مقالات الرأي
نضال الصالونات تسبب في فشل الحركة النسوية

سقطت أقنعة مجموعة من الحركات النسائية في المغرب، وأصبح باديًا للعيان حاجتنا إلى هيكلة جديدة لكلّ الجمعيات الحقوقيَّة، الَّتِي كانت تدعي يومًا ما الدفاع عن المرأة، وتستفيدُ من دعم ماديّ ولوجيستيّ كبيرين. حكمة منصات التواصل الاجتماعي تسبَّبت في خسارة كبيرة لهَذِهِ الجمعيات على المستوى الشعبية، وظهر تناقضُها في كلّ المناطق، وكشفت المرأةُ المغربيَّةُ حقيقة نخبويّة هَذِهِ الحركات في النضال.
ولعلّ من أبرز الأحداث الَّتِي تخلَّفت فيها الحركة النسائيّة في المغرب عن الموعد، حدث وفاة مجموعة من النساء إثر تدافع بباب سبتة المحتلة، لُقبن حينها بشهيدات لقمة العيش، على نحو مفاجئ خرصت ألسنة تلك الحركات النسويَّة حيال الحادث، وجفَّت أقلامها الَّتِي كانت تُسطّر بها آلاف البيانات ومئات البلاغات، إذا تعلّق الأمر بالجدل حول عقوبة الإعدام أو بالتمكين السياسيّ للمرأة داخل المؤسَّسات الرسميّة، ليأتي بعد ذلك حادث المرأة القنيطريّة «مي فتيحة» الَّتِي أضرمت النار في جسدها، بعد مصادرة بضاعتها من طرف قائد المنطقة، تخلَّفت هَذِهِ الجمعيات أيضًا عن الموعد، ووفاة المرأة لم يكن كافيًا لتسليط الضوء على ملف البائعات المتجوّلات ممَّن لا دخل لهنّ، الحركة النسويَّة لفئويتها في النضال وجدت أنَّ القضية معزولة ولا تحظى بأهمية للدراسة، منصّات التواصل الاجتماعيّ وروّادها وبعد عدّة أحداث تتعلّق باغتصاب وتزويج قاصرات، والاتّجار في البشر، والجنس مقابل النقط في الجامعات، والتحرّش بالعاملات في المصانع وغيرها من الأحداث الَّتِي لم تتفاعل معها هَذِهِ المنظمات والجمعيات، بدأوا يُشكّكون في مصداقية هَذِهِ الجمعيات وعن حقيقة من يُسيّرها ولأي أهدافٍ تشتغلُ، فالمنطق الَّذِي يقول بأن لا تحرّر للمرأة دون تحرّر للمجتمع ولا تحرّر للمجتمع دون تحرّر للمرأة، يبدو غير واردٍ في فهم هَذِهِ الحركات ومن ينهل من قاموسها، لتبزغ حقيقة أنَّ الإصلاح الأوّل والأخير في شتّى المجالات تقوده المؤسَّسة الملكيّة، لعدم فهم النخب طبيعة المرحلة وابتعادهم عن الواقع المعيشي، واستبداله بنضال الصالونات، إذ في الفترة الَّتِي تعاني منها نساء في المناطق النائية من غياب أي مدخول مادي لسدّ رمق الجوع، تظهر هَذِهِ المنظمات الحقوقيّة لتعلن عن تنظيم ندوة حول التمكين الثقافيّ للمرأة، أو تنظيم مائدة مستديرة حول عقوبة الإعدام، وغيرها من الأنشطة البعيدة عن ما يجري في الحقيقة من تمييز تعيشه المرأة داخل المجتمع بسبب لونها وعرقها وجنسها.. سياق الكلام يأتي في إطار الحادث الأخير الَّذِي وقع بمدينة طنجة، الَّذِي كانت ضحيته فتاة في الشارع العام، قام أحد الشباب بتعريتها وضربها مع توثيق فعله بكاميرا هاتفه، لحدود الساعة، فإنّ أيَّ عاقل يرى هَذَا الفعل بأن فاعله منحرفٌ ويجب معاقبة الفاعل، لكن حكمة منصات التواصل كشفت عن نوعية أخرى من المغاربة يشيدون بالتحرّش ويعتبرونه حقًّا، هَذَا سبب كفيل أن يكشف كذب حصيلة الجمعيات الحقوقيّة النسوية في التأطير والتكوين والترافع عن حقوق المرأة المغربيَّة، كي تحظى بنفس المرتبة مع الرجل، لكن للأسف الفعل وُثّق بهاتف وهناك سلوكيات أخرى تقع لحدود كتابة هَذِهِ الأسطر، لكنها لم تُوثّق ولن تختفي بمعاقبة شخص أو شخصين، كان من المفترض أن تُمثّل هَذِهِ الواقعة وغيرها فرصة لفتح نقاش مجتمعيّ تقوده الحركات النسائيّة والمنظّمات والجمعيات حول الأسباب الَّتِي تجعل المرأة تتعرّض للتمييز والعنف داخل المجتمع المغربي بشكل خاص والدول العربية بشكلٍ عامٍ، لكن الحقيقة أنَّ الحركة النسائيّة وجدت نفسها في مكان المُصفّق للمبادرات، وليس المبادر للقيام بها، وما دام أيُّ سلوك شاذ عن المجتمع ينسب للمرأة فلن نتغلّب على حقيقة تخلّفنا في مجال الدفاع عن النساء أو حتّى تنزيل استراتيجية تجعل المرأة في صلب اهتمامها.
