آخر الأخبار
طنجة ثاني أكبر مدن المغرب.. النمو السكاني وتحدي الخدمات والبنية التحتية
يشهد المغرب -منذ عدة سنوات- زيادات سكانيَّة ملحوظة، إذ بلغ عدد سكان المملكة في إحصاء 2024 نحو 36،828،330 نسمة. وتُعدُّ هَذِهِ الزيادة مؤشرًا على التحوّلات الديموغرافيَّة الَّتِي تطرأ على البلاد، ما يخلق تحدّيات كبيرة في إدارة الموارد وتوزيع الخدمات.
ومن أبرز التحولات الَّتِي رصدها هَذَا الإحصاء، هي الزيادة الكبيرة في عدد الأسر والأجانب المقيمين، ما يعكس التحولات في بنيَّة السكان وأثرها على التنميَّة المحلّيَّة والاقتصاديَّة.
على المستوى الجهوي، تُعدُّ جهة طنجة تطوان الحسيمة واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانيَّة في المملكة، إذ بلغ عدد سكانها 4،030،000 نسمة، وتُشكّل هَذِهِ الجهة نقطةً محوريَّةً في التنميَّة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة على مستوى الشمال المغربي.
ومن بين الأقاليم التابعة لهَذِهِ الجهة، تأتي عمالة طنجة أصيلة كأكبر عمالة من حيث عدد السكان، إذ يصل عدد سكّانها إلى 1،494،413 نسمة، ما يعكس النمو الحاصل في المدينة وتحوّلها إلى قطب حضريّ واقتصاديّ مُهمّ. أما عمالة تطوان فتبلغ عدد سكانها 611،928 نسمة، وتستمر الأقاليم الأخرى مثل العرائش وشفشاون والحسيمة ووزان والمضيق الفنيدق في المساهمة في هَذِهِ الزيادة السكانيَّة الَّتِي باتت تتطلّب المزيد من التخطيط لتلبيَّة احتياجات السكان.
مدينة طنجة الَّتِي تُمثّل عاصمة هَذِهِ الجهة، شهدت –بدورها- توسعًا سكانيًّا كبيرًا. بلغ عدد سكان المدينة 1،275،428 نسمة في إحصاء 2024، مما يضعها في مُقدّمة المدن المغربيَّة من حيث الكثافة السكانيَّة. ومن بين مقاطعات المدينة الأربع، تُعد مقاطعة بني مكادة الأكثر كثافة، إذ بلغ عددُ سكّانها نحو 567،465 نسمة، ما يعكس الارتفاع الكبير في الطلب على المرافق والخدمات الأساسيَّة في هَذِهِ المنطقة.
ومع هَذَا التزايد في عدد السكان بطنجة، بات من الضروري أن تتكيف المدينة مع هَذَا التوسع لضمان استدامة النمو وتحسين جودة الحياة، ويشير الزيادة السكانية في كل مقاطعة إلى زيادة واضحة في الطلب على السلع والخدمات الأساسيَّة. ففي مقاطعة بني مكادة، الَّتِي تشهد أكبر عدد من السكان في طنجة، من المتوقع أن يرتفع الطلب على المواد الغذائية، المرافق التجاريَّة، والمرافق الخدميَّة بشكل كبير، هَذِهِ الزيادة في الطلب تتطلّب تحركًا سريعًا من قبل المسؤولين المحليين لتلبيَّة احتياجات السوق عبر تعزيز شبكة الأسواق والتوزيع، خاصة في المناطق الَّتِي تعرف كثافة سكانيَّة عالية، وبالتالي هَذَا النمو يُعدُّ عاملًا محفزًا للاقتصاد المحلي، لكنَّه في ذات الوقت يُعقّد من مسؤولية توفير هَذِهِ السلع والخِدْمات بشكل مستدام وفعال.
وتخلق الزيادة السكانيَّة الكبيرة تحدّيات ملحوظة في مجال إدارة مرفق النظافة وتدبير النفايات، خاصة في مقاطعة بني مكادة، حيث يتوقع أن ترتفع كميَّة النفايات الَّتِي يجب جمعها ومعالجتها، مما يفرض على الجماعة تخصيص المزيد من الموارد لهَذَا المجال، علما أن النفقات الحالية في إدارة الأزبال مرتفعة بالفعل، ومن المتوقع أن تحتاج الجماعة إلى زيادة هَذِهِ النفقات بشكل أكبر مع تزايد النشاط الاستهلاكي والنفايات الناتجة عنه للحفاظ على البيئة وتقليل التلوث، وسيكون من الضروري أن تُوسّع الجماعة استثمارها في حلول مستدامة مثل أنظمة إعادة التدوير وتوسيع محطات معالجة المياه العادمة أيضًا.
من جهة أخرى، يشكل النمو السكاني ضغطًا هائلًا على الخِدْمات العموميَّة مثل التعليم، والصحة والنقل، فقطاع التعليم يتطلّب إنشاء مدارس جديدة لتلبيَّة احتياجات التلاميذ المتزايدين.
وفي قطاع الصحة، باتت الحاجة مُلحّة لبناء مراكز صحيَّة جديدة وتوسيع المستشفيات الحالية لتلبيَّة احتياجات المواطنين، أمَّا في قطاع النقل، فإن وتيرة نمو السكان تتطلّب تطوير بنيَّة النقل العمومي من خلال توسيع شبكات الحافلات والانفتاح على أنواعٍ جديدةٍ من النقل الحضري، مع زيادة المحطات والمرافق ذات الصلة لتتناسب مع احتياجات سكان عاصمة البوغاز.
ولتلبيَّة هَذِهِ التحديات المتزايدة كمًا وكيفًا، يطرح متخصّصون على جماعة طنجة تبني استراتيجيات ماليَّة وتخطيطيَّة مرنة ومستدامة، بحيث يكون من أولويات هَذِهِ الاستراتيجيات، تخصيص مزيد من الاعتمادات ضمن الميزانيَّة للمساهمة في تطوير البنيَّة التحتيَّة الأساسيَّة مثل الطرق، المدارس، والمستشفيات.
كما يجب أن يُخصّص جزء من الموارد لتوسيع وتنويع العرض بقطاع النقل العمومي لتخفيف الازدحام وتسهيل التنقل في المدينة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز أنظمة تدبير قطاع النظافة وتطوير حلول إعادة التدوير لتقليل الضغط على البيئة والرفع من قدرة المدينة على مواكبة التوسّع السكاني مع الحفاظ على جودة الخدمات الَّتِي تُقدّمها للمواطنين.