تواصل معنا

رياضة

ملاعب القرب بطنجة.. استثمارات كبرى وتحديات الوضوح والشفافية‎

شهدت الجهة الشمالية للمملكة، وبالأخص مدينة طنجة، وتيرةً تنمويَّةً متسارعةً، بفضل عددٍ من المشروعات الكبرى المستمرّة، ما مكّن عاصمة البوغاز من تأدية دورٍ رئيسيٍّ في التنميَّة الاقتصاديَّة للبلاد، من خلال جذب الاستثمارات، وتركيز رؤوس الأموال، وتطوير الموارد والخِدْمات. هَذِهِ المعطيات جعلت طنجة من المدن الأساسيَّة الَّتِي يرشحها المغرب لاستضافة عدة منافسات كرويَّة قادمة، أبرزها كأس إفريقيا للأمم 2025، وكأس العالم 2030.

وتستلزم ملامح وتحديات المرحلة المقبلة أن تُسرّع مدينة طنجة من وتيرة إتمام مشروعات البنيَّة التحتيَّة الضروريَّة لضمان نجاح استضافتها لمثل هَذِهِ التظاهرات. وهَذَا يتطلب التركيز على تسريع إنجاز المنشآت الرياضيَّة، وتأهيل البنيَّة التحتيَّة المساندة، استعدادًا لتنظيم كأس العالم 2030، وما يسبقه من فعاليات دولية وإقليميَّة.

ولا يخفى على متابعي الشأن الرياضي في طنجة، أن وتيرة العمل الَّتِي تعتمدها الجهات المسؤولة عن القطاع لا تكفي لكسب رهاني الإنجاز والزمن. إذ تتطلب المرحلة الحالية طرقًا أكثر فعالية واحترافيَّة لمواجهة تحديات القطاع الرياضي في المدينة، بعيدًا عن الحسابات الضيقة، ووفق رؤية تضع المرافق الرياضيَّة ضمن التوجهات الاستراتيجيَّة للمغرب وخدمة مصالحه الوطنيَّة.

وما زال الوضع الحالي لمشروع ملاعب القرب في طنجة يُثير استياء المواطنين والإعلام المحلي، إذ يعاني -رغم بساطته في التنفيذ- من سوء التدبير والإهمال، وهو المشروع الَّذِي يهدف –أساسًا- إلى توفير فضاءات رياضيَّة للأطفال والشباب. ووَفْقًا لمعلومات حصلت عليها جريدة «لاديبيش»، فإن مدينة طنجة تضمّ أكثر من 80 ملعبًا للقرب، تُدر دخلًا يصل إلى نحو 100 مليون سنتيم شهريًا، نظرًا لاعتماد تسعيرة بالساعة. ومع ذلك، تظلُّ معايير تحصيل هَذِهِ الإيرادات وتدبيرها غير واضحة، وتثير تساؤلات بشأن من له حق التصرُّف فيها، في ظلّ استغلال بعض المشرفين على الملاعب مواقعها النائية لرفع تسعيرة الدخول في عطلات نهاية الأسبوع.

وقد تأسست فلسفة مشروع ملاعب القرب في طنجة على أهميَّة تشجيع الأطفال والشباب من الجنسين على ممارسة الرياضة، وتيسير مشاركتهم في تظاهرات رياضيَّة مثل دوري «طنجة الكبرى» الَّذِي تشارك فيه فرق الأحياء والجمعيات والأنديَّة المحلّيَّة. كما سعى المشروع إلى تعميم ملاعب القرب، وتوسيع قاعدة الممارسين للرياضة، وفتح المجال للهواة من مختلف الأعمار في الجمعيات والمدارس الرياضيَّة، بهدف خلق فرص احترافيَّة للناشئين.

غير أنَّ المسار الحالي للمشروع قد خيّب آمال الكثيرين، إذ أصبح موضوع نقاشات حادة وانتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبَّر المواطنون عن استيائهم من ارتفاع تكلفة استئجار ملاعب القرب، الَّتِي قد تصل في كثير من الأحيان إلى أكثر من 200 درهم. كما يتساءل عددٌ من الفاعلين والنشطاء عن الأطراف المسؤولة عن تدبير هَذِهِ الملاعب، وعن مصير العائدات الكبيرة الَّتِي يتمُّ تحصيلُها، في ظلّ أن المشروع كان يهدف في الأساس إلى تحقيق التنميَّة الاجتماعيَّة، وليس الربح.

وبحسب متابعي الشأن المحلي في طنجة، فهَذِهِ ليست المرة الأولى الَّتِي يثار فيها الجدل حول إدارة قطاع الشباب والرياضة في المدينة، إذ سبق أن زارت لجنة تفتيش مركزيَّة من وزارة الشباب والرياضة طنجة عام 2017، للتحقيق في شكاوى تتعلّق بتدبير بعض المرافق الرياضيَّة ومراكز خدمات الشباب، بناءً على مراسلة مشتركة من أكثر من 15 جمعيَّة محلّيَّة. ورغم تواصل اللجنة مع عدد من المسؤولين واطّلاعها على بيانات المرافق، فإنّ نتائج التحقيقات ظلّت محفوظة في رفوف الوزارة الوصيَّة.

 

تابعنا على الفيسبوك