تواصل معنا

القانون والناس

مسطرة تسليم الأشخاص بين التعسفية والقانونية

تخوّل مسطرة تسليم المجرمين لدولة أجنبيَّة الحصول من الدولة المغربيّة على تسليم متهم أو محكوم عليه غير مغربيّ، يوجد في أراضي المملكة، ويكون الأمر موضوع متابعة جارية باسم الدولة الطالبة أو محكومًا عليه بعقوبة صادرة من إحدى محاكمها العادية. وذلك حسب مقتضيات المادة (718) من قانون المسطرة الجنائية المغربيّة، الَّتِي نصت أيضًا على أنَّ هَذَا التسليم لا يُقبل إلا إذا كانت الجريمة، الَّتِي يستند عليها الطلب قد ارتكبت:

  • إمَّا بأرض الدولة الطالبة من طرف أحد مواطنيها أو من شخص أجنبي.
  • وإما خارج أراضيها من أجنبي غير مغربيّ، إذا كانت الجريمة منسوبة إليه تدخل في عداد الجرائم الَّتِي يجيز التشريع المغربي إجراء متابعة في شأنها بالمغرب، ولو ارتكبها أجنبي بالخارج.

فهل يمكن أن يُسلّم لدولة أجنبيّة أيُّ شخص إذا لم يكن متابعًا أو محكومًا عليه بعقوبة من أجل أفعال ينص عليها هَذَا القانون؟ أو استلام أي مغربي في إطار ترحيل قسري له دون وجه حقّ؟ هل التذرّع بمسطرة مُعيّنة يمكن أن يُطبق فيها هَذَا التسليم بداعي وجود تهمة معينة لشخص بدولته أم أنَّ كلَّ متهمٍ بريءٌ إلى أن تُثبت إدانته؟

المادة (720) من قانون المسطرة الجنائيّة جاءت واضحة، فالأفعال الَّتِي يمكن الاعتداد بها سواء للمطالبة بالتسليم أو الموافقة عليه:

  • جميع الأفعال الَّتِي يعاقب عليها قانون الدولة الطالبة بعقوبات جنائيّة.
  • الأفعال الَّتِي يعاقب عليها قانون الدولة الطالبة بعقوبات جنحية سالبة للحُرّية، إذا كان الحدُّ الأقصى للعقوبة المُقرّرة بمقتضى ذلك القانون لا يقل عن سنة واحدة، أو إذا تعلق الأمر بشخص محكوم عليه، عندما تكون العقوبة المحكوم بها عليه من إحدى محاكم الدولة الطالبة تعادل أو تفوق أربعة أشهر.

لا يوافق بأيّ حالٍ من الأحوال على التسليم، إذا لم يكن الفعل معاقبًا عليه حسب القانون المغربيّ بعقوبة جنائيّة أو جنحيّة. تُطبق القواعد السابقة على الأفعال المُكوّنة لمحاولة الجريمة أو المشاركة فيها، بشرط أن يكون معاقبًا عليها، حسب قانون الدولة الطَّالبة والقانون المغربيّ.

إذا استند طلب التسليم إلى عدّة أفعال مُتميّزة يعاقب كل واحد منها حسب قانون الدولة الطالبة والقانون المغربيّ بعقوبة سالبة للحرّية، وكان بعض هَذِهِ الأفعال يعاقب عليها بعقوبة تقل عن سنة حبسًا، فإنَّ التسليم يقبل بالنسبة لمجموع هَذِهِ الجرائم إذا كانت العقوبة القصوى المُقرّرة لها جميعًا، حسب قانون الدولة الطالبة، تبلغ، على الأقل، سنتان حبسًا.

إذا كان الشخص المطلوب تسليمه، قد سبق الحكم عليه في بلد ما، من أجل ارتكابه جريمة عادية بعقوبة نهائية، تُعادل مدتها أو تفوق أربعة أشهر حبسًا، فإنَّ التسليم يقبل وَفْق القواعد السابقة، أي بالنسبة للجنايات والجنح فقط، ولا يعتدّ في هَذَا الصدد بمدّة العقوبة المُقرّرة أو المحكوم بها من أجل الجريمة الجديدة.

تطبّق المقتضيات السابقة، على الجرائم الَّتِي يرتكبها عسكريّون أو بحَّارة أو من في حكمهم، إذا كانت الجريمة المطلوبة من أجلها التسليم لا تُعدُّ إخلالًا بواجب عسكريّ، وكان القانونُ المغربيُّ يعاقب عليها كجريمة عادية، وذلك مع مراعاة المقتضيات المعمول بها في تسليم البحارة الموجودين في حالة فرار.

باستقرائنا لمقتضيات هَذِهِ المادة، نجد أنَّ المُشرِّع المغربيَّ سطَّر على سبيل الحصر، لا على سبيل المثال، متى يتمّ التسليم، فمتى يمتنع أو متى لا يوافق على تسليم شخص معين للدولة المطالبة، وكيف يمكن حفظ إنسانية وحقّ المطالب به؟

يتبع…

تابعنا على الفيسبوك