القانون والناس
العنف ضد المرأة بين الواقع وممارسة الحماية القانونية والفعلية إلى أين؟

تضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الجريمة زوجًا أو خاطبًا أو طليقًا أو أحد الأصول أو أحد الفروع أو أحد الإخوة أو كافلًا أو شخصًا له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلفًا برعايته، أو إذا كان ضحية الجريمة قاصرًا أو في وضعية إعاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية، وكذا في حالة العود.
الفصل (446)، نصَّ على أنّه حتَّى الأطباء والجرَّاحون وملاحظو الصحة وكذلك الصيادلة والمولدات وكلّ شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته، الدائمة أو المؤقتة، إذا أفضى سرًا أودع ليه، وذلك في غير الأحوال الَّتِي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم.
غير أنَّ الأشخاص المذكورين أعلاه لا يعاقبون بالعقوبات المقرَّرة في الفقرة السابقة في حالة:
- إذا بلغوا عن الإجهاض، علموا به بمناسبة ممارستهم مهنتهم أو وظيفتهم.
- إن كانوا غير ملزمين بهَذَا التبليغ.
- إذا بلغوا السلطات القضائية أو الإدارية المختصة عن ارتكاب أفعال إجرامية أو سوء المعاملة أو الحرمان في حق أطفال دون الثامنة عشرة أو من طرف أحد الزوجين في حق الزوج لآخر أو في حقّ امرأة، علموا بها بمناسبة ممارستهم مهنتهم أو وظيفتهم.
- إذا استدعى الأشخاص المذكورين للشهادة أمام القضاء في قضية متعلقة بالجرائم المشار إليها في الفقرة أعلاه، فإنهم يكونون ملزمين بالإدلاء بشهاداتهم، ويجوز لهم، عند الاقتضاء والادلاء بها كتابة، وحسب ما تمَّ النص عليه في الفصل السالف الذكر يكتشف أنَّ المشرع حاول وضع حماية قانونية لكل المتعنف، خصوصًا المرأة الَّتِي هي الحلقة الأضعف في سياسة المنظومة الأسرية في الغالب الفصل (1-503).
- يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسة آلاف إلى خمسين ألف درهم، من أجل جريمة التحرش الجنسي كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل للإكراه أو أي وسيلة أخرى مستغلًا السلطة الَّتِي تخولها له مهامّه ولأغراض ذات طبيعة جنسية.
تعريف المشرع في هَذَا الفصل يقتصر على التحرش الجنسي الممارس عبر الضغط والتهديد في إطار علاقة سلطة بالضحية. وهكذا أصبح مقترفًا لجريمة التحرش الجنسيّ كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية أو بواسطة رسائل أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية. غير أنَّ العقوبات الواردة لا تُشكّل ردعًا كافيًا للمتحرشين. كما أنَّها تترك الخيار للمحكمة بين الحكم بالحبس (ما بين شهر وستة أشهر) والحكم بالغرامة فقط، ما يتيح لمقترف هَذِهِ الجريمة الإفلات من الحبس. ما يعني أنَّ المحاربة الفعلية لهَذَا المظهر الأكثر انتشارًا للعنف ضد النساء تقتضي وجوبًا الحكم بالحبس والغرامة معًا، ورفع العقوبة الحبسية لتتراوح ما بين ثلاثة أشهر وسنة عوض أن تقتصر على ما بين شهر واحد وستة أشهر.
ما يثير الاستغراب أنَّ المُشرّعَ لا يعترف بالتحرش الجنسي كجريمة تُمارس عادة على النساء، فهو يشير إلى أنَّ الرجال أنفسهم معرضون له في تناقض صارخ مع التعريف المدرج في المادّة الأولى للعنف ضد النساء. ويدهشنا المشروع حين يتشبّث بهَذَا المنظور، حتّى في حالة جريمة الطرد من بيت الزوجية.
الامر الَّذِي يجعل المرأة تحتسب وضعها لله في أغلب حالات التحرش ولا تلجأ إلى القضاء، إلا إذا تعرّضت لأذى جسديّ ونفسيّ خطير، فهل العنف ضد النساء في سنة 2023، سيظل كما كان وقت الجاهلية أم أكثر قتامة؟
