تواصل معنا

مجتمع

تحقيق: بعد ما اقتحمت الفضاءات العمومية بطنجة.. التسول مهنة من لا مهنة له

من‭ ‬إنجاز‭: ‬المختار‭ ‬لعروسي

ما‭ ‬إن‭ ‬تضع‭ ‬قدميك‭ ‬بها‭ ‬حتّى‭ ‬تسحرك‭ ‬وتبهرك‭ ‬بجمالها‭ ‬غير‭ ‬العادي‭ ‬وبطبيعتها‭ ‬الخلَّابة،‭ ‬أزقّتها‭ ‬ودروبها‭ ‬تخفي‭ ‬قصص‭ ‬عبق‭ ‬التاريخ‭ ‬وروايات‭ ‬الحضارات‭ ‬الغابرة‭ ‬الَّتِي‭ ‬مرَّت‭ ‬بها،‭ ‬ولكلّ‭ ‬حضارة‭ ‬قصّة‭ ‬ورواية،‭ ‬فكيف‭ ‬لا‭ ‬وهي‭ ‬المدينة‭ ‬الَّتِي‭ ‬تُعدُّ‭ ‬مهد‭ ‬الحضارات‭ ‬وملتقى‭ ‬الثقافات‭ ‬ومدينة‭ ‬تلاقح‭ ‬الأديان‭ ‬ومدينة‭ ‬التسامح‭.‬

هي‭ ‬بوابة‭ ‬إفريقيا‭ ‬نحو‭ ‬أوروبّا،‭ ‬وهي‭ ‬ملتقى‭ ‬البحرين،‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬والمحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬هي‭ ‬المدينة‭ ‬الضاربة‭ ‬في‭ ‬القدم،‭ ‬هي‭ ‬مَن‭ ‬استقبلت‭ ‬حضارة‭ ‬الإغريقيين‭ ‬والرومان‭ ‬والفنيقيّين،‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬رسَّخت‭ ‬لأسطورة‭ ‬هرقل،‭ ‬وحافظت‭ ‬على‭ ‬مقابر‭ ‬الرومان،‭ ‬احتضنت‭ ‬تجارتهم‭ ‬وفلاحتهم‭ ‬واقتصادهم‭.‬

طنجى‭ ‬أو‭ ‬طنجيس‭ ‬أو‭ ‬طنجة‭ ‬أسماء‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتعدّدة،‭ ‬احتضنت‭ ‬أيضًا‭ ‬حضارات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الإسلام،‭ ‬وكانت‭ ‬مركزًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المغرب‭ ‬الحديث‭ ‬والمعاصر،‭ ‬مركز‭ ‬المقاومة‭ ‬ومركزًا‭ ‬ينتج‭ ‬المقاومين‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬قاوموا‭ ‬الاحتلال‭ ‬الغاشم،‭ ‬بل‭ ‬أنتج‭ ‬رجالًا‭ ‬وطنيين‭ ‬وسياسيّين،‭ ‬كتبوا‭ ‬تاريخهم‭ ‬بمداد‭ ‬من‭ ‬التضحيات‭ ‬والفخر‭ ‬والاعتزاز،‭ ‬فيكفي‭ ‬أن‭ ‬أوّل‭ ‬حكومة‭ ‬للتناوب‭ ‬قادها‭ ‬سياسي‭ ‬مُحنّك‭ ‬هو‭ ‬ابن‭ ‬بار‭ ‬لمدينة‭ ‬طنجة‭ ‬الفقيد‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬اليوسفي‮»‬‭.‬

مما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه،‭ ‬أنَّ‭ ‬عاصمة‭ ‬البوغاز‭ ‬اليوم‭ ‬تشهد‭ ‬تحوّلاتٍ‭ ‬كبيرةً‭ ‬في‭ ‬بنياتها‭ ‬التحتيَّة‭ ‬وفي‭ ‬هياكلها،‭ ‬فهي‭ ‬المدينة‭ ‬الَّتِي‭ ‬تستقبل‭ ‬يوميًّا‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬وأصبحت‭ ‬وجهةً‭ ‬لكلّ‭ ‬المستثمرين‭ ‬الأجانب‭ ‬والمغاربة،‭ ‬كما‭ ‬أصبحت‭ ‬وجهة‭ ‬حقيقيَّة‭ ‬لكلّ‭ ‬الشباب‭ ‬الَّذِي‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬فرصة‭ ‬شغل‭ ‬أو‭ ‬فرصة‭ ‬عمل،‭ ‬وهَذَا‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬الاهتمام‭ ‬الملكيّ‭ ‬الَّذِي‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبفضل‭ ‬موقعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬القريب‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬الجارة‭ ‬الإسبانيَّة‭.‬

لكنّ‭ ‬كل‭ ‬هَذِهِ‭ ‬المميزات‭ -‬الَّتِي‭ ‬تزخر‭ ‬بها‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭- ‬لا‭ ‬تخفي‭ ‬بروز‭ ‬ظواهر‭ ‬اجتماعيَّة‭ ‬خطيرة‭ ‬جدًّا،‭ ‬نتجت‭ -‬وفق‭ ‬التطور‭ ‬الَّذِي‭ ‬تعيشه‭ ‬المدينة‭- ‬ظواهر‭ ‬قد‭ ‬تتسبّب‭ ‬في‭ ‬اندثار‭ ‬بعض‭ ‬القيم‭ ‬والعادات‭ ‬والتقاليد،‭ ‬فهي‭ ‬ظواهر‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬مجتمع‭ ‬غارق‭ ‬في‭ ‬التناقضات‭ ‬ومشكلات‭ ‬الحياة،‭ ‬إذ‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬مخرجًا‭ ‬من‭ ‬المأزق‭ ‬الَّذِي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬قيم‭ ‬مجتمع‭ ‬بأكمله‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬نتحدّث‭ ‬عن‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬دون‭ ‬تسجيل‭ ‬تنامي‭ ‬ظاهرة‭ ‬اجتماعيَّة‭ ‬خطيرة‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬اندثار‭ ‬كلّ‭ ‬القيم،‭ ‬لتعطي‭ ‬صورةً‭ ‬سلبيَّةً‭ ‬عن‭ ‬مدينة‭ ‬حضاريَّة‭ ‬ودوليَّة‭ ‬يعرفها‭ ‬العالم‭ ‬ويقصدها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السياحة‭ ‬والتمتّع‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسوّل،‭ ‬فأينما‭ ‬ولّيت‭ ‬وجهك‭ ‬وإلا‭ ‬رصدت‭ ‬عيناك‭ ‬جحافلَ‭ ‬من‭ ‬المتسوّلين،‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬فئات‭ ‬عمريَّة‭ ‬مختلفة‭ ‬وإلى‭ ‬الجنسين،‭ ‬يعتمدون‭ ‬أساليبَ‭ ‬مُختلفةً‭ ‬ويخلقون‭ ‬قصصًا‭ ‬متعدّدةً،‭ ‬لكلّ‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬طريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬تعاطف‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استمالتهم‭ ‬وجلب‭ ‬منهم‭ ‬الدريهمات‭.‬

‭ ‬إذ‭ ‬تُعدُّ‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسوّل‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعيَّة‭ ‬الَّتِي‭ ‬تعكس‭ ‬الجوانب‭ ‬المُعقّدة‭ ‬للحياة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي،‭ ‬يتجاوز‭ ‬التسول‭ ‬البساطة‭ ‬الظاهريَّة،‭ ‬فطنجة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬عددٍ‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬المغربيَّة‭ ‬تعاني‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسول‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وتتفاوت‭ ‬أسبابها‭ ‬وظروفها‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬حيث‭ ‬يرجع‭ ‬البعض‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الفقر‭ ‬والبطالة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يربط‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬ذلك‭ ‬بالظروف‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬الصعبة‭ ‬والظلم‭ ‬الاجتماعيّ‭. ‬تصاحب‭ ‬التسول‭ ‬ظواهر‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬الاستغلال‭ ‬والتنظيم‭ ‬الإجراميّ،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬موضوعًا‭ ‬معقدًا‭ ‬يتطلّب‭ ‬فهمًا‭ ‬عميقًا‭ ‬وتحليلًا‭ ‬شاملًا‭. ‬وبين‭ ‬هَذَا‭ ‬وذاك‭ ‬تجد‭ ‬طنجة‭ ‬أصبحت‭ ‬غارقةً‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬المتسولين‭ ‬الَّذِي‭ ‬جعلوا‭ ‬من‭ ‬التسوّل‭ ‬مهنة‭ ‬تدرّ‭ ‬عليها‭ ‬أرباحًا،‭ ‬فهي‭ ‬مدخل‭ ‬رزقهم،‭ ‬فالتسول‭ ‬عن‭ ‬البعض‭ ‬مهنة‭.‬

*يقصدونها‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬أماكن‭ ‬مختلفة‭.. ‬حولوا‭ ‬التسوّل‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬اجتماعية‭ ‬إلى‭ ‬حرفة‭ ‬يحترفونها

إذا‭ ‬كانت‭ ‬الآلاف‭ ‬تقصد‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬قصد‭ ‬السياحة‭ ‬ومثلها‭ ‬تقصد‭ ‬طنجة‭ ‬للعمل،‭ ‬فهناك‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬يقصدون‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬للتسوّل‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬هَذَا‭ ‬المجال‭ ‬بشكل‭ ‬مُنظّم،‭ ‬حيث‭ ‬ساهموا‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬التسوّل‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬اجتماعيَّة‭ ‬سيئة‭ ‬إلى‭ ‬حرفة‭ ‬يحترفونها،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬موردَ‭ ‬رزقهم،‭ ‬تدرّ‭ ‬عليهم‭ ‬دخلًا‭ ‬شبه‭ ‬قار‭.‬

فلم‭ ‬تعد‭ ‬الحاجة‭ ‬هي‭ ‬مَن‭ ‬تخرج‭ ‬هَؤُلَاءِ‭ ‬للشارع،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬لقمة‭ ‬العيش‭ ‬والتغلّب‭ ‬على‭ ‬الجوع‭ ‬والفقر،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬منظم‭ ‬يجب‭ ‬القيام‭ ‬به‭.‬

في‭ ‬هَذَا‭ ‬الصدد‭ ‬التقت‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬لاديبيش‮»‬،‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬قبلوا‭ ‬أن‭ ‬يحكوا‭ ‬قصصهم‭ ‬أو‭ ‬قصص‭ ‬أصدقائهم،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬الشكل‭ ‬التالي‭:‬

حميد،‭ ‬وهو‭ ‬اسم‭ ‬حركي‭ ‬فقط‭ ‬يعود‭ ‬لابن‭ ‬ميدلت‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬48‭ ‬سنة،‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لطنجة‭ ‬قصد‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬ضاق‭ ‬به‭ ‬الحال‭ ‬بمدينته،‭ ‬لكن‭ ‬كبر‭ ‬سنّه‭ ‬وقلّة‭ ‬صحّته‭ ‬ومؤهله‭ ‬الدراسي،‭ ‬حال‭ ‬ذلك‭ ‬بالفشل‭ ‬ووجد‭ ‬نفسه‭ ‬مرّة‭ ‬أخرى‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬البطالة‭ ‬وقلّة‭ ‬الحيلة،‭ ‬وهو‭ ‬الشخص‭ ‬المتزوج‭ ‬ولديه‭ ‬ثلاثة‭ ‬أطفال،‭ ‬حسب‭ ‬حد‭ ‬قوله،‭ ‬فإنّه‭ ‬التقى‭ ‬بامرأة‭ ‬بمدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬وبعد‭ ‬التعرّف‭ ‬عليها‭ ‬وتبادل‭ ‬أطراف‭ ‬الحديث‭ ‬عرف‭ ‬أنّها‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬التسوّل‭ ‬وتدرّ‭ ‬أرباحًا‭ ‬مُهمّةً،‭ ‬وتمكنت‭ ‬بعد‭ ‬وقتٍ‭ ‬طويلٍ‭ ‬من‭ ‬إقناعه،‭ ‬بأن‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬هَذَا‭ ‬المجال‭.‬

حميد‭ ‬يضيف‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬حديثه‭ ‬مع‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬لاديبيش‮»‬،‭ ‬رفضت‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرًا‭ ‬وقاومت‭ ‬كثيرًا،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬الأخر‭ ‬قبلت‭ ‬كي‭ ‬أخرج‭ ‬من‭ ‬دوامة‭ ‬العوز‭ ‬والفقر‭. ‬الطريقة‭ ‬الَّتِي‭ ‬يسرد‭ ‬بها‭ ‬حميد‭ ‬أبهرت‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬لاديبيش‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬دفعتنا‭ ‬لنسأل‭ ‬عن‭ ‬المستوى‭ ‬الدراسي‭ ‬حيث‭ ‬صدمنا‭ ‬عندما‭ ‬علمنا‭ ‬أنه‭ ‬حاصل‭ ‬على‭ ‬الإجازة‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬الإسلاميَّة،‭ ‬حميد‭ ‬قال‭ ‬إنّه‭ ‬يعمل‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬المرأة،‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬تؤمن‭ ‬له‭ ‬المكان‭ ‬الَّذِي‭ ‬يتسوّل‭ ‬فيه‭ ‬مقابل‭ ‬أن‭ ‬يمنحها‭ ‬150‭ ‬درهمًا‭ ‬يوميًّا،‭ ‬الأمر‭ ‬الَّذِي‭ ‬دفعنا‭ ‬لنسأله‭ ‬وكم‭ ‬يبقى‭ ‬له‭ ‬فأجاب‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ورزقوا‭ ‬لكنَّ‭ ‬البركة‭ ‬حاضرة،‭ ‬وأكّد‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يصل‭ ‬ربحه‭ ‬إلى‭ ‬500‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬وفي‭ ‬البعض‭ ‬الأحيان‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬200‭ ‬درهم‭. ‬وأكّد‭ ‬حميد‭ ‬أنّه‭ ‬يعمل‭ ‬كمتسوّل،‭ ‬كأنه‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬وظيفة‭ ‬عموميَّة،‭ ‬فهو‭ ‬يبدأ‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬الحاديَّة‭ ‬عشرة‭ ‬صباحًا‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬الثالثة‭ ‬زوالًا،‭ ‬ثُمّ‭ ‬يذهب‭ ‬للغداء‭ ‬والاستراحة‭ ‬ويواصل‭ ‬عمله‭ ‬من‭ ‬الرابعة‭ ‬والنصف‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬العاشرة‭ ‬ليلًا،‭ ‬أي‭ ‬يعمل‭ ‬تسع‭ ‬ساعات‭ ‬وبشكل‭ ‬يوميّ‭.‬

ويضيف‭ ‬حميد‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬العطلة‭ ‬ولا‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬عملنا،‭ ‬فقط‭ ‬العمل‭ ‬والإبداع‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬التسوّل‭ ‬هي‭ ‬الكفيلة‭ ‬بجلب‭ ‬موارد‭ ‬رزق،‭ ‬علما‭ ‬أنّه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نبقى‭ ‬حبيسي‭ ‬مكانٍ‭ ‬واحدٍ،‭ ‬فالأمكنة‭ ‬تختلف‭ ‬وتتعدد‭ ‬حسب‭ ‬الوضع،‭ ‬وحسب‭ ‬الفترات‭ ‬الزمانيَّة‭. ‬من‭ ‬جهتها‭ ‬أكّدت‭ ‬حليمة‭ ‬41‭ ‬سنة،‭ ‬ابنة‭ ‬مدينة‭ ‬الخنيفرة،‭ ‬أنّه‭ ‬بعد‭ ‬طلاقها‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬ترعى‭ ‬خمسة‭ ‬أطفال،‭ ‬والأب‭ ‬أي‭ ‬الطليق‭ ‬لا‭ ‬يتحمّل‭ ‬مسؤولية‭ ‬أطفاله،‭ ‬ولا‭ ‬يمنحهم‭ ‬النفقة‭ ‬اللازمة،‭ ‬فكانت‭ ‬لا‭ ‬بُدَّ‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬يُمكنها‭ ‬من‭ ‬التغلّب‭ ‬على‭ ‬قساوة‭ ‬الحياة‭.‬

عملت‭ ‬حليمة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النظافة،‭ ‬فإنّ‭ ‬هناك‭ ‬عواملَ‭ ‬كثيرةً‭ ‬دفعتها‭ ‬لعدم‭ ‬الإكمال‭ ‬في‭ ‬هَذَا‭ ‬المجال،‭ ‬وبالتالي‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بُدَّ‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬لطنجة‭ ‬وتبحث‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬فعملت‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التسوّل‭. ‬حليمة‭ ‬تحكي‭ ‬أنها‭ ‬دخلت‭ ‬لعالم‭ ‬التسوّل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تُفكّر‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أو‭ ‬تخطط‭ ‬له،‭ ‬فقد‭ ‬تعرّضت‭ ‬لعملية‭ ‬السرقة‭ ‬بطنجة‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تملك‭ ‬أي‭ ‬درهم،‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬بُدَّ‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تسدّد‭ ‬أجرة‭ ‬الفندق،‭ ‬فحاولت‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الساكنة،‭ ‬لكنها‭ ‬تفاجأت‭ ‬بسخاوتهم،‭ ‬حيث‭ ‬وفّرت‭ ‬400‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة،‭ ‬الأمر‭ ‬الَّذِي‭ ‬شجعها‭ ‬على‭ ‬التسوّل‭ ‬وامتهان‭ ‬الأمر‭.‬

حليمة‭ ‬قالت‭ ‬إنّها‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأمر‭ ‬وكأنّها‭ ‬مُوظّفة‭ ‬تُحدّد‭ ‬سابقًا‭ ‬مكان‭ ‬تدخلها‭ ‬بعد‭ ‬دراسة‭ ‬الأمكنة‭ ‬سابقا،‭ ‬كما‭ ‬تعرف‭ ‬نوعيَّة‭ ‬المارة‭ ‬والساكنة‭ ‬لتختار‭ ‬وقت‭ ‬التسوّل‭ ‬والخطاب‭ ‬المستعمل‭ ‬ونوعيَّة‭ ‬للباس،‭ ‬فالأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لها‭ ‬ليس‭ ‬عشوائيًا‭ ‬وإنَّما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مدروسًا،‭ ‬حتّى‭ ‬تتمكّن‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬مهامّها‭.‬

حليمة‭ ‬اليوم‭ ‬تُوفّر‭ ‬من‭ ‬التسوّل،‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يُوفّر‭ ‬الموظف‭ ‬نظير‭ ‬عمله‭ ‬فهي‭ ‬تصل‭ ‬لسقف‭ ‬10000‭ ‬درهم‭ ‬شهريًا،‭ ‬وربَّما‭ ‬بشكل‭ ‬أقل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬لكنَّها‭ ‬تُوفّر‭ ‬مبلغًا‭ ‬يكفيها‭ ‬لرعاية‭ ‬أولادها‭ ‬وأسرتها‭ ‬الصغيرة،‭ ‬لكنّهم‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬شيئًا‭ ‬عن‭ ‬طبيعة‭ ‬شغلها‭.‬

*المخدرات‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الجنسيَّة‭ ‬والفقر‭ ‬دفعهم‭ ‬للتسول

حمزة‭ (‬13‭ ‬سنة‭) ‬ينحدر‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬قرى‭ ‬إقليم‭ ‬مراكش،‭ ‬يحكى‭ ‬لنا‭ ‬كيف‭ ‬اضطر‭ ‬إلى‭ ‬المجيء‭ ‬لطنجة،‭ ‬فهو‭ ‬الَّذِي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬قسوة‭ ‬عشيق‭ ‬أمه‭ ‬الَّذِي‭ ‬كان‭ ‬يعيش‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬منزلهم‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬والده‭ ‬في‭ ‬حادثة‭ ‬سير‭ ‬مؤلمة،‭ ‬وتذكّر‭ ‬حمزة‭ ‬بحرقة‭ ‬كيف‭ ‬لم‭ ‬يطق‭ ‬الصبر‭ ‬على‭ ‬معاناته‭ ‬المتكرّرة‭ ‬معه‭ ‬بعد‭ ‬تجرئه‭ ‬على‭ ‬الاعتداء‭ ‬عليه‭ ‬جنسيًّا‭ ‬كلما‭ ‬غابت‭ ‬والدته‭ ‬عن‭ ‬المنزل‭. ‬وما‭ ‬حزَّ‭ ‬في‭ ‬حمزة‭ ‬ودفعه‭ ‬مباشرة‭ ‬للرحيل‭ ‬عن‭ ‬البيت،‭ ‬هو‭ ‬تكذيب‭ ‬والدته‭ ‬له‭ ‬عندما‭ ‬اشتكى‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬اعتداءات‭ ‬خليلها‭ ‬الَّذِي‭ ‬أنكر‭ ‬أفعاله‭ ‬أمامّها،‭ ‬بل‭ ‬نهرته‭ ‬وأنبته‭ ‬مُتهمةً‭ ‬إيّاه‭ ‬باختلاق‭ ‬حكايات‭ ‬بغية‭ ‬طرد‭ ‬صديقها‭ ‬من‭ ‬المنزل‭.‬

فوجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬وهو‭ ‬غارق‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الإدمان‭ ‬على‭ ‬المخدرات،‭ ‬ويفترش‭ ‬الشارع‭ ‬لينام،‭ ‬وبدأت‭ ‬عملية‭ ‬الاعتداء‭ ‬الجنسي‭ ‬والتغرير‭ ‬به‭ ‬تتكرّر‭ ‬معه،‭ ‬فبدأ‭ ‬يحلم‭ ‬بالهجرة‭ ‬إلى‭ ‬أوروبّا‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفعه‭ ‬للسفر‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬وهناك‭ ‬تعرف‭ ‬على‭ ‬‮«‬حامو‮»‬‭ ‬باطرون‭ ‬القاصرين‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يتسولون‭ ‬بدأ‭ ‬يعمل‭ ‬معه‭ ‬مقابل‭ ‬120‭ ‬درهمًا‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬الأمر‭ ‬الَّذِي‭ ‬شجَّع‭ ‬حمزة‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬هَذَا‭ ‬المجال‭.‬

حالة‭ ‬مماثلة‭ ‬التقت‭ ‬بها‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬لاديبيش‮»‬،‭ ‬وتخصّ‭ ‬الطفل‭ ‬حاتم‭ ‬لم‭ ‬يكمل‭ ‬بعد‭ ‬15‭ ‬سنة،‭ ‬وينحدر‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬الجديدة،‭ ‬الَّذِي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تخدير‭ ‬بسبب‭ ‬تناوله‭ ‬أقراصًا‭ ‬مُهلوسةً،‭ ‬حملته‭ ‬الوحدة‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬سيارة‭ ‬الخدمة،‭ ‬حاتم‭ ‬الَّذِي‭ ‬كان‭ ‬يعيش‭ ‬رفقة‭ ‬والدته‭ ‬المطلقة‭ ‬وثلاثة‭ ‬من‭ ‬إخوته،‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬المعاناة‭ ‬الَّتِي‭ ‬تواجه‭ ‬والدته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬لهم‭ ‬لقمة‭ ‬العيش،‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفلاحة‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬كعاملة‭ ‬في‭ ‬المنازل‭.‬

لكن‭ ‬يقول‭ ‬حاتم‭ ‬مع‭ ‬اشتداد‭ ‬الفقر‭ ‬وضيق‭ ‬ذات‭ ‬اليد،‭ ‬غادر‭ ‬حاتم‭ ‬مدينته‭ ‬متوجهًا‭ ‬نحو‭ ‬الشمال‭ ‬حاملًا‭ ‬معه‭ ‬حلم‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬الديار‭ ‬الأوروبيَّة‭. ‬وهو‭ ‬الحلم‭ ‬الَّذِي‭ ‬لم‭ ‬يفارقه‭ ‬للحظة‭ ‬حيث‭ ‬حاول‭ ‬لمرّات‭ ‬متعدّدة‭ ‬الهجرة‭ ‬السريَّة‭ ‬عبر‭ ‬ميناء‭ ‬طنجة‭ ‬دون‭ ‬جدوى‭ ‬ومستعد‭ ‬لمعاودة‭ ‬الكرّة‭ ‬مرّات‭ ‬ومرّات،‭ ‬وفي‭ ‬انتظار‭ ‬ذلك‭ ‬يقضي‭ ‬يومه‭ ‬في‭ ‬تسوّل‭ ‬ما‭ ‬جاد‭ ‬كرم‭ ‬المواطنين‭ ‬يصرفه‭ ‬في‭ ‬الأكل‭ ‬والتدخين‭ ‬وتعاطي‭ ‬الأقراص‭ ‬المخدّرة،‭ ‬وبسبب‭ ‬إدمانه‭ ‬على‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الأخيرة‭ ‬كان‭ ‬يوسف‭ ‬يفرّ‭ ‬دومًا‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬الرعاية‭ ‬الاجتماعيَّة‭ ‬بسبب‭ ‬حاجته‭ ‬الملحة‭ ‬إلى‭ ‬المال‭ ‬لاقتناء‭ ‬المخدرات،‭ ‬فيحصل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬احترافه‭ ‬التسول‭.‬

حاتم‭ ‬قال‭ ‬أيضًا‭ ‬إنّ‭ ‬التسوّل‭ ‬تسبب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬اعتداء‭ ‬جنسي،‭ ‬فبينما‭ ‬هو‭ ‬يطلب‭ ‬الناس‭ ‬مقابل‭ ‬حصول‭ ‬على‭ ‬دريهمات،‭ ‬وقفت‭ ‬عليه‭ ‬سيارة‭ ‬فارهة‭ ‬وسط‭ ‬المدينة‭ ‬يقودها‭ ‬شخص‭ ‬يتجاوز‭ ‬عمره‭ ‬ستين‭ ‬سنة،‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬الصعود‭ ‬للسيارة،‭ ‬وأقنعه‭ ‬أنه‭ ‬فاعل‭ ‬خير،‭ ‬وأنّه‭ ‬سوف‭ ‬يخرجه‭ ‬من‭ ‬التسوّل‭ ‬وتعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬وسوف‭ ‬يعيده‭ ‬للدراسة‭ ‬وتوفير‭ ‬بعض‭ ‬الأموال‭ ‬لأسرته،‭ ‬الأمر‭ ‬الَّذِي‭ ‬فاجأ‭ ‬حاتم‭ ‬وأبدى‭ ‬موافقته،‭ ‬حيث‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬الرجل‭ ‬مرافقته‭ ‬إلى‭ ‬منزله‭ ‬الَّذِي‭ ‬يقع‭ ‬بمكان‭ ‬خارج‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭. ‬يستطرد‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬كان‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬عاديًّا،‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬اليومين‭ ‬الأولين،‭ ‬فالرجل‭ ‬يتعامل‭ ‬معه‭ ‬كابنه‭ ‬ويُوفّر‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثالث‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬معه‭ ‬حمام‭ ‬المنزل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحمم‭ ‬وهناك‭ ‬غرر‭ ‬به‭ ‬حيث‭ ‬مارس‭ ‬عليه‭ ‬الجنس‭ ‬وظل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الوضع‭ ‬لمدة‭ ‬أسبوعين،‭ ‬ليطرده‭ ‬بعد‭ ‬أنا‭ ‬عادت‭ ‬أسرته‭ ‬من‭ ‬السفر،‭ ‬فعاد‭ ‬حاتم‭ ‬للتسول‮»‬‭.‬

*بيـوت‭ ‬اللــه‭ ‬تتحـــوّل‭ ‬إلــى‭ ‬مكان‭ ‬مفضل‭ ‬للمـتسوّليـــن

في‭ ‬الوقت‭ ‬الَّذِي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬المساجد‭ (‬بيوت‭ ‬الله‭)‬،‭ ‬أماكن‭ ‬للصلاة‭ ‬والعبادة،‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬الاجتماعيَّة‭ ‬الغريبة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬محيطها،‭ ‬ففي‭ ‬أغلب‭ ‬أبواب‭ ‬المساجد‭ ‬الكبرى‭ ‬بالمدينة‭ ‬تجد‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬يتسولون‭ ‬ويطلبون‭ ‬من‭ ‬المصلين‭ ‬أن‭ ‬يمنحوهم‭ ‬بعض‭ ‬الدريهمات،‭ ‬محاولين‭ ‬استعطافهم‭ ‬واستخدام‭ ‬الوازع‭ ‬الديني،‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬المكان‭ ‬يوحي‭ ‬بذلك‭.‬

جُلّ‭ ‬المساجد‭ ‬بمدينة‭ ‬طنجة‭ ‬أصبحت‭ ‬تستقطب‭ ‬المتسوّلين،‭ ‬ولكلّ‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬طريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬التسول‭ ‬أو‭ ‬‮«‬السعاية‮»‬‭ ‬ولكلّ‭ ‬مبدع‭ ‬نصيب،‭ ‬هكذا‭ ‬تقول‭ ‬لطيفة‭ ‬لجريدة‭ ‬‮«‬لاديبيش‮»‬،‭ ‬فالتسوّل‭ ‬ليس‭ ‬بعمل‭ ‬جامد،‭ ‬وإنَّما‭ ‬يتطلب‭ ‬تجديد‭ ‬طرق‭ ‬التسوّل‭ ‬حسب‭ ‬حد‭ ‬قول‭ ‬هَذِهِ‭ ‬المتسولة‭.‬

*عصابات‭ ‬محترفة‭ ‬للتسول

لم‭ ‬يعد‭ ‬التسوّل‭ ‬بطنجة‭ ‬ظاهرةً‭ ‬قائمةً‭ ‬على‭ ‬اعتماد‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬على‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الطريقة‭ ‬لجلب‭ ‬الأموال،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬مُقنّنة،‭ ‬وهناك‭ ‬عصابات‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬‮«‬سوق‭ ‬التسوّل‮»‬‭ ‬بطنجة،‭ ‬وهي‭ ‬تلجأ‭ ‬إلى‭ ‬استغلال‭ ‬عددٍ‭ ‬من‭ ‬العجزة‭ ‬وذوي‭ ‬العاهات‭ ‬والإعاقات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الرضّع‭ ‬والأطفال‭ ‬لكسب‭ ‬أموال‭ ‬طائلة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استدرار‭ ‬عطف‭ ‬المواطنين‭ ‬بإظهار‭ ‬الضعف‭ ‬والعجز‭ ‬والفقر‭.‬

وكانت‭ ‬هَذِهِ‭ ‬العصابات‭ ‬تعمد‭ ‬على‭ ‬توزيع‭ ‬المتسولين‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يشتغلون‭ ‬تحت‭ ‬إمرتها‭ ‬على‭ ‬نقاط‭ ‬‮«‬استراتيجيَّة‮»‬‭ ‬بالمدن‭ ‬تشهد‭ ‬ازدحامًا‭ ‬للمارة‭ ‬أو‭ ‬للسيارات‭ ‬تحتكرها‭ ‬لوحدها،‭ ‬منها‭ ‬أبواب‭ ‬المساجد‭ ‬والصيدليات‭ ‬والمخابز‭ ‬وحول‭ ‬ملتقيات‭ ‬السير‮…‬‭ ‬فرئيسة‭ ‬العصابة‭ ‬كانت‭ ‬تُعدُّ‭ ‬برنامجًا‭ ‬مُحكّمًا‭ ‬لتوزيع‭ ‬المتسوّلين‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬المدينة‭ ‬وكأنّها‭ ‬تدير‭ ‬شركة‭ ‬بها‭ ‬عشرات‭ ‬العمال،‭ ‬إذ‭ ‬كانت‭ ‬تسهر‭ ‬على‭ ‬الجمع‭ ‬واستخلاص‭ ‬مداخيل‭ ‬المتسولين‭ ‬نهاية‭ ‬كلّ‭ ‬يوم‭ ‬عملٍ،‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬يُؤدّي‭ ‬سومة‭ ‬ثابتة‭ ‬نظير‭ ‬استغلال‭ ‬أماكن‭ ‬التسوّل،‭ ‬بينما‭ ‬آخرون‭ ‬يقدمون‭ ‬لها‭ ‬مجموع‭ ‬‮«‬الصدقات‮»‬‭ ‬المستخلصة،‭ ‬وهي‭ ‬تكافئهم‭ ‬بمنحهم‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬المداخيل‭ ‬مع‭ ‬توفير‭ ‬مكانٍ‭ ‬لهم‭ ‬للمبيت‭.‬

*استغلال‭ ‬الرضع‭ ‬وذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة

لم‭ ‬يعد‭ ‬التسوّل‭ ‬أمرًا‭ ‬هيّنًا،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬بُدَّ‭ ‬للإعداد‭ ‬له‭ ‬سابقًا‭ ‬حتّى‭ ‬تتمكّن‭ ‬من‭ ‬استمالة‭ ‬تعاطف‭ ‬الناس،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يكتري‭ ‬الرضع‭ ‬والأطفال‭ ‬قصد‭ ‬التسول‭ ‬بهم‭ ‬مقابل‭ ‬سومة‭ ‬كرائية‭ ‬مُحدّدة،‭ ‬وهو‭ ‬سلوك‭ ‬إجرامي‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬هَؤُلَاءِ‭ ‬الملائكة‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬لم‭ ‬يسلموا‭ ‬من‭ ‬وحشيَّة‭ ‬هَؤُلَاءِ‭ ‬المتسوّلين‭.‬

فجريدة‭ ‬‮«‬لاديبيش‮»‬،‭ ‬علمت‭ ‬أن‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬كراء‭ ‬الرضع‭ ‬واسترجاعهم‭ ‬بعد‭ ‬النهاية‭ ‬من‭ ‬عملهم،‭ ‬الأمر‭ ‬الَّذِي‭ ‬يتطلّب‭ ‬تدخل‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ردعهم،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬الأمر‭ ‬الَّذِي‭ ‬يتكرر‭ ‬مع‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ‬حيث‭ ‬تُكترى‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬الصعبة‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬خلق‭ ‬تعاطف‭ ‬الناس‭ ‬معهم‭ ‬ويمنحوهم‭ ‬بعض‭ ‬الدريهمات‭.‬

إن‭ ‬الخطير‭ ‬في‭ ‬التسول‭ ‬بمدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬هو‭ ‬انتقال‭ ‬ظاهرة‭ ‬التسوّل‭ ‬إلى‭ ‬المؤسّسات‭ ‬العموميَّة‭ ‬خصوصا‭ ‬المستشفيات‭ ‬بمدينة‭ ‬طنجة‭ ‬مثل‭: ‬‮«‬المستشفى‭ ‬الجهوي‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭/ ‬مستشفى‭ ‬بوعراقية‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬داء‭ ‬السل‭/ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المستشفيات‮…»‬،‭ ‬الَّتِي‭ ‬بدأت‭ ‬تطبع‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬مع‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الظاهرة‭ ‬الَّتِي‭ ‬تنخر‭ ‬مجتمعنا،‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أشخاص‭ ‬أصبحوا‭ ‬يتقنون‭ ‬‮«‬مهنة‭ ‬التسول‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬يسافرون‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬بعيدة‭ ‬ليمارسوا‭ ‬هَذِهِ‭ ‬‮«‬المهنة‮»‬‭ ‬بمدينة‭ ‬طنجة‭.‬

اختراق‭ ‬مثل‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الأماكن،‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المستشفيات،‭ ‬بل‭ ‬أصبحنا‭ ‬في‭ ‬طنجة‭ ‬نرصد‭ ‬حالات‭ ‬التسوّل‭ ‬بالمحطات‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‭ ‬وأمام‭ ‬المؤسّسات‭ ‬التعليميَّة‭ ‬والأسواق،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الشواطئ،‭ ‬الأمر‭ ‬الَّذِي‭ ‬أصبح‭ ‬يُزعج‭ ‬المواطنين‭ ‬ويؤرق‭ ‬راحتهم‭.‬

‭ ‬في‭ ‬هَذَا‭ ‬الصدد،‭ ‬أكّد‭ ‬بن‭ ‬رحال،‭ ‬أحد‭ ‬أبناء‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬أنَّ‭ ‬المدينة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تعرف‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الظاهرة،‭ ‬وحتّى‭ ‬إن‭ ‬وجدت‭ ‬فهي‭ ‬قليلة‭ ‬جدًّا،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬التوسّع‭ ‬العمرانيّ‭ ‬والجغرافيّ‭ ‬بدأت‭ ‬طنجة‭ ‬تستقطب‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يمتهنون‭ ‬التسوّل،‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬وهم‭ ‬يوفرون‭ ‬قوت‭ ‬يومهم‭ ‬بطريقة‭ ‬سهلة‭.‬

ويضيف‭ ‬المتحدث‭ ‬ذاته،‭ ‬الَّذِي‭ ‬خص‭ ‬‮«‬لاديبيش‮»‬‭ ‬بتصريحه‭: ‬‮«‬فيكفي‭ ‬أن‭ ‬تتقن‭ ‬فنّ‭ ‬التسوّل‭ ‬والاستعطاف،‭ ‬حتّى‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬يصعب‭ ‬عليك‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مهن‭ ‬أخرى‮»‬‭.‬

أبواب‭ ‬المؤسسات‭ ‬العموميَّة‭ ‬والمنتخبة‭ ‬والإدارات،‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المتسولين‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم،‭ ‬فهي‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمتسولين‭ ‬أماكن‭ ‬للعمل‭ ‬أيضًا‭ ‬ومصدر‭ ‬رزقهم،‭ ‬يجب‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬لهم‭ ‬ارحلوا‭ ‬من‭ ‬هنا‭.‬

في‭ ‬طنجة‭ ‬أيضًا‭ ‬الشواطئ‭ ‬والمنتزهات‭ ‬والغابات‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬في‭ ‬الشاطئ‭ ‬للاستجمام‭ ‬مع‭ ‬عائلتك‭ ‬حتّى‭ ‬يفاجئك‭ ‬أحدهم‭ ‬مُطالبين‭ ‬بالتعاون‭ ‬معهم،‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬وضعيَّة‭ ‬الفقر‭ ‬الَّتِي‭ ‬يعيشنها،‭ ‬أو‭ ‬لعلاج‭ ‬أطفالهم‭ ‬أو‭ ‬أزواجهم‭.‬

*الأجانب‭ ‬يتسولون‭ ‬أيضا‭ ‬بطنجة

لم‭ ‬يقتصر‭ ‬التسوّل‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬على‭ ‬المغاربة‭ ‬فقط،‭ ‬فطنجة‭ ‬ملجأ‭ ‬للمتسولين‭ ‬ليس‭ ‬المغاربة‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬حتّى‭ ‬للأجانب،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أفارقة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬وبعض‭ ‬اللاجئين‭ ‬السوريّين،‭ ‬مع‭ ‬تسجيل‭ ‬حالات‭ ‬قليلة‭ ‬لبعض‭ ‬الأجانب‭ ‬المنحدرين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبيَّة‭.‬

فطنجة‭ ‬الدولية‭ ‬إذن‭ ‬حتّى‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التسول،‭ ‬فالأجانب‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يعيشون‭ ‬حالات‭ ‬صعبة،‭ ‬اكتسبوا‭ ‬حرفة‭ ‬وفنّ‭ ‬التسوّل‭ ‬واقتحموا‭ ‬المجال‭.‬

*القانون‭.. ‬وصعوبة‭ ‬المهام

لا‭ ‬شكّ‭ ‬أن‭ ‬الضابطة‭ ‬القضائية‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬حرج،‭ ‬لتسقط‭ ‬أحيانًا‭ ‬في‭ ‬ارتباك‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬بحثها‭ ‬مع‭ ‬المتسولين،‭ ‬نظرًا‭ ‬لحساسيَّة‭ ‬موقفهم‭ ‬إزاء‭ ‬أفراد‭ ‬يفترض‭ ‬معاناتهم‭ ‬مع‭ ‬الفقر‭ ‬وعيشهم‭ ‬حياة‭ ‬البؤس‭ ‬والحرمان‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬ضروريّات‭ ‬العيش‭ ‬الكريم،‭ ‬ما‭ ‬جعلهم‭ ‬يلجؤون‭ ‬إلى‭ ‬مدّ‭ ‬يد‭ ‬الاستعطاف‭ ‬للآخر‭ ‬لمساعدتهم‭.‬

لكن‭ ‬الأمر‭ ‬اختلف‭ ‬مع‭ ‬تنامي‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الظاهرة،‭ ‬حسب‭ ‬تصريحات‭ ‬عددٍ‭ ‬من‭ ‬متتبّعي‭ ‬الشأن‭ ‬المحلي‭ ‬بالمدينة،‭ ‬فحالات‭ ‬لمتسولين‭ ‬محترفين‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬بلغ‭ ‬حدّ‭ ‬الاغتناء‭ ‬من‭ ‬نشاط‭ ‬التسوّل،‭ ‬واكتشاف‭ ‬عصابات‭ ‬ومافيات‭ ‬تحتكر‭ ‬مناطق‭ ‬بعينها‭ ‬وتكتري‭ ‬أهمها‭ ‬إلى‭ ‬متسولين‭ ‬محترفين‭ ‬يستدرون‭ ‬شفقة‭ ‬المارة‭ ‬بالتظاهر‭ ‬بالإصابة‭ ‬بأمراض‭ ‬خطيرة‭ ‬أو‭ ‬بعاهات‭ ‬مستديمة،‭ ‬فيما‭ ‬آخرون،‭ ‬وصار‭ ‬الأمن‭ ‬يتعاطى‭ ‬بحذر‭ ‬مع‭ ‬هَؤُلَاءِ‭ ‬المتسوّلين،‭ ‬خاصّة‭ ‬من‭ ‬ثبتت‭ ‬فيهم‭ ‬حالات‭ ‬العود‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يأبوا‭ ‬النزول‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الاجتماعيَّة‭ ‬للإيواء‭.‬

ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬فطن‭ ‬القضاء‭ ‬لهَذِهِ‭ ‬الثغرة‭ ‬الَّتِي‭ ‬استفاد‭ ‬منها‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬بجنحة‭ ‬التسول،‭ ‬حيث‭ ‬كانوا‭ ‬يتابعون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬سراحٍ‭ ‬مؤقتٍ،‭ ‬وكان‭ ‬التعاطف‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬اللامبالاة‭ ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬متابعاتهم،‭ ‬رغم‭ ‬أنَّ‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬المغربي‭ ‬يعاقب‭ ‬المتسوّلين‭ ‬بعقوبات‭ ‬حبسيَّة‭ ‬سالبة‭ ‬للحريَّة،‭ ‬حيث‭ ‬تتراوح‭ ‬العقوبة‭ ‬بالفصل‭ ‬326‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬إلى‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬حبسًا،‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬وسائل‭ ‬العيش‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬بوسعه‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬لكنه‭ ‬تعود‭ ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬التسول‭ ‬بطريقة‭ ‬اعتياديَّة،‭ ‬وتزيد‭ ‬هَذِهِ‭ ‬العقوبة‭ ‬في‭ ‬فصول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬التظاهر‭ ‬بعاهة‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬القاصرين‭. ‬ودأب‭ ‬جل‭ ‬المسؤولين‭ ‬القضائيّين‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬المتابعين‭ ‬بجنحة‭ ‬التسوّل‭ ‬لصعوبة‭ ‬إثبات‭ ‬كون‭ ‬المتسوّل‭ ‬وجد‭ ‬عملًا‭ ‬مُدرًا‭ ‬للدخل‭ ‬وتركه‭ ‬بغرض‭ ‬احتراف‭ ‬التسوّل‭.‬

تابعنا على الفيسبوك