مجتمع
أسر تعاني في صمت.. صعوبات التمدرس لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

تشير آخر الإحصائيات الَّتِي أعلنتها وزارة التربية الوطنية إلى التحاق نحو 8 ملايين تلميذة وتلميذ بمقاعد الدراسة، موزعين على 12 ألفًا و198 مؤسّسة تعليمية.
ومع انطلاق الموسم الدراسي لهَذِهِ السنة، تنطلق معه معاناة العديد من الأسر الَّتِي لها أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتتعدّد أشكال هَذِهِ المعاناة بتعدّد فئات ومتطلبات أطفالهم في سبيل الاستفادة من حقّهم في تلقي التعليم في ظروف حسنة.
وحسب البحث الوطني حول الإعاقة الَّذِي أعلنته وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة في 2016، فإن نسبة انتشار الإعاقة في المغرب، وصلت –آنذاك- إلى 6، 8 في المئة، كما أن أسرة واحدة تقريبًا من بين كل 4 أسر مغربية معنية بمشكلات الإعاقة، بنسبة 24، 5 في المئة.
وقد أكدت الوثيقة الدستورية لسنة 2011 في الفصل (34) على أن تضع السلطات العمومية وتُفعّل السياسات الخاصة بالأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولهَذَا الغرض تسهر على معالجة الأوضاع الهشّة لفئات من النساء والأمهات، والأطفال، والأشخاص المسنين، ووقايتهم من تلك الأوضاع، وإعادة تأهيل الأشخاص الَّذِينَ يعانون إعاقةً جسديّةً، أو حسية حركية، أو عقلية، وإدماجهم في الحياة الاجتماعية، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع.
وينطلق النسيج الجمعوي الناشط في مجالات الدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة من هَذَا المكتسب الدستوري، وكذا من تراكم نضالاته على امتداد العقود الماضية في سبيل تفعيل ما حُصّل من حقوق ومطالبة الجهات الرسمية بتحمل مسؤوليتها في هَذَا الموضوع، غير أنَّ عدد الجمعيات الجادة والمؤثرة على هَذَا الصعيد يظل محدودًا.
ومن جهتها شرعت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، خلال السنوات الأخيرة، في حلحلت معضلة تعليم الأطفال في وضعية إعاقة وتمكينهم من الاستفادة الكاملة من حقهم في التمدرس مع نظرائهم التلاميذ في الأقسام العادية، إذ أخضعت وثيقة الهندسة المنهاجية لأقسام الإدماج المدرسي لإعادة النظر، عبر وضع إطار مرجعي للتربية الدامجة لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة ونصّت على أنّه يتجاوز منطق الأقسام المعزولة إلى منطق الدمج في الأقسام العادية.
غير أنّه ورغم جهود الوزارة، فإنَّ المنجز يظل بعيدًا عن سدّ المتطلبات، خاصّةً على مستوى تكوينات التربية الدامجة، باعتبارها مدخلًا أساسيًّا يمكن من التعامل الموضوعي والعلمي مع الأطفال في وضعية إعاقة، خصوصًا ما يتعلق بالاضطرابات النمائية العصبية الَّتِي تتطلب تدخلًا مضبوطًا وعلميًّا حتّى يُحقّق الغاية المنشودة منه وتكثيف التكوينات وتنويعها لفائدة جميع الأطر كل من موقعه، مع تفعيل مشروع المؤسّسة الدامج الَّذِي يستحضر بعد الإعاقة في المشروع العام.
وباعتبار المدرسة مؤسّسة دامجة تعمل على توفير شروط الدمج وضوابطه المادية والتنظيمية والبيداغوجية، فهَذَا يفرض إمداد المتدخلين المعنيين بالمفاهيم والتصورات والأدوات الكفيلة بالاستيعاب الكافي لفلسفة التربية الدامجة وإجراءاتها العملية، ويتوجب توسيع نطاق هَذَا النمط من التربية وتنزيله ميدانيًا من لدن كل الفاعلين المعنيين، من مديري مؤسّسات تعليمية وهيئة تدريس ومسيرين.
ويعتبر مختصون، أنَّ البيئة المدرسية -في حد ذاتها- تُشكّل تحديًا بسبب تنامي مظاهر العنف بشتى أنواعه، كما تنتشر ظاهرة التنمر المدرسي الَّذِي يعد من أخطر أنواع العنف المتفشي في البيئة التعليمية، إذ التلاميذ وتلميذات من ذوي الاحتياجات الخاصة معرضون -بشكلٍ كبيرٍ- لسلوكيات عنيفة ومتكررة من قِبَل زملائهم في المدرسة، ويشمل ذلك التنمر المدرسي، والإيذاء اللفظي أو الجسدي، والتهديد، والتحرش، والعزلة الاجتماعية، وغيرها من السلوكيات الضارة الَّتِي تؤثر في التلاميذ عاطفيًّا ونفسيًّا وأحيانًا جسديًّا.
