تواصل معنا

مجتمع

في ظل تزايد حالات الطلاق.. أي حياة للأم المطلقة وأطفالها؟‎ ‎

بعد سنوات من دخولها حيّز التنفيذ، وبعد المستجدّات، الَّتِي أتت بها الوثيقة الدستورية لسنة 2011، بات من الضروري تقييم نجاعة أحكام المدونة ومساطرها في ضمان حماية الأسرة من جهة، ومدى مطابقتها مبادئ المساواة والمناصفة، الَّتِي نصَّ عليها دستور 2011 من جهة أخرى، وما يجعل مراجعة نصوص المدونة لبنة أساسية في دعم صلابة الأسرة المغربية، خصوصًا بعد مرور قرابة العقدين على تطبيق مدونة الأسرة، ما يعرفه المجتمع والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان من تطوّرات مستمرّة.

ورغم ما تُؤكّده وزارة العدل بشأن جعل مدونة الأسرة، الطلاق والتطليق تحت مراقبة القضاء للحد من التعسف الَّذِي يستعمله الزوج أحيانًا في ممارسة هَذَا الحقّ، وتفادي ما يترتب عن الطلاق من أضرارٍ للمرأة والأطفال، وضمانًا لاستقرار الأسرة وحمايتها من التفكك، وتوفير أسباب تنشئة الأطفال تنشئة سليمة، وأنَّ مدونة الأسرة أجازت حلّ ميثاق الزوجية عند الضرورة القصوى فقط.

فإنَّ الطفل والأم المطلقة ما زالا عرضةً للعديد من المشاكل، الَّتِي تعقد تمتعهما بحقوقهما في أحيان كثيرة، إما بسبب ثغرات النص القانوني، وإما بسبب تعقيدات إدارية لا تساير التقدّم الحاصل على مستوى النصّ.

ومن بين الإشكالات المطروحة بهَذَا الصدد، معاناة العديد من الأمّهات المغربيّات المقيمات بالخارج، خاصّةً المطلقات منهن، من صعوبة إعداد الوثائق الثبوتية الرسمية لأبنائهن، من قبيل البطاقة الوطنية للتعريف وجواز السفر، في أرض الوطن كما في خارجه، بسبب رفض الآباء إعداد تلك الوثائق لأبنائهم.

وتصطدم هَؤُلَاءِ الأمهات بالفراغ القانوني في مسألة الحصول على وثائق للأبناء أو رغبتهن في تنقيلهم للتمدرس أو السفر بهم في حالة الطلاق، إذ تكون الأمّ ملزمة بحضور الأب لتتمكّن من هَذِهِ الوثائق، فيما يكون الأب أحيانًا ممتنعًا عن أداء النفقة أو غير معلوم العنوان، أو يطالب بمقابل مادي حتّى يمكنها من وثائق الأبناء الَّذِينَ هم أيضًا أبناؤها.

وقد سبق للحكومة المغربية أعلنت في أبريل الماضي، أنَّ وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بصدد وضع إطار قانونيّ يمنح الأم حقّ إعداد جواز سفر لفائدة أطفالها القاصرين دون موافقة صريحة مسبقة من الأب.

ورغم أنَّ المدونة منحت الأحقية للزوجة والزوج ولم تميّز بينهما؛ لكنَّ الملاحظ في الواقع المعاش أن كثيرًا من السيدات والسادة مديرات ومديري المؤسّسات التعليميَّة مثلا، يرفضون بشكل مطلق تمكين الأمّ من شهادة المغادرة المتعلّقة بطفلها حال رغبتها في تغيير مقر إقامتها، ما يجعل الطفل مُهدّدًا بالانقطاع على الدراسة، ما يُشكّل خرقًا سافرًا لمبدأ المساواة بين الأبوين في تحمل مسؤولية العناية بشؤون الطفل المدرسية.

ولعلَّ آخر العقبات المصطنعة في وجه هَؤُلَاءِ الأمهات، ما واجهته عائلات الطلبة المغاربة الَّذِينَ يدرسون في أوكرانيا صعوباتٍ في إرسال مصاريف الدراسة والعيش إلى أبنائها الَّذِينَ بقوا في أوروبا، بعد اشتراط مكاتب تحويل الأموال في المغرب أن يكون اسم المُرسِل مطابقًا لاسم الطالب المُرسَل إليه، وبما أنَّ الأسماء العائلية للأبناء لا تطابق الأسماء العائلية لأمهاتهم، فقد أصبح عمليًا يمنع على الأم القيام بتحويل المال لأبنائها.

وتعللّ مكاتب تحويل الأموال قرار إلزامية مطابقة اسم مرسِل الأموال إلى المرسل إليه، حسب الإعلانات الَّتِي علقتها في مقارها، بأنَّها تندرج في إطار تفعيل إجراءات السيطرة على المخاطر المتعلقة بمُنتج الإصدار الدولي.

وحسب مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط، رصدت -من خلالها- وضعية النساء في المغرب فيما يتعلّق بالصحّة والتعليم والولوج إلى سوق العمل واستعمال الوقت والعنف ضد النساء.

فإنَّ النساء خلال سنة 2020، كن يُمثّلن أكثر من نصف السكان بـ50.3 في المئة، وحسب الحالة الزواجية، نجد أنَّ 28.1 في المئة من النساء البالغات 15 سنة فأكثر هن عازبات، و57.8 في المئة متزوجات، و10.8 في المئة أرامل و3.3 في المئة مطلقات، كما كشفت أن 16.7 في المئة من الأسر، البالغة 8.438.000 أسرة، مُسيرة من طرف النساء. وترتفع هَذِهِ النسبة في الوسط القروي لتصل إلى 19.1 في المئة، مقابل 11.4 في المئة، مُقارنةً بالوسط الحضري.

تابعنا على الفيسبوك