آخر الأخبار
هل تحوّلت طنجة إلى ملاذ للمبحوث عنهم دوليًا؟
تقع مدينة طنجة المغربيَّة على مفترق طرق مُهمّ، إذ تربط بين قارتي إفريقيا وأوروبا، ما يجعلها نقطة جذبٍ للعديد من الأنشطة التجاريَّة والسياحيَّة. لكن هَذَا الموقع الاستراتيجي يجعلها أيضًا هدفًا للعديد من الأنشطة المشبوهة، أبرزها عمليات تهريب الأشخاص والمخدرات والأسلحة.
في السنوات الأخيرة، تزايدت المخاوف بشأن تحوّل طنجة إلى منصة لعبور المبحوث عنهم دوليًا، فقد شهدت المدينة عدّة عمليات توقيف لأشخاص مطلوبين للعدالة في بلدانهم الأصلية، ما أثار تساؤلاتٍ بشأن الأسباب الَّتِي تدفع هَؤُلَاءِ إلى اختيار طنجة كملاذ لهم.
وتتعدد العوامل الَّتِي تسهم في جعل طنجة وجهةً للفارين من العدالة، فبالإضافة إلى موقعها الجغرافي المميّز، تتمتَّع المدينة بارتباطها بشبكاتٍ واسعةٍ من المواصلات، ما يُسهّل على هَؤُلَاءِ الأشخاص الاختفاء والتنقّل بين الدول.
كما أن آليات التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة لا يزال يُعاني بعض الثغرات خاصة مع اختلاف القوانين الوطنيَّة للدول أو انعدام اتفاقيات ثنائية لتبادل تسليم المبحوث عنهم، مما يُوفّر لهَؤُلَاءِ فرصةً للتنقّل بحُريَّة بين الدول.
ومن الأمثلة على ذلك، عمليات التوقيف، الَّتِي شهدتها طنجة في السنوات الأخيرة، الَّتِي شملت أشخاصًا مطلوبين بتهم تتعلق بالاحتيال وغسيل الأموال والإرهاب.
وقد أظهر تواتر هَذِهِ العمليات، أن طنجة أصبحت محطةً مُهمّةً في مسارات الهروب للمبحوث عنهم والفارين من العدالة.
ولعلّ أبرز ما يثير الانتباه في هَذَا السياق، هو الروابط المتزايدة بين طنجة وبعض المدن الأخرى، مثل دبي، الَّتِي تُعدُّ مركزًا ماليًّا عالميًّا. وقد تردد أنَّ بعض الشبكات الإجراميَّة الدولية تستخدم طنجة كملاذٍ للتخفّي بعد كشف عملياتها الإجراميَّة في مختلف أنحاء العالم، خاصة وسط أوروبا وجنوبها.
ورغم هَذِهِ التحديات، تبذل السلطات المغربيَّة جهودًا كبيرة لمكافحة الجريمة المنظمة وحماية أمن البلاد. فقد تمكنت الأجهزة الأمنيَّة المغربيَّة من إحباط العديد من العمليات الإجراميَّة، وتوقيف عددٍ كبيرٍ من المشتبه بهم، كما تعمل السلطات المغربيَّة على تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتيَّة وتنسيق الجهود مع الدول الأخرى.
ومع ذلك، فإنَّ مكافحة هَذِهِ الظاهرة تتطلَّب جهودًا مضاعفة، وطنيًّا ودوليًّا. فمن الضروري تعزيز قدرات الأجهزة الأمنيَّة المغربيَّة في ظل التغييرات السريعة لعالم الجريمة والجريمة المنظمة، مع تطوير التشريعات المتعلّقة بمكافحة الجريمة المنظمة، وتعزيز التعاون الدولي في هَذَا المجال.
كما لا يجب إغفال العمل على معالجة الأسباب الجذريَّة لهَذِهِ الظاهرة، مثل الفقر والبطالة، الَّتِي تدفع بعض الشباب إلى الانخراط في الأنشطة الإجراميَّة.
يمكن القول إنَّ مدينة طنجة باتت تُواجه تحديات أكبر في مجال مكافحة الجريمة المنظمة، ولكنها في الوقت نفسه تستفيد من جهود كبيرة لحماية أمنها واستقرارها، حيث يلعب التعاون الدولي وتنسيق الجهود بين مختلف الأجهزة المعنيَّة دورًا حاسمًا في الحد من هَذِهِ الظاهرة وضمان أمن المدينة.