تواصل معنا

القانون والناس

«البوز» الإلكتروني وظاهرة الاسترزاق.. أي قانون مؤطر؟

انتشرت -في الآونة الأخيرة بوسائل التواصل الاجتماعي- ظاهرةً يندى لها الجبين من قبل طفيليات المجتمع، الَّذِينَ يسترزقون من هَذِهِ الأخيرة بنشر حياتهم الخاصّة وحياة المحيطين بهم، ناهيك عن لعبهم دورَ البطولة وأخذهم موقعَ ممثّلي الحقّ العام والشرطة القضائية، غير مكترثين بما سنَّه المُشرّعُ المغربيُّ في القسم الثالث من ظهير 15 نوفمبر 1958، بشأن قانون الصحافة بالمغرب تحت عنوان «الجنح الماسة بالأشخاص»، الَّتِي يمكن أن ترتكب عن طريق النشر، وهَذِهِ الجرائم تتجلّى بالاعتداء على شرف والتشهير والسبّ والقذف.

وباستعراض الجرائم الَّتِي تندرج تحت هَذَا القسم، نجد أنَّها تشمل القذفَ والسبَّ والاعتداءَ على الحياة الخاصة للأفراد، غير أنّه بالرجوع إلى مقتضيات القانون الجنائيّ المغربيّ، وبالأخص الفصل (445) الَّذِي نص على أنه:
من أبلغ بأي وسيلة كانت، وشاية كاذبة ضد شخص أو أكثر إلى الضباط القضائيّين أو إلى ضبّاط الشرطة القضائيّة أو الإدارية أو إلى هيئات مختصّة باتّخاذ إجراءات بشأنها أو تقديمها إلى السلطة المختصّة، وكذلك من أبلغ الوشاية إلى رؤساء المبلغ ضدّه أو أصحاب العمل الَّذِينَ يعمل لديهم، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة من مئة وعشرين إلى ألف درهم، ويجوز للمحكمة أن تأمر علاوةً على ذلك، بنشر حكمها كلّه أو بعضه في صحيفة أو أكثر، على نفقة المحكوم عليه.

وإذا كانت الوقائعُ المبلغُ بها تستوجب زجرًا جزائيًا أو إداريًا، فإنَّ المتابعة عن الوشاية الكاذبة، تطبيقًا لهَذَا النص، يمكن الشروع فيها، إما عقب الحكم النهائيّ ببراءة المبلغ ضده أو إعفائه أو عقب إصدار أمرٍ أو قرارٍ بعدم متابعته، أو عقب حفظ الشكاية بأمر من أحد رجال القضاء أو المُوظّف أو رئيس المبلغ ضده أو مستخدمه المختصّ بالبتّ في الشكاية.

وعلى المحكمة الَّتِي ترفع لها الدعوى، بمقتضى هَذَا الفصل، أن تأمر بوقف نظر دعوى البلاغ الكاذب، إذا كانت المتابعة عن الواقعة المبلغ بها ما زالت جارية. ممَّا يستشف منه أنَّ واقعة تبليغ وشاية كاذبة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، هي أكبر ضررٍ من تبليغ الشرطة والهيئات المعنية، وأنَّ مَن يُنصّب نفسه محقّقًا ومدافعًا عن الحقّ دون أن يحمل شهادة تُخوّل له ذلك هو عبارة عن تطفّلٍ وتعدٍ، يجب على السلطات المختصّة التصدّي له والعمل على دحضه من الأساس لكي نُحقّق الأمنَ القانونيَّ ونُجسّده على أرض الواقع، وتبعًا لما سُطّر سالفًا، فالمُشرّعُ المغربيُّ أطَّر حقَّ تقديم المعلومات، وأعطى أرقامًا خضراءَ لكلّ من لديه الحقّ، وعاقب بالقسم الثالث -في الجنح الماسة بالأشخاص بقانون الصحافة والنشر، الَّذِي جاء في فصله (44) على أنه: «يعد قذفا ادّعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيأة إذا كانت هَذِهِ الواقعة تمسّ شرفَ أو اعتبار الشخص أو الهيأة الَّتِي نُسبت إليها».

ويعد سبًا كلّ تعبير شائن أو مشين أو عبارة تحقير حاطة من الكرامة، أو قدح لا يتضمن نسبة أية واقعة معينة.

ويعاقب على نشر هَذَا القذف أو السبّ، سواء كان هَذَا النشر بطريقة مباشرة أو بطريق النقل، حتّى ولو أفرغ ذلك في صيغة الشكّ والارتياب، أو كان يشار في النشر إلى شخص أو هيئة لم تعين بكيفية صريحة، ولكن يمكن إدراكه من خلال عبارات الخطب، أو الصياح أو التهديدات أو المكتوبات أو المطبوعات أو الملصقات أو الإعلانات المجرمة.
يتبع…

تابعنا على الفيسبوك