مجتمع
نظافة مدينة طنجة.. بين جمالية الفضاءات وحس المواطنة

شهدت مدينة طنجة المغربيَّة تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، جعلها وجهةً سياحيَّة واقتصاديَّة بارزةً على مستوى المملكة، بفضل مشروعات التحديث الكبرى وتحسين البنيَّة التحتيَّة، مكنت المدينة من بيئة حضريَّة أنيقة أبهرت الزوار المغاربة والأجانب.
وتبرز مدينة طنجة كمثالٍ حيٍّ للتطوّر والنظافة بفضل الجهود المحلّيَّة المستمرة، إذ تستقطب المدينة سنويًّا عديدًا من الزوار والسياح من مختلف الجنسيات، الَّذِينَ يتَّفق معظمهم على كون طنجة واحدة من أنظف المدن المغربيَّة.
هَذَا التصنيف الإيجابي يعود إلى حدٍ كبيرٍ لسياسات النظافة الَّتِي تنتهجها المدينة، الَّتِي تنعكس في البيئة الحضريَّة النظيفة والأماكن العامّة المهيأة والمناطق الخضراء، ما يجعل الزوّار يلاحظون العناية الاستثنائية بالنظافة والتجهيزات في أنحاء المدينة.
ورغم هَذَا الانطباع الإيجابي لدى السياح الأجانب، فإنّ هناك بعضَ الانتقادات من قبل السكان بشأن بعض السلوكيات الفرديَّة الَّتِي تضرُّ بالصورة العامّة للمدينة، فبينما تتكاثف جهود محلية حثيثة لتحسين النظافة عبر حملات يوميَّة لجمع النفايات، وتجهيز الشوارع بسلال المهملات، وتنظيف الشواطئ، هناك للأسف أفراد لا يلتزمون بالمسؤولية الفرديَّة في الحفاظ على نظافة الأماكن العامّة. ويظهر هَذَا السلوك أحيانًا في المناطق ذات الكثافة السكانيَّة العالية أو في أوقات المناسبات، حيث يعمد بعض المواطنين إلى التخلُّص من النفايات في أماكن غير مُخصّصة، ما قد يُؤدّي إلى تدهور مؤقت للمظهر العام.
ومع كل ما سبق تظلُّ طنجة في حاجة -وبشكل كبير- إلى مبادرات المجتمع المدني والحملات التحسيسيَّة الَّتِي تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي، من خلال توزيع منشورات توعيَّة وتنظيم ندوات ولقاءات تستهدف المواطنين والمقيمين. هَذِهِ الحملات، الَّتِي تشمل كلَّ فئات المجتمع، تلعب دورًا مهمًا في غرس قيم النظافة والتشجيع على اتِّباع سلوكيات صحيَّة في التعامل مع البيئة. وقد لاحظ كثير من الأجانب الوعي الكبير للسكان تجاه أهميَّة النظافة والاعتناء بالمدينة كجزء من هويتهم وثقافتهم.
أحد أهم العوامل الأساسيَّة في ترسيخ صورة طنجة كمدينة نظيفة يقع أيضًا على عاتق النخب المحلية، من فنَّانين وأكاديميين ورجال أعمال، الَّذِينَ يسهمون في نشر الوعي حول أهميَّة البيئة النظيفة ودورها في جذب الاستثمار والسياحة.
إن مسألة النظافة لا تقتصر على الحفاظ على المظهر العام فقط، بل تُؤثّر بشكل مباشر في جودة الحياة، وتجذب الزوّار والمستثمرين. وإشراك بعضهم بانتظام في فعاليات بيئيّة تدعم مشروعات إعادة التدوير والتشجير، ما يعكس انخراطهم الفعلي في الحفاظ على نظافة المدينة وجاذبيتها.
وبفضل هَذِهِ المبادرات، ستُرسّخ طنجة مكانتها في مُقدّمة المدن المغربيَّة الَّتِي حقَّقت تقدمًا في مجال إدارة النفايات والنظافة العامَّة، ولكن الطريق ما زال يتطلّب مزيدًا من العمل والتعاون بين السلطات المحلّيَّة والمواطنين لتحقيق مزيدٍ من النتائج الإيجابيَّة.
