مجتمع
بعد دخوله حيز التنفيذ.. هل ينجح القانون 18.18 في ردع ناهبي التبرعات وتجار المآسي؟

لقد بات ملحوظًا تزايد أعداد تجار المآسي عبر جمع التبرعات تحت غطاء الإحسان العمومي للقيام بـالنصب والاحتيال ورغم النية الجيدة للكثيرين، فإنَّ البعض الآخر تكون لهم أغراضٌ ربحيةٌ محضةٌ، مستغلّين الظروف الصعبة للفئات المعوزة.
وتكثر عمليات جمع التبرعات، خاصّةً خلال المناسبات الدينيّة، كشهر رمضان أو عيد الأضحى أو غيرهما، كما تبرز بين الفينة والأخرى وقائع احتيال عبر جمع التبرعات، إذ يقوم البعض باستغلال الفقر والمآسي الإنسانيّة للقيام بحملات وهمية لجمع التبرعات على مواقع التواصل الاجتماعي، تقودهم إلى كسب ثروات مادية هائلة.
ويعرف التماس الإحسان العمومي في المغرب، بأنّه كلُّ طلب مُوجّه إلى العموم قصد الحصول بوسيلة ما على أموال أو أشياء أو منتوجات تُقدّم كلا أو بعضًا لفائدة مشروع خيري أو هيئة أو أفراد آخرين.
ورغم تنظيمه بنص القانون رقم (71-004) الصادر في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 1971، عرف مجال الإحسان العمومي وجمع التبرعات في السنوات الأخيرة فوضى لا تخطئها العين -خاصة متصفحي وسائل التواصل الاجتماعي- حيث اشتهرت العديد من الصفحات والقنوات بتقديم هَذَا النوع من المحتوى رغم، أنَّ العديدَ من الشبهات تحوم حول محترفيه.
وهو ما دفع وزارة الداخلية بتنسيق مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية لإعداد مشروع قانون يتعلق بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية توج بالمصادقة عليه تحت قبة البرلمان، للحدّ من الفوضى الَّتِي باتت تسود العمل الإحساني، حيث تعهد وزير الداخلية خلال حلوله بالبرلمان لمناقشة مشروع القانون رقم (18. 18)، بتنزيل مصالح الوزارة لمقتضيات القانون (18.18) فور دخوله حيز التنفيذ.
وقد صدر بتاريخ 9 يناير 2023، في الجريدة الرسمية ظهير شريف بتنفيذ القانون رقم (18.18) القاضي بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيريّة، وتحدد مقتضيات هَذَا النصّ التشريعي شروط دعوة العموم إلى التبرع، وقواعد تنظيم عمليات جمع التبرعات وأوجه استخدامها، وشروط وقواعد توزيع المساعدات لأغراض خيرية وإنسانية، وإجراءات المراقبة الجارية عليها.
كما ينصّ القانون أيضًا على أنّه لا يجوز دعوة العموم إلى التبرع إلا من قبل جمعية أو عدة جمعيات مؤسّسة بصفة قانونية ومسيرة، طبقًا لأنظمتها الأساسية، غير أنّه يجوز، بصفةٍ استثنائيّةٍ، دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرّعات من قبل مجموعة من الأشخاص الذاتيّين، إذا كان الغرض من ذلك تقديم مساعدات عاجلة لفائدة شخص أو أكثر في حالة استغاثة عند وقوع كوارث أو آفات أو حوادث ألحقت بهم أضرارًا، شريطة الحصول مسبقًا على ترخيص بذلك من قبل الإدارة.
وللحصول على الترخيص من أجل دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات اشترط القانون رقم (18.18) أن تكون الجمعية أو الجمعيات الداعية إليه مؤسّسة، طبقًا للقانون ومسيرة طبقًا لأنظمتها الأساسية، وألَّا يكون قد صدر في حقّ الداعين أو أحد الداعين إلى التبرع مُقرّر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل ارتكاب إحدى الجنايات أو الجنح ضد أمن الدولة أو جريمة إرهابيّة أو إحدى الجنايات أو الجنح المتعلّقة بالأموال أو التزوير أو التزييف أو النصب أو الانتحال أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو الغدر أو اختلاس أو تبديد المال العامّ أو الاتّجار في البشر أو تبييض الأموال.
مع ضرورة إيداع الأموال النقدية المتحصّل عليها من العموم في حساب بنكي مُخصّص لهَذِهِ العملية، وعدم الاستمرار في تلقي التبرعات بالحساب البنكي المذكور خارج المدة المُخصّصة لجمع التبرعات، إلا بترخيص من أجل ذلك تسلمه الإدارة ووَفْق الكيفيات المنصوص عليها في المادة (13) من هَذَا القانون.
