القانون والناس
العلاقات الثنائية بين مرارة الواقع ومرونة المشرع والشرع.. التتمة

فهل المحاكمُ المغربيةُ تقرُّ بهَذَا الأمر وتتعامل معه ومصلحة الطفل؟ وهل يُمكن أن يُعدَّ هَذَا الإثبات داعمةً أساسيةً لمساعدة الأم على إعطائها حقّها في علاقة شرعية قائمة الأركان لا يشوبها أيّ شائب أم سيبقى الأمر غير ذلك؟
إنْ كان الهدفُ الأساسيُّ من الزواج الاستقرار والوحدة المتماسكة، فإنَّ المصلحة الفضلى للطفل هي الأساس في هَذَا الارتباط، غير أنَّ الأساس القانوني يستنبط من الاتّفاقية الدوليّة لحقوق الطفل، حيث نصّت الفقرة الأولى من المادة (3) على أنّه يتمتّع الطفلُ بحقّه في تقييم مصالحه الفضلى وإيلاء الاعتبار:
الأولى لها في جميع الإجراءات أو القرارات، الَّتِي تعنيه في المجالين العامّ والخاصّ. وإضافة إلى ذلك تجسيد الفقرة إحدى القيم الأساسية المنصوص عليها في الاتّفاقيّة، وقد حدّدت لجنة حقوق الطفل الفقرة (1) من المادة (3) بوصفها مبدءًا من المبادئ العامة الأربعة للاتّفاقية اللازمة لتفسير جميع حقوق الطفل وإنفاذها، ويُمثّل تطبيقُها مفهومًا ديناميًا يقتضي تقييم السياق المحدد على النّحو المناسب، حيث تشير الاتّفاقية أيضًا صراحة، إلى مصالح الطفل الفضلى في عدم فصل الطفل عن والديه في العمل على إعطاء الأولوية لجمع شمل الأسرة في كنف واحد بغية ضمان التمتع الكامل والفعلي على السواء بجميع الحقوق المعترف بها في الاتّفاقية والنماء الشمولي للطفل، بيد أنَّ الواقعَ العمليَّ غير ذلك، حيثُ نجدُ العقبات الأساسية في إلغاء مسطرة ثبوت النسب ووضع عراقيلَ كثيرةٍ لسلوك مسطرة التعدّد، إن لجأ الثنائي للقضاء من أجل توثيق علاقتهما غير الشرعية أو الشرعية «غير القانونية» إنْ صحَّ التعبير، فأغلب من يلجأ إلى القانون يكون قد خطب بشكلٍ شرعيٍ ونتج عن ذلك حمل، فهل القانون يحمي هَذَا الطفل ويمكن له أن يُجسّد اتّفاقية حقوق الإنسان ومدونة الأسرة، الَّتِي نصّت على أنّه إذا نتج عن الاتّصال بشبهة حمل وولدت المرأة ما بين أقل مدّة الحمل وأكثرها، يثبت نسب الولد من المتصل. يثبت النسب الناتج عن الشبهة بجميع الوسائل المُقدّمة شرعًا حسب مقتضيات المادة (155) من مدونة الأسرة، وكذا يثبت نسب الولد بفراش الزوجيّة، إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن الاتّصال، سواء أكان العقد صحيحًا أم فاسدًا إذا ولد خلال سنة من تاريخ الفراق، لكنه كيف يمكن أن يثبت خلال الخطبة؟ وهل يمكن أن ينتج عنه نفس الآثار؟
إن كانت المادة (156) تنصّ على أنّه إذا تمّت الخطوبة وحصل الإيجاب والقبول، وحالت ظروفٌ قاهرةٌ دون توثيق العقد عقد الزواج، وظهر حمل المخطوبة، ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط التالية:
- إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء.
- إذا تبين أنّ المخطوبة حمّلت في أثناء الخطبة.
- إذا أقرّ الخطيبان أنَّ الحمل منهما.
تتمّ معاينة هَذِهِ الشروط بمقرّر قضائي غير قابل للطعن، فإنَّ الأجدر أن يُسمح للمخطوبين استكمال الإجراءات وإثبات زواجهما استنادًا لبنود اتّفاقية الطفل الدوليّة، الَّتِي تصبّ في المصلحة الفضلى للطفل سواء أكان الخطيب متزوجًا سابقًا أم لا، فمتى يتخطى القضاء قيود المُشرّع ويسنّ تشريعات استنادًا لسلطته التقديرية واجتهاداته القضائية دون تضاربها بين مؤيدٍ ورافضٍ؟
