تواصل معنا

سياسة

في أفق 2030 : هل تطيح استعدادات المونديال بالوجوه الانتخابية القديمة‎

في‭ ‬خضم‭ ‬الأجواء‭ ‬السياسية‭ ‬الملتبسة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬طنجة‭ ‬والمشهد‭ ‬الوطني‭ ‬عامّةً،‭ ‬يلوح‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬تساؤل‭ ‬بشأن‭ ‬إمكانية‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬بإجراء‭ ‬زلزال‭ ‬سياسي‭ ‬شامل‭ ‬يطيح‭ ‬بكل‭ ‬الوجوه‭ ‬القديمة‭ ‬قبل‭ ‬تشكيل‭ ‬المجالس‭ ‬المنتخبة‭ ‬التي‭ ‬ستدبر‭ ‬فترة‭ ‬تنظيم‭ ‬المونديال،‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬تحديات‭ ‬جمة‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬العملية‭ ‬الانتخابية‭.‬

وقد‭ ‬أشارت‭ ‬مصادر‭ ‬لجريدة‭ “‬لاديبيش‭” ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬الفكرة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬احتمالات‭ ‬أو‭ ‬تكهنات‭ ‬عابرة،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تعكس‭ ‬رغبة‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬تجديد‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬وإعادة‭ ‬توزيع‭ ‬الأدوار‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬العصر‭ ‬وتطلّعات‭ ‬الناخبين‭ ‬المتعطشين‭ ‬للتغيير‭ ‬والإنجاز‭.‬

وأفادت‭ ‬المصادر،‭ ‬بأنَّ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الزلزال‭ ‬السياسي،‭ ‬إن‭ ‬وُجد‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬مخططا‭ ‬له،‭ ‬سيتطلَّب‭ ‬تنسيقًا‭ ‬عاليًّا‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬المختلفة‭ ‬وتفعيل‭ ‬آليات‭ ‬رقابية‭ ‬تضمن‭ ‬عدم‭ ‬خروج‭ ‬الأمور‭ ‬عن‭ ‬نطاق‭ ‬السيطرة،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬أي‭ ‬تحرك‭ ‬مُفاجئ‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬رسم‭ ‬الخريطة‭ ‬الانتخابية‭ ‬قد‭ ‬يحمل‭ ‬تبعات‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬على‭ ‬المدينة‭ ‬وساكنتها‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬متابعون‭ ‬للشأن‭ ‬المحلي‭ ‬بطنجة،‭ ‬أنَّ‭ ‬تجارب‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬أخرى‭ ‬تظهر‭ ‬أن‭ ‬إجراءات‭ ‬مماثلة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬تأثيرات‭ ‬إيجابية‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬رافقها‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬وإدارة‭ ‬رشيدة‭ ‬للأزمات،‭ ‬فيما‭ ‬يحذر‭ ‬آخرون‭ ‬من‭ ‬أنَّ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬فراغ‭ ‬سياسي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬وبالا‭ ‬على‭ ‬تجربة‭ ‬تنظيم‭ ‬المونديال‭ ‬وقد‭ ‬يُفضي‭ ‬بالمرافق‭ ‬المحلية‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭.‬

ويبرز‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الاحتمالات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬احتكاكات‭ ‬بين‭ ‬النخب‭ ‬التقليدية‭ ‬والوجوه‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬اقتحام‭ ‬الساحة‭ ‬بآمال‭ ‬تثبيت‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة،‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬بالضرورة‭ ‬إجراء‭ ‬تغييرات‭ ‬جذرية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬كسر‭ ‬الجمود‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬طالما‭ ‬ميّز‭ ‬الفترات‭ ‬السابقة‭.‬

وتتابع‭ ‬ساكنة‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬بفتور‭ ‬ملحوظ،‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬تبدو‭ ‬كأنها‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬الوجوه‭ ‬القديمة‭ ‬دون‭ ‬إحداث‭ ‬تغييرات‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬النخب‭ ‬السياسية،‭ ‬مما‭ ‬يرسخ‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬والتساؤل‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬وجودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬له؟

بينما‭ ‬تتردد‭ ‬أصوات‭ ‬المطالبات‭ ‬للفاعلين‭ ‬بشفافية‭ ‬أكبر‭ ‬وإجراءات‭ ‬إصلاحية‭ ‬شاملة،‭ ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬مرحلة‭ ‬حساسة‭ ‬قد‭ ‬تشهد‭ ‬إعادة‭ ‬خلط‭ ‬للأوراق‭ ‬وتغييرًا‭ ‬في‭ ‬المحددات‭ ‬التقليدية‭ ‬للعبة‭. ‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يتعيّن‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬منظومة‭ ‬التدبير‭ ‬المحلي‭ ‬للشأن‭ ‬العام‭ ‬وتوفير‭ ‬منصات‭ ‬للمواطنين‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬آرائهم‭ ‬ومقترحاتهم‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬أسس‭ ‬الخيار‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬إذ‭ ‬إنَّ‭ ‬تفعيل‭ ‬الشفافية‭ ‬وتحسين‭ ‬أساليب‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬المجالس‭ ‬والسلطات‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬يُعدُّ‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬لضمان‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬إصلاح‭ ‬شاملة‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬البلاد،‭ ‬يبرز‭ ‬دور‭ ‬الشباب‭ ‬والكوادر‭ ‬المهنية‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬رؤى‭ ‬مبتكرة‭ ‬تعيد‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬القطاعات‭ ‬المتأثرة،‭ ‬وتُعزّز‭ ‬فرص‭ ‬النمو‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬كما‭ ‬أنَّ‭ ‬إشراك‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬سيعمل‭ -‬بلا‭ ‬شك‭- ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬والمواطنين،‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬المطلوب‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المتزايدة‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات،‭ ‬يبقى‭ ‬النقاش‭ ‬مفتوحًا‭ ‬بشأن‭ ‬مدى‭ ‬استعداد‭ ‬الدولة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الراهنة‭ ‬بتجديد‭ ‬كوادرها‭ ‬السياسية‭ ‬وتقديم‭ ‬حلول‭ ‬ناجعة‭ ‬تُلبّي‭ ‬تطلُّعات‭ ‬الشباب‭ ‬والأجيال‭ ‬الصاعدة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تتصاعد‭ ‬فيه‭ ‬الدعوات‭ ‬للإصلاح‭ ‬وتفعيل‭ ‬الدور‭ ‬الرقابي‭ ‬للمؤسسات،‭ ‬وتبقى‭ ‬تساؤلات‭ ‬المواطنين‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬قائمة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬توقعات‭ ‬بأن‭ ‬يُحدث‭ ‬هذا‭ ‬الزلزال‭ ‬السياسي‭ ‬المفترض‭ ‬تحولًا‭ ‬حقيقيًّا‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الأوضاع‭ ‬وتحقيق‭ ‬توازن‭ ‬جديد‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬السياسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجابًا‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬للمواطنين‭ ‬وعلى‭ ‬مستقبل‭ ‬المدينة‭ ‬و‭ ‬البلاد‭ ‬ككل‭.‬

تابعنا على الفيسبوك