تواصل معنا

رياضة

ملاعب القرب بطنجة.. فضاءات رياضية نشيطة أم مشاريع بحاجة إلى الإنقاذ؟

تُعدُّ ملاعب القرب في مدينة طنجة إحدى الوسائل الأساسية لتعزيز الرياضة وتشجيع الشباب على ممارسة الأنشطة البدنية، إذ شهدت المدينة إنشاء العديد من هذه الملاعب في مختلف الأحياء، مما يتيح فرصة لممارسة الرياضات الجماعية مثل كرة القدم، وكرة السلة، وأحيانا رياضات أخرى.

وقد استهدفت مشروعات إحداث ملاعب القرب تعميم ممارسة النشاط الرياضي، وتوفير فضاءات مناسبة للشباب، وتقليل ظاهرة الفراغ التي قد تدفع البعض إلى سلوكيات غير مقبولة.

ورغم هذه الجهود، فإنَّ العديد من ملاعب القرب تعاني إشكاليات متعدّدة تؤثر في جودتها وفعاليتها، إذ تتعلق أولى هذه الإشكاليات بالصيانة، إذ يشتكي العديد من مستعملي هذه الملاعب من تدهور أرضياتها وتجهيزاتها، وغياب الإنارة الليلية في بعضها، مما يقلل من إمكانية استغلالها لساعات أطول، كما أن بعض الملاعب تعاني اهتراء الأسوار، ما يجعلها عرضة للتخريب والاستخدام غير المنظم.

كما يشتكي بعض المواطنين من فرض رسوم غير مبرّرة على الاستفادة من هذه الملاعب، رغم أن الهدف الأساسي من إنشائها هو توفير فضاءات رياضية مجانية للشباب، كما أن بعض هذه الملاعب تخضع لنوع من الاحتكار من قبل جهات معيّنة، مما يحرم الفئات الأوسع من الاستفادة منها، وهذا ما يدعو إلى ضرورة وضع آليات تضمن عدالة توزيع الفضاءات الرياضية بين مختلف الفئات.

ويطرح عدد من الجمعويين الرياضيين إشكالية أخرى تتعلق بالتوزيع غير العادل لهذه الملاعب بين أحياء المدينة، إذ نجد أن بعض المناطق تتوفر على عدد كافٍ من ملاعب القرب، في حين تعاني أحياء أخرى من غياب تام لهذه المرافق، مما يجبر الشباب على البحث عن بدائل غير مناسبة لممارسة الرياضة، كتلك الموجودة في الشوارع أو الأماكن غير المخصصة لذلك، وهو ما يشكل خطرًا على سلامتهم.

كما أن غياب هذه الملاعب في بعض الأحياء يحدّ من إمكانية تنظيم دوريات وبطولات محلّيَّة، مما يؤثر في تطور مستوى الرياضيين الشباب في تلك المناطق.

تظلّ ملاعب القرب في طنجة بنية تحتية عمومية حيوية يجب تطويرها وتحسينها لضمان تحقيق الأهداف المنشودة، وإذا تم تدارك الإشكالات الحالية، فإنَّ المدينة ستتمكن من ضمان بيئة رياضية أكثر شمولية واستدامة، فالرياضة تلعب دورًا مهمًّا في تعزيز قيم التعاون والانضباط لدى الشباب، كما تساهم في الوقاية من السلوكيات السلبية مثل العنف والانحراف، ما يجعل مراجعة وضعية هذه الملاعب أمرًا ضروريًّا.

ويُعدُّ الإشراف الإداري على هذه الملاعب قضية محورية، إذ تحتاج المدينة إلى إطار قانوني وتنظيمي واضح ينظم عملية الاستفادة من هذه الفضاءات، ويضمن مجانية الولوج أو فرض رسوم رمزية تتيح للجميع إمكانية الاستفادة منها دون تمييز، كما أنَّ ضمان تسيير هذه الملاعب بطريقة شفافة ومسؤولة من شأنه أن يُعزّز ثقة المواطنين في هذه المشروعات، ويشجعهم على المحافظة عليها.

الملاعب التي تمّ إنشاؤها سابقًا شهدت تفاوتًا في مستوى التجهيزات، إذ نجد بعض الفضاءات مجهزة بعشب اصطناعي عالي الجودة، وأخرى تعاني تدهور الأرضية، كما أنَّ بعض الملاعب تفتقر إلى سياج مناسب يمنع تسرّب الكرات إلى المناطق المجاورة، وهو ما يؤدي إلى شكاوى من الساكنة بسبب الإزعاج المتكرر، إضافة إلى قلة أماكن الجلوس للمرافقين أو العائلات التي ترغب في متابعة المباريات.

ويطرح بعض المتتبعين للشأن المحلي مقترحًا لإحداث نظام شراكة بين الجماعات المحلية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، يمكن للشركات أن تتكفل برعاية وصيانة هذه الملاعب مقابل حملات إعلانية داخل الفضاءات الرياضية، ما يضمن استمرار جودة الخِدْمات المقدمة.

كما أن إدماج البرامج الرياضية داخل المدارس وتعزيز الشراكة بين المؤسَّسات التعليمية وملاعب القرب قد يساهم في تحسين الاستفادة من هذه البنية، إذ يمكن تنظيم بطولات مدرسية، وبرامج تدريبية لصقل مهارات الشباب.

ويبقى مستقبل ملاعب القرب في طنجة مرتبطا بمدى الاهتمام الرسمي بتنظيم وتأهيل قطاع الرياضة ككل، فإذا تم وضع خطة مستدامة لتدبير هذه المنشآت، فإنها ستصبح إحدى ركائز التنمية الرياضية والاجتماعية، وستُسهم في خلق أجيال أكثر وعيًا بأهمية الرياضة في الحياة اليومية، مما ينعكس إيجابًا على مستوى الصحة العامة، والتماسك الاجتماعي، والتنمية المجالية.

 

تابعنا على الفيسبوك