً‭ ‬أنَّها‭ ‬كانت‭ ‬تضمُّ‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬مرافق‭ ‬تقدّم‭ ‬خِدْمات‭ ‬طبيَّة‭ ‬بمعايير‭ ‬عالية‭ ‬الجودة،‭ ‬فإنّ‭ ‬هَذَا‭ ‬الأمل‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تبخر‭ ‬وأصبح‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التحدّيات‭ ‬الهيكليَّة‭ ‬والتنظيميَّة،‭ ‬الَّتِي‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬الخِدْمات‭ ‬المُقدّمة‭ ‬للمرضى‭.‬

ويفتقر‭ ‬هَذَا‭ ‬المستشفى‭ ‬العملاق‭ ‬الَّذِي‭ ‬شُيِّد‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الورش‭ ‬الملكي‭ ‬الهادف‭ ‬لتعزيز‭ ‬البنيَّة‭ ‬التحتيَّة‭ ‬الوطنيَّة‭ ‬إلى‭ ‬أطر‭ ‬التقنيات‭ ‬البيوطبيَّة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬سائر‭ ‬المستشفيات‭ ‬الوطنيَّة،‭ ‬لتدبير‭ ‬المعدات‭ ‬المتطورة‭ ‬واستغلالها،‭ ‬ما‭ ‬يعرضها‭ ‬لخطر‭ ‬للتلف‭ ‬والضياع‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬استعمالها‭ ‬أو‭ ‬الاستخدام‭ ‬العشوائي‭ ‬لها،‭ ‬علمًا‭ ‬أنَّها‭ ‬كلفت‭ ‬أموالًا‭ ‬طائلةً،‭ ‬حتَّى‭ ‬أضحى‭ ‬بعد‭ ‬وقت‭ ‬وجيز‭ ‬من‭ ‬تدشينه‭ ‬لا‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬المستويات‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬أصبحت‭ ‬المصحات‭ ‬الخاصّةً‭ ‬بعد‭ ‬تكاثرها‭ ‬بطنجة،‭ ‬مجالًا‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬الاغتناء‭ ‬ومراكمة‭ ‬الأموال‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬صحة‭ ‬المواطنين،‭ ‬فيما‭ ‬يلاحظ‭ ‬غياب‭ ‬مراقبة‭ ‬الوزارة‭ ‬الوصيَّة‭ ‬وتقصير‭ ‬مفتشي‭ ‬الحسابات‭ ‬لافتحاص‭ ‬مالية‭ ‬هَذِهِ‭ ‬المصحّات‭ ‬الَّتِي‭ ‬تعمد‭ ‬معظمها‭ ‬إلى‭ ‬تعديل‭ ‬الأرقام‭ ‬المصرح‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬محاسبيها،‭ ‬تفاديًّا‭ ‬للوفاء‭ ‬بضريبة‭ ‬الأرباح‭ ‬لخزينة‭ ‬الدولة،‭ ‬ما‭ ‬يدر‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬هَذِهِ‭ ‬المصحات‭ ‬أموالا‭ ‬طائلة‭.‬

وتعج‭ ‬صفحات‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمواقع‭ ‬الإلكترونيَّة،‭ ‬بشكايات‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬طالبي‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحيَّة‭ ‬بالمصحات‭ ‬الخاصة،‭ ‬يشكلون‭ ‬فيها‭ ‬ممارسات‭ ‬مسؤولي‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬هَذِهِ‭ ‬المؤسَّسات‭ ‬الصحيَّة،‭ ‬ويتحدَّثون‭ ‬عن‭ ‬معاملتهم‭ ‬بمنطق‭ ‬تجاري‭ ‬محض‭ ‬لا‭ ‬يراعي‭ ‬حاجة‭ ‬المريض‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬درجة‭ ‬الاستعجال‭ ‬وخطورة‭ ‬حالته‭ ‬الصحيَّة‭.‬

وتتعدد‭ ‬حالات‭ ‬رفض‭ ‬المصحات‭ ‬الخاصة‭ ‬استقبال‭ ‬مرضى،‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬إيداع‭ ‬مرافقيهم‭ ‬لتسبيق‭ ‬مالي‭ ‬يتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬3000‭ ‬درهم‭ ‬و5000‭ ‬درهم،‭ ‬كشرط‭ ‬تفرضه‭ ‬إدارة‭ ‬هَذِهِ‭ ‬المصحات‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مريض،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬معايدته‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الطبيب‭ ‬للتشخيص‭ ‬ثُمّ‭ ‬الطبيب‭ ‬المتخصص‭ ‬إن‭ ‬وجد‭.‬

الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أنَّه‭ ‬بات‭ ‬واضحًا‭ ‬جدًا‭ ‬أن‭ ‬المرحلة‭ ‬تستدعي‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬تحدّيات‭ ‬المنظومة‭ ‬الصحيَّة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬بطرق‭ ‬أكثر‭ ‬نجاعةً،‭ ‬وبعقلية‭ ‬احترافيَّة،‭ ‬تتجاوز‭ ‬الحسابات‭ ‬الضيّقة،‭ ‬إلى‭ ‬منطق‭ ‬يضع‭ ‬المرافق‭ ‬والمنشآت‭ ‬الصحيَّة‭ ‬للمدينة‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬التوجهات‭ ‬الاستراتيجيَّة‭ ‬للبلاد،‭ ‬وكذا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬مصالحه‭ ‬الوطنيَّة‭.‬

وبما‭ ‬أنَّ‭ ‬المغرب‭ ‬ملتزم‭ ‬بتنظيم‭ ‬مشترك‭ ‬لنهائيات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬مع‭ ‬بلدين‭ ‬أوروبيّين،‭ ‬فإن‭ ‬هَذِهِ‭ ‬التظاهرة‭ ‬الرياضيَّة‭ ‬العالميَّة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬المخططات‭ ‬الاجتماعيَّة‭ ‬والقطاعيَّة‭ ‬للبلاد،‭ ‬وأن‭ ‬تدار‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الهفوات‭ ‬الَّتِي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬إضعاف‭ ‬تنافسيَّة‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬هكذا‭ ‬استحقاقات‭.‬

تابعنا على الفيسبوك