تواصل معنا

مجتمع

بعد سلسلة من الخطوات التشريعية والزجرية.. هل تقطع طنجة بشكل لا رجعة فيه مع البناء العشوائي؟‎

يتخبّط‭ ‬قطاع‭ ‬التعمير‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الإشكالات‭ ‬الَّتِي‭ ‬تجعل‭ ‬منه‭ ‬أكثر‭ ‬الملفات‭ ‬تعقيدًا‭ ‬وخطورة،‭ ‬وفي‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬بوابة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أوروبا‭ ‬والعالم،‭ ‬يُعدُّ‭ ‬البناء‭ ‬العشوائي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬المشكلات‭ ‬الَّتِي‭ ‬تخدش‭ ‬رونق‭ ‬المدينة‭ ‬وتُهدّد‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬بها،‭ ‬خاصّةً‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬ازدهار‭ ‬مافيا‭ ‬العقار‭ ‬الَّتِي‭ ‬تضع‭ ‬المسوغات‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬فتح‭ ‬سبل‭ ‬الربح‭ ‬السريع‭.‬

وقد‭ ‬أسالت‭ ‬قضايا‭ ‬مافيا‭ ‬العقار‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المداد‭ ‬حيث‭ ‬تورطت‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬للسطو‭ ‬على‭ ‬عقارات‭ ‬الغير،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لمختلف‭ ‬مجالات‭ ‬التجزيئ‭ ‬والبناء‭ ‬السريين،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الخروقات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعمير‭ ‬من‭ ‬تواطؤ‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬المعنيين‭ ‬بالقطاع،‭ ‬إما‭ ‬بالتغاضي‭ ‬وإما‭ ‬بالتورط‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬رخص‭ ‬خارج‭ ‬الضوابط‭ ‬القانونيَّة،‭ ‬بهدف‭ ‬الاستفادة‭ ‬ماديًّا‭ ‬أو‭ ‬عينيًّا‭ ‬من‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الظاهرة،‭ ‬غير‭ ‬أنَّه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬التبعات‭ ‬السلبيَّة‭ ‬الَّتِي‭ ‬يخلفها‭ ‬التأخر‭ -‬المبالغ‭ ‬فيه‭- ‬الَّذِي‭ ‬يطبع‭ ‬عملية‭ ‬إعداد‭ ‬الوثائق‭ ‬المنظمة‭ ‬لمجال‭ ‬التعمير،‭ ‬رغم‭ ‬توجيهات‭ ‬سابقة‭ ‬تضمنتها‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكيَّة‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬المناظرة‭ ‬الوطنيَّة‭ ‬حول‭ ‬السياسة‭ ‬العقاريَّة،‭ ‬الَّتِي‭ ‬شدَّد‭ ‬فيها‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬‮«‬وثائق‭ ‬التعمير‭ ‬وآليات‭ ‬التخطيط‭ ‬العمراني،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تستهدف‭ ‬خدمة‭ ‬المواطنين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب،‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬التهيئة‭ ‬الجيدة‭ ‬للفضاء‭ ‬العمراني‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬التفاوتات‭ ‬المجالية،‭ ‬وتكريس‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعيَّة،‭ ‬بدل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الوثائق‭ ‬وسيلة‭ ‬للمضاربة،‭ ‬الَّتِي‭ ‬تتنافى‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬المواطنين‮»‬‭.‬

كما‭ ‬يتعين،‭ ‬تضيف‭ ‬الرسالة‭ ‬الملكيَّة،‭ ‬‮«‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التعمير‭ ‬آلية‭ ‬لإرساء‭ ‬العدالة‭ ‬العقاريَّة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الأعباء‭ ‬والارتفاقات‭ ‬المقررة‭ ‬للمصلحة‭ ‬العامة‭ ‬بين‭ ‬ملاك‭ ‬الأراضي،‭ ‬وضمان‭ ‬توزيع‭ ‬عادل‭ ‬لفائض‭ ‬القيمة‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬وثائق‭ ‬التعمير‮»‬‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬عرفت‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬كذلك،‭ ‬جهودًا‭ ‬مُكثّفةً‭ ‬لمحاصرة‭ ‬ظاهرة‭ ‬البناء‭ ‬العشوائي‭ ‬الَّذِي‭ ‬يستمد‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬زخمه‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬نحو‭ ‬المدينة،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأوراش‭ ‬والمشروعات‭ ‬الكبرى،‭ ‬وتفضيل‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬الاستقرار‭ ‬والنشاط‭ ‬بعاصمة‭ ‬البوغاز‭. ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬لملف‭ ‬التعمير‭ ‬أن‭ ‬عصف‭ ‬بمسار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬السلطة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يطيح‭ ‬بحسن‭ ‬الفتوح‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬جماعة‭ ‬العوامة،‭ ‬بسبب‭ ‬خروقات‭ ‬في‭ ‬التعمير،‭ ‬وتحريك‭ ‬مسطرة‭ ‬طلب‭ ‬العزل‭ ‬ضده‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الإداريَّة‭ ‬بالرباط،‭ ‬بعد‭ ‬تقارير‭ ‬بشأن‭ ‬منح‭ ‬رخص‭ ‬بناء‭ ‬انفراديَّة،‭ ‬دون‭ ‬اتباع‭ ‬المساطر‭ ‬القانونيَّة‭ ‬الجاري‭ ‬بها‭ ‬العمل،‭ ‬الَّتِي‭ ‬تستلزم‭ ‬أخذ‭ ‬رأي‭ ‬الوكالة‭ ‬الحضريَّة،‭ ‬والسلطات‭ ‬المحلية‭.‬

كما‭ ‬أطاح‭ ‬قبله‭ ‬بأحمد‭ ‬الإدريسي‭ ‬من‭ ‬رئاسة‭ ‬جماعة‭ ‬اكزناية‭ ‬رفقة‭ ‬ستة‭ ‬من‭ ‬نوابه‭ ‬سنة‭ ‬2021،‭ ‬على‭ ‬خلفيَّة‭ ‬اختلالات‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التعمير‭ ‬بالجماعة‭ ‬كانت‭ ‬موضوع‭ ‬لجان‭ ‬تفتيش‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬قامت‭ ‬برصد‭ ‬عدة‭ ‬خروقات‭ ‬لمساطر‭ ‬وقوانين‭ ‬التعمير‭.‬

الجدير‭ ‬بالذكر،‭ ‬أنَّ‭ ‬دخول‭ ‬القانون‭ ‬66‭.‬12‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬بما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬مستجدات،‭ ‬يُشكّل‭ ‬خطوةً‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح،‭ ‬نحو‭ ‬توحيد‭ ‬وتبسيط‭ ‬إجراءات‭ ‬ومساطر‭ ‬المراقبة‭ ‬وزجر‭ ‬المخالفات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬رخص‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتسويَّة‭ ‬والهدم‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الرخص‭ ‬المسلمة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الجماعي،‭ ‬ويعزز‭ ‬صلاحيَّة‭ ‬معاينة‭ ‬المخالفات‭ ‬لضباط‭ ‬الشرطة‭ ‬القضائية‭ ‬أو‭ ‬للمخولة‭ ‬لهم‭ ‬هَذِهِ‭ ‬الصفة‭ ‬وتوسيع‭ ‬صلاحيات‭ ‬الأعوان‭ ‬المكلفين‭ ‬بالمراقبة‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬القانونيَّة‭ ‬والماديَّة،‭ ‬حتّى‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬توقيف‭ ‬المخالفات‭ ‬في‭ ‬بدايتها‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الإيقاف‭ ‬الفوري‭ ‬للأشغال‭ ‬وإمكانيَّة‭ ‬معاينة‭ ‬حتّى‭ ‬المخالفة‭ ‬المرتكبة‭ ‬داخل‭ ‬المحلات‭ ‬المعتمرة‭ ‬بإذن‭ ‬كتابي‭ ‬من‭ ‬النيابة‭ ‬العامة،‭ ‬وكذا‭ ‬ممارسة‭ ‬مهام‭ ‬مراقبة‭ ‬أوراش‭ ‬البناء‭ ‬تلقائيا‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬أعوان‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬السلطة‭ ‬الإداريَّة‭ ‬المحلية‭ ‬أو‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الجماعي‭ ‬أو‭ ‬مدير‭ ‬الوكالة‭ ‬الحضريَّة‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تبليغ‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬تقدم‭ ‬بشكاية‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭.‬

تابعنا على الفيسبوك