ثقافة
هل تستفيد طنجة سياحيًّا وثقافيًّا من مهرجاناتها الكثيرة؟

لقد بات التنظيم المُكثّف للمهرجانات بمدينة طنجة -وعلى مدار السنة- سمةً من السمات المألوفة في المدينة، رغم أنَّ ذلك قد يستدعي طرح أكثر من سؤال، يستأثر بأذهان كثيرٍ من المتتبعين الطنجاويّين وغيرهم من عشاق عاصمة البوغاز، خاصّةً أنَّ معظم هَذِهِ التظاهرات تستقطب جمهورًا غفيرًا وعددًا من الزوار من مختلف أرجاء البلاد، كما أنَّ الكثير منها تركز على أنشطة وفنون قد تُشكّل قيمةً مُضافة وفرصةً سانحة لإبراز التنوّع الثقافي والفنّي والتراثي للهوية الوطنية المغربية.
وعلى صعيد الفن السابع، فإنَّ التصنيف المُحيّن للمهرجانات السينمائية المنظمة بالمغرب، والمنشور بموقع المركز السينمائي المغربي، يكشف أن عدد هَذِهِ الأخيرة قد تراجع ليستقرَّ في حدود عشرين مهرجانًا، مُوزّعة على الفئات الثلاث: (أ) و(ب) و(ج).
- الفئة (أ): 1- المهرجان الدولي للفيلم بمراكش / 2- المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.
- الفئة (ب): 3- مهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة / 4- المهرجان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط بتطوان / 5- المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا / 6- المهرجان الدولي لسينما المؤلف بالرباط / 7- المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة / 8- مهرجان الفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والمجال الصحراوي بالعيون.
وتأتي جهة طنجة تطوان الحسيمة في المرتبة الأولى من حيث عدد المهرجانات المنظمة بها: مهرجانين بمدينة طنجة وأخريان بتطوان.
كما تحتضن فضاءات المدينة وقاعاتها فعاليات مهرجان ثويزا، الَّذِي فرض وجوده كواحد من المهرجانات الثقافيّة والفنيّة الكبرى بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بل على الصعيد الوطني. حيث يتمتع بإشعاع جهوي ووطني ودولي كبير، ويحظى بمواكبة إعلامية واسعة، ومتابعة مباشرة من طرف شرائح عريضة من ساكنة طنجة وزوارها، مغاربة وأجانب.
فضلا عن المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، الَّذِي يُعدُّ من أبرز التظاهرات الثقافيّة والفنّيَّة الموجهة للمواهب الشابة داخل الفضاء الجامعي وخارجه، وكذا للشغوفين بالمسرح في مدينة طنجة، الَّتِي كانت وما زالت ملتقى الثقافات والحضارات، وأرضًا للتلاقي والتعايش، حيث استطاع هَذَا المهرجان -ومنذ سنواته الأولى- أن يُرسّخ مكانته بوصفه الوجهة الأمثل لاستقبال الفرق الوطنيّة والأجنبيّة.
وإذ نكتفي بالإشارة إلى أشهر هَذِهِ التظاهرات، فذلك اعتبارًا لكون الحيز المتاح هنا لا يسعفنا لتعداد المهرجانات الكثيرة والمتعددة الَّتِي تقام كلّ سنة.
ومن التساؤلات المهمة الَّتِي توضع برسم هَذِهِ التظاهرات، هو ما يتعلق بالقدرة على الانفتاح على الخارج والدخول في شراكات وتعاقدات -من شأنها- ضمان تجويد العرض الثقافي والفني من جهة، وتنشيط الدبلوماسية الثقافيّة والتعريف بالأمة المغربية وهويتها السوسيوثقافية.
كما يلاحظ أن معظم هَذِهِ المهرجانات لم تنجح في اختراق المحيط الدولي لمدينة مثل مدينة طنجة تقع على أحد أهمّ الممرات البحرية العالمية -مضيق جبل طارق- كما أنَّها بوابة المغرب على أوروبّا، وبوابة أوروبّا على إفريقيا. حيث من المفترض كذلك في هَذِهِ الحركية الثقافية خلق دينامية سياحيةً بالمدينة، الَّتِي ما زال القطاع السياحي بها يعاني الكثير، رغم المؤهلات والفرص الَّتِي تزخر بها هَذِهِ المدينة.
ويرى متابعون للحقل الثقافي بطنجة، أنَّ كثيرًا من هَذِهِ المهرجانات لا تحكمها ضوابط التدبير المحترف، لعدّة اعتبارات. كما أنَّ بعضها –للأسف- ما زال غارقًا في ثقافة «الهمزة»، وممارسات عفا عنها الزمن تحيل الفعل الجمعوي والثقافي، إلى فعل تجاري في خدمة «صاحب الدكان الثقافي» والمتحلقين من حوله.
