ثقافة
رغم استفادتها من الدعم والقاعات العمومية وفي تعارض تام مع القانون .. مهرجانات وحفلات تستحوذ على مداخيل مهمة من بيع التذاكر
دائما ما اعتبرت مدينة طنجة منطلقًا للفعاليات الفنيَّة الخلاقة والمبادرات الجمعويَّة الجادة، الَّتِي تسعى إلى تحقيق تنميَّة المجتمع وتهذيب ذوقه الفني، وتتجلّى أصالة العمل الجمعويّ والثقافيّ في عاصمة البوغاز بشكل ملموسٍ من خلال العديد من المبادرات والجمعيات الَّتِي تعكس روح التضامن والمسؤولية المجتمعيَّة.
وعمومًا، فإن ديناميَّة العمل الثقافي تعكس قوّة المجتمع ومدى استجابته لاحتياجات الناس، كما يُسهم في بناء مجتمع أفضل وأكثر تلاحمًا وتضامنًا، ويُجسّد قيم التفاني والعزيمة في تحقيق تغيير إيجابي تعمّ فوائده على الجميع.
وتُعدُّ الديناميات الثقافيَّة والفنيَّة أيضًا جسرًا للتعاون بين القطاعين العام والخاص، وآلية لتدعيم شراكات مجتمعيَّة تعمل على تحسين البنيَّة التحتيَّة وتعزيز فرص العمل بالمدينة أو القريَّة على حد سواء.
كما أنَّ هَذِهِ الديناميات التعاونيَّة غالبًا ما تُحقّق نجاحاتٍ ملموسةٍ في تطوير مجالات مثل السياحة والفن والبنيَّة التحتيَّة، بما يُعزّز النمو الاقتصادي ويسهم في توفير فرص عمل جديدة.
وعلى امتداد العقود وتراكم المتغيرات، برزت العديد من التحديات الكبرى في مواجهة الفعل الفنيّ والثقافي في طنجة، منها نقص التمويل وضيق الموارد، ما يُؤثّر في قدرة مختلف المؤسّسات والإطارات العاملة في هَذَا المجال على تقديم خِدْمات أوسع نطاقًا، إذ إنَّ الفضاء الجمعوي لا يكاد يسلم من عبث المتطفلين والمتسلقين ممَّن اتّخذوا هَذَا النشاط النبيل وسيلة وغطاءً لهم لبلوغ مآرب أخرى ليست دائما نبيلة. حيث كثرت مظاهر «الاسترزاق الجمعوي»، حتى بات الإحسان العموميّ مثلا يتجاوز بكثير دائرة الجمعيات ذات المنفعة العامة، بل صار يُمارس علنًا وخارج كل الضوابط، إمّا باسم المحسنين؛ وإمّا تحت يافطات حفلات يسهر على تنظيمها جمعيات وأفراد ممن احترفوا هَذَا المجال وتفننوا في صياغة المنشورات لاستمالة أصحاب المال عبر حفلات تحتضنها القاعات الخاصة، ويتم الدخول لها بالتذاكر، وهو ما تؤكده في الغالب منشورات الدعاية لهَذِهِ الحفلات.
الغريب في هَذِهِ الحفلات أنَّها ربحيَّة بامتياز، إذ يعهد تنظيمها أحيانًا لشركات متخصّصة، في تجاوز صارخ للقانون وأمام أعين الجميع.
ويعرف التماس الإحسان العمومي على أنّه “كل طلب يوجه إلى العموم قصد الحصول على أموال أو أشياء أو منتوجات، ولا سيَّما عن طريق الالتماس، وجمع الأموال، والاكتتابات، وبيع الشارات، وتنظيم الحفلات الراقصة، والمهرجانات، والسهرات، والتظاهرات الخيريَّة، والحفلات الموسيقيَّة، بغرض تمويل قضيَّة معينة.
وهكذا، فإنه لا يجوز تنظيم التماس الإحسان العمومي أو الإعلان عنه في الطريق العام أو الأماكن العموميَّة أو بمنازل الأفراد بواسطة أي شخص وبأي شكل من الأشكال إلا بترخيص من الأمين العام للحكومة. حيث يتوجب على كل جمعيَّة مؤسسة بصفة قانونيَّة يوجد مقرها بالمغرب، ترغب في التماس الإحسان العمومي أن تضع عن طريق ممثلها المفوض من قبلها بصفة رسميَّة لهَذَا الغرض طلبا للحصول على رخصة بذلك مقابل وصل، خمسة عشر يومًا على الأقل قبل تنظيم التظاهرة المزمع إقامتها، وذلك لدى عامل العمالة أو الإقليم الَّتِي ستنظم التظاهرة بها إذا كان لها طابع محليّ سواء على صعيد العمالة أو الإقليم.
ويبعث هَذَا الطلب، الَّذِي يجب أن يُحدّد طبيعة التظاهرة والغرض المُخصّص للأموال المراد جمعها وتاريخ التظاهرة ومكان إجرائها، عن طريق والي الجهة أو العامل المعني بالأمر إلى الأمين العام للحكومة مشفوعًا برأيه في الموضوع، ومرفقًا بوصل آخر تجديد لمكتب الجمعيَّة، ونسخة من بياناتها المالية، وبرنامج التظاهرة، وهويَّة وصفة الأشخاص الذاتيّين المكلفين بجمع الأموال.