تواصل معنا

آخر الأخبار

من فرنسا إلى ألمانيا.. الثقافة والرياضة يوجهان أنظار العالم إلى طنجة رغم ضعف بنية الاستقبال السياحية الإعلام الدولي يسلط الضوء على إمكانيات المدينة.. فهل يستغل المسؤولون المغاربة الفرصة؟

كانت‭ ‬بنية‭ ‬الاستقبال‭ ‬السياحيَّة،‭ ‬أبرز‭ ‬النقاط‭ ‬السوداء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لجنة‭ ‬‮«‬الفيفا‮»‬‭ ‬الصادر‭ ‬شهر‭ ‬دجنبر‭ ‬الماضي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬فسَّر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الألغاز‭ ‬بخصوص‭ ‬عدم‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالمدينة‭ ‬إلى‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬تستحقها،‭ ‬والتموقع‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬المركز‭ ‬الرابع‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬المدن‭ ‬الأكثر‭ ‬جذبًا‭ ‬للسيّاح‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬بعد‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬مراكش‭ ‬وأكادير‭.‬

لكن،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مدينة‭ ‬تعاني‭ ‬خصاص‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفنادق‭ ‬وفضاءات‭ ‬الاستقبال‭ ‬السياحيَّة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬مفلسة‮»‬‭ ‬سياحيا،‭ ‬لأن‭ ‬المدينة‭ ‬تقدم‭ ‬عرضا‭ ‬مقنعا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المزارات‭ ‬الطبيعيَّة‭ ‬والإرث‭ ‬الحضاري،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ارتباطها‭ ‬الأزلي‭ ‬بالثقافة‭ ‬والمثقفين،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬وجَّه‭ ‬إليها‭ ‬أنظار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الدوليَّة،‭ ‬التي‭ ‬انتبهت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬لما‭ ‬يُميّز‭ ‬مدينة‭ ‬البوغاز‭ ‬عن‭ ‬غيرها‭.‬

وقد‭ ‬استطاعت‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬بعد‭ ‬الخروج‭ ‬التدريجي‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬‮«‬كورونا‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬2021،‭ ‬إعادة‭ ‬بعض‭ ‬الاعتبار‭ ‬لنفسها،‭ ‬وتسليط‭ ‬بعض‭ ‬الإشعاع‭ ‬على‭ ‬عرضها‭ ‬الثقافي‭ ‬والسياحي،‭ ‬بفضل‭ ‬احتضانها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الدوليَّة‭ ‬الكبرى،‭ ‬وترشيحها‭ ‬لاحتضان‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬الأمد‭ ‬القصير‭ ‬والمتوسّط‭ ‬مثل‭ ‬كأس‭ ‬أمم‭ ‬إفريقيا‭ ‬2025،‭ ‬وكأس‭ ‬العالم‭ ‬2030،‭ ‬ما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬التعريف‭ ‬بها‭ ‬خارجيًّا،‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬يُواكب‭ ‬ذلك‭ ‬بمشاريع‭ ‬سياحيَّة‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬داخليًّا‭.‬

*اهتمام‭ ‬فرنسي‭ ‬بإرث‭ ‬طنجة‭ ‬الثقافي

وأصبحت‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬حاضرةً‭ ‬بصورة‭ ‬متكرّرة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬الإعلاميَّة‭ ‬الدوليَّة‭ ‬المعنيَّة‭ ‬بالشأن‭ ‬السياحي،‭ ‬وآخرها‭ ‬تقرير‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬في‭ ‬المغرب‭.. ‬طنجة‭ ‬الإبداعيَّة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬نشرته‭ ‬قناة‭ ‬TV5 Monde  ‬الفرنسيَّة‭ ‬عبر‭ ‬موقعها‭ ‬الخاص‭ ‬بالسفر‭.‬

وأورد‭ ‬التقرير‭ ‬المنشور‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬أنَّه‭ ‬‮«‬في‭ ‬شمال‭ ‬المغرب،‭ ‬تُعرف‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬بأنَّها‭ ‬ملاذ‭ ‬الفنانين‭ ‬الرحالة‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬لكنها‭ ‬اليوم‭ ‬تشهد‭ ‬تحوّلات‭ ‬عميقة‭ ‬لتعزيز‭ ‬السياحة‭ ‬الثقافيَّة،‭ ‬التي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬والفن‭ ‬المعاصر‮»‬‭. ‬وأضافت‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هنري‭ ‬ماتيس‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نافذة‭ ‬صغيرة‭ ‬لينفجر‭ ‬أزرقه‭ ‬الشهير‭ ‬في‭ ‬لوحته‭ ‬‮«‬نافذة‭ ‬في‭ ‬طنجة‮»‬‭ (‬1912‭ -‬1913‭)‬،‭ ‬التي‭ ‬تصوّر‭ ‬مشهدًا‭ ‬حضريًّا‭ ‬من‭ ‬القصبة،‭ ‬الحصن‭ ‬القديم‭ ‬للمدينة‮»‬‭. ‬وتضيف‭: ‬‮«‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬الآخرين،‭ ‬وقع‭ ‬ماتيس‭ ‬في‭ ‬حبّ‭ ‬طنجة،‭ ‬ويظهر‭ ‬في‭ ‬لوحته‭ ‬مدى‭ ‬التناغم‭ ‬بين‭ ‬البحر‭ ‬والسماء‭ ‬مع‭ ‬الألوان‭ ‬الدافئة‭ ‬للبنايات‮»‬‭.‬

وذكرت‭ ‬الشبكة‭ ‬الفرنسيَّة‭ ‬بالماضي‭ ‬الإبداعي‭ ‬لطنجة‭ ‬كمدينة‭ ‬محتضنة‭ ‬للفنّ‭ ‬والفنانين،‭ ‬قائلةً‭ ‬‮«‬من‭ ‬أوجين‭ ‬دولاكروا‭ ‬إلى‭ ‬كيس‭ ‬فان‭ ‬دونغن‭ ‬ونيكولا‭ ‬دو‭ ‬ستايل،‭ ‬مرورًا‭ ‬بالفنان‭ ‬المغربي‭ ‬أحمد‭ ‬يعقوبي،‭ ‬الذي‭ ‬اكتشفه‭ ‬الكاتب‭ ‬الأمريكي‭ ‬بول‭ ‬بولز،‭ ‬احتضنت‭ ‬طنجة‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الفنّانين‭ ‬التشكيليّين‭ ‬خلال‭ ‬القرنين‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬والعشرين،‭ ‬إذ‭ ‬استلهموا‭ ‬إبداعاتهم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬الواقعة‭ ‬عند‭ ‬ملتقى‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬والمحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬بالكاد‭ ‬14‭ ‬كيلومترًا‭ ‬عن‭ ‬إسبانيا‭ ‬عبر‭ ‬مضيق‭ ‬جبل‭ ‬طارق‮»‬‭.‬

وتطرَّق‭ ‬التقرير‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬لإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬المدينة‮»‬،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أنَّه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد،‭ ‬تعمل‭ ‬طنجة‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬هُويتها،‭ ‬مستندةً‭ ‬إلى‭ ‬إرثها‭ ‬الفنّي‭ ‬الغنيّ،‭ ‬فقد‭ ‬نُقل‭ ‬الميناء‭ ‬الصناعي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يفصل‭ ‬المدينة‭ ‬إلى‭ ‬قسمين‭ ‬ويعزل‭ ‬المدينة‭ ‬القديمة‭ ‬على‭ ‬تلّها،‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬آخر‭ ‬بعيد‭ ‬عنها،‭ ‬ما‭ ‬أتاح‭ ‬المجال‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مشروع‭ ‬حضريّ‭ ‬ضخم‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬ميناء‭ ‬طنجة‭ ‬المدينة‮»‬،‭ ‬مستحضرًا‭ ‬أنَّه‭ ‬أُطلق‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬بهدف‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬المدينة‭ ‬والميناء،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬طنجة‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحيَّة‭ ‬رئيسيَّة‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬محمد‭ ‬أوعنايا،‭ ‬الرئيس‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للشركة‭ ‬المكلفة‭ ‬بإعادة‭ ‬تهيئة‭ ‬ميناء‭ ‬طنجة‭ ‬المدينة‭.‬

وأوضح‭ ‬أوعنايا،‭ ‬أنَّ‭ ‬المشروع‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬سياحة‭ ‬الرحلات‭ ‬البحريَّة‭ ‬والترفيهيَّة،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬معدل‭ ‬زوّار‭ ‬مقبول،‭ ‬وكان‭ ‬جوهر‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬الوصل‭ ‬بين‭ ‬المدينة‭ ‬القديمة‭ ‬ذات‭ ‬التراث‭ ‬الغني،‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬الإهمال،‭ ‬والمساحات‭ ‬البحريَّة‭ ‬المجاورة،‭ ‬حسب‭ ‬التقرير،‭ ‬ويضيف‭ ‬أنَّه‭ ‬من‭ ‬المُقرّر‭ ‬أن‭ ‬يستمرَّ‭ ‬هذا‭ ‬التحوّل،‭ ‬حتّى‭ ‬عام‭ ‬2029،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬استضافة‭ ‬طنجة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬مباريات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2030‭.‬

وقالت‭ ‬القناة‭ ‬الفرنسيَّة‭: ‬‮«‬عند‭ ‬رؤية‭ ‬الحشود‭ ‬التي‭ ‬تتجمع‭ ‬مساءً‭ ‬فوق‭ ‬الأسوار‭ ‬التاريخيَّة‭ ‬وتنزل‭ ‬الأدراج‭ ‬المؤديَّة‭ ‬إلى‭ ‬البحر،‭ ‬حيث‭ ‬تتجوَّل‭ ‬في‭ ‬الممرات‭ ‬الواسعة‭ ‬المظللة‭ ‬بالأشجار،‭ ‬يدرك‭ ‬المرء‭ ‬مدى‭ ‬اندماج‭ ‬الطنجاويين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التحوّل‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الانتقال‭ ‬بين‭ ‬قلب‭ ‬المدينة‭ ‬التاريخي‭ ‬وساحل‭ ‬البحر‭ ‬أكثر‭ ‬سلاسة‮»‬‭.‬

ووقف‭ ‬التقرير‭ ‬الفرنسي‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬فضاءات‭ ‬مُخصّصة‭ ‬للإبداع‭ ‬في‭ ‬طنجة،‭ ‬ويرى‭ ‬أوليفييه‭ ‬كوني،‭ ‬وهو‭ ‬فرنسي‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬طنجة‭ ‬لمدة‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا،‭ ‬ويملك‭ ‬ثلاث‭ ‬صالات‭ ‬عرض‭ ‬للفن‭ ‬المعاصر‭ ‬والتصميم،‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬التحوّل‭ ‬يشكل‭ ‬‮«‬رصيدًا‭ ‬لا‭ ‬يُقدّر‭ ‬بثمن‮»‬‭ ‬لمدينة‭ ‬طالما‭ ‬ارتبطت‭ ‬بالفنانين‭. ‬ويقول‭ ‬كوني،‭ ‬الذي‭ ‬يُعد‭ ‬راعيًّا‭ ‬للفن‭ ‬ومستشارًا‭ ‬للسلطات‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬الإبداع‭ ‬المعاصر،‭ ‬إن‭ ‬طنجة‭ ‬تمتلك‭ ‬إمكانات‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬المعارض‭ ‬واللقاءات‭ ‬الفنيَّة‭ ‬ودعم‭ ‬المواهب‭ ‬المحليَّة،‭ ‬إذ‭ ‬يتجلّى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مشروعاته‭ ‬التي‭ ‬تتركز‭ ‬جميعها‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬القديمة،‭ ‬التي‭ ‬يعدّها‭ ‬‮«‬رئة‭ ‬المدينة‮»‬‭.‬

كما‭ ‬وقف‭ ‬التقرير‭ ‬نفسه‭ ‬عند‭ ‬المتاحف‭ ‬الجديدة‭ ‬وإقامات‭ ‬الفنيَّة‭ ‬في‭ ‬طنجة،‭ ‬موردًا‭ ‬‮«‬في‭ ‬ساحة‭ ‬الطابور‭ ‬الصغيرة،‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬القصبة،‭ ‬يعرض‭ ‬غاليري‭ ‬كوني‭ ‬أعمال‭ ‬فنانين‭ ‬مغاربة‭ ‬وعالميين،‭ ‬ويبحث‭ ‬باستمرار‭ ‬عن‭ ‬مواهبَ‭ ‬جديدةٍ‭ ‬ليقدمها‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬معارضه‭ ‬بفرنسا،‭ ‬كما‭ ‬يُوجّه‭ ‬زواره‭ ‬إلى‭ ‬المتاحف‭ ‬الجديدة‭ ‬والمساحات‭ ‬الثقافيَّة‭ ‬التي‭ ‬تمَّ‭ ‬إنشاؤها‭ ‬في‭ ‬قصور‭ ‬قديمة‭ ‬ومبانٍ‭ ‬تاريخيَّة،‭ ‬مثل‭ ‬مقر‭ ‬الجمارك‭ ‬القديم‭ ‬وسجن‭ ‬مهجور،‭ ‬التي‭ ‬رُمّمت‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬طنجة‭ ‬المدينة‮»‬‭ ‬وخطة‭ ‬كبرى‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬المدينة‭ ‬القديمة‭ ‬أطلقها‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‮»‬‭. ‬وأحد‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ _‬حسب‭ ‬الشبكة‭ ‬الفرنسيَّة‭_ ‬هو‭ ‬متحف‭ ‬ابن‭ ‬بطوطة،‭ ‬الذي‭ ‬حُوّل‭ ‬من‭ ‬حصن‭ ‬قديم‭ ‬ليُخلّد‭ ‬ذكرى‭ ‬الرحالة‭ ‬الطنجاوي‭ ‬الشهير‭ ‬ابن‭ ‬بطوطة،‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬في‭ ‬رحلته‭ ‬عام‭ ‬1325‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬منها‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬29‭ ‬عامًا‭.‬

وعلى‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الموقع،‭ ‬يقع‭ ‬متحف‭ ‬القصبة،‭ ‬إذ‭ ‬زاره‭ ‬فريق‭ ‬TV5 Monde‭ ‬أيضًا،‭ ‬مبرزا‭ ‬أنّه‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الفن‭ ‬المعاصر‭ ‬ومسار‭ ‬أثري‭ ‬يعكس‭ ‬تاريخ‭ ‬المدينة،‭ ‬إذ‭ ‬تمت‭ ‬إعادة‭ ‬تصميمه‭ ‬بمهارة‭ ‬معماريَّة‭ ‬حديثة‭ ‬تُسلّط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬جمال‭ ‬الأحجار‭ ‬القديمة‭ ‬وتوزيع‭ ‬الإضاءة‭ ‬والممرات‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لزائر‭ ‬طنجة‭ ‬وَفْق‭ ‬التقرير،‭ ‬أن‭ ‬يفوّت‭ ‬زيارة‭ ‬‮«‬متحف‭ ‬الفنانين‭ ‬الرحالة‮»‬‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬النيابة،‭ ‬الذي‭ ‬يحتفي‭ ‬بروّاد‭ ‬الفن‭ ‬مثل‭ ‬أوجين‭ ‬دولاكروا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬دفاتر‭ ‬رحلاته‭. ‬ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬المتحف‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬استضافة‭ ‬فنانين‭ ‬مقيمين،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الروح‭ ‬الإبداعيَّة‭ ‬التي‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬ميزت‭ ‬طنجة،‭ ‬وفقًا‭ ‬لأوليفييه‭ ‬كوني،‭ ‬الذي‭ ‬يُعبّر‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬برؤية‭ ‬المدينة‭ ‬تستعيد‭ ‬مجدها‭ ‬كوجهة‭ ‬للفن‭ ‬والثقافة‭.‬

*السياح‭ ‬الألمان‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬البوغاز

وقبل‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬التقرير‭ ‬الفرنسي،‭ ‬صدر‭ ‬تقرير‭ ‬ألماني‭ ‬استحضر‭ ‬بدوره‭ ‬قيمة‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬ومكانتها‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحيَّة‭ ‬بارزة‭ ‬عالميًّا،‭ ‬إذ‭ ‬صنفت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بريسانت‮»‬‭ ‬الرائدة‭ ‬التابعة‭ ‬للقناة‭ ‬التلفزيَّة‭ ‬العامة‭ ‬الألمانيَّة‭ ‬‮«‬داس‭ ‬إرستي‮»‬،‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬ضمن‭ ‬أفضل‭ ‬عشر‭ ‬وجهات‭ ‬سياحيَّة‭ ‬يمكن‭ ‬زيارتها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬للمسافرين‭ ‬الألمان‭ ‬الذين‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬تجارب‭ ‬خارج‭ ‬ألمانيا‭.‬

وحسب‭ ‬ترجمة‭ ‬لمضامين‭ ‬التقرير‭ ‬نشرتها‭ ‬وكالة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬للأنباء،‭ ‬فقد‭ ‬دخلت‭ ‬مدينة‭ ‬البوغاز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عددٍ‭ ‬من‭ ‬الوجهات‭ ‬الخلّابة‭ ‬الأخرى‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬مثل‭ ‬الجزر‭ ‬اليونانيَّة،‭ ‬وموكرا‭ ‬غورا‭ ‬في‭ ‬صربيا،‭ ‬ويوفاسكيلا‭ ‬في‭ ‬فنلندا،‭ ‬وشرق‭ ‬ساسكس‭ ‬في‭ ‬إنجلترا،‭ ‬وتارن‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬ودولة‭ ‬ألبانيا،‭ ‬وغوادالاخارا‭ ‬في‭ ‬المكسيك،‭ ‬وجزر‭ ‬فارو،‭ ‬وأريكيبا‭ ‬في‭ ‬البيرو‭.‬

وفي‭ ‬مقال‭ ‬نُشر‭ ‬يوم‭ ‬29‭ ‬مارس‭ ‬2025،‭ ‬ضمن‭ ‬عمود‭ ‬‮«‬السفر‮»‬،‭ ‬أوصت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بريسانت‮»‬‭ ‬السياح‭ ‬الألمان‭ ‬الذين‭ ‬يتطلعون‭ ‬إلى‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الوجهات‭ ‬الكلاسيكيَّة‭ ‬مثل‭ ‬مايوركا‭ ‬أو‭ ‬إيطاليا‭ ‬أو‭ ‬كرواتيا،‭ ‬بزيارة‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬مُسلّطة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬سحر‭ ‬المدينة‭ ‬الفريد،‭ ‬الذي‭ ‬يمنحها‭ ‬لها‭ ‬موقعها‭ ‬الاستثنائي‭ ‬بين‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأوروبّا،‭ ‬وبين‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬والبحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬المواقع‭ ‬السياحيَّة‭ ‬الجديرة‭ ‬بالاكتشاف‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬الأيقونيَّة‭ ‬بشمال‭ ‬المملكة،‭ ‬ذكرت‭ ‬المجلة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬متحف‭ ‬القصبة‭ ‬والمدينة‭ ‬القديمة،‭ ‬مشيرة‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عشاق‭ ‬الغوص‭ ‬يمكنهم‭ ‬الاستمتاع‭ ‬بمشهد‭ ‬فريد‭ ‬تحت‭ ‬الماء‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الطحالب‭ ‬والصخور‭ ‬وأسراب‭ ‬الأسماك،‭ ‬وأوصت‭ ‬المجلة‭ ‬الألمانيَّة‭ ‬أيضا‭ ‬بزيارة‭ ‬مغارة‭ ‬هرقل‭ ‬الشهيرة،‭ ‬وهي‭ ‬تجربة‭ ‬غامرة‭ ‬بين‭ ‬الأسطورة‭ ‬والتراث‭ ‬الطبيعي‭.‬

ويأتي‭ ‬استحضار‭ ‬الإعلام‭ ‬العمومي‭ ‬الألماني‭ ‬لمدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سجَّلت‭ ‬ألمانيا،‭ ‬التي‭ ‬تُعدُّ‭ ‬رابع‭ ‬أكبر‭ ‬سوق‭ ‬مصدر‭ ‬للسياحة‭ ‬المغربيَّة،‭ ‬نموًا‭ ‬قويًّا‭ ‬في‭ ‬عددٍ‭ ‬زوّارها‭ ‬للمغرب‭ ‬وإمكانات‭ ‬واعدة‭ ‬للتطور‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬إذ‭ ‬استقبل‭ ‬المغرب‭ ‬826‭ ‬ألفًا‭ ‬و282‭ ‬سائحًا‭ ‬ألمانيا،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬22‭ ‬بالمئة،‭ ‬مُقارنةً‭ ‬بعام‭ ‬2023‭.‬

*أرقــام‭ ‬تدعــو‭ ‬للتفــاؤل

هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬الذي‭ ‬ساهمت‭ ‬فيه‭ ‬جهود‭ ‬سلطات‭ ‬المدينة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬جمـــاعة‭ ‬طنـــــجة‭ ‬وولايــــــة‭ ‬جهة‭ ‬طنجة‭-‬تطوان‭ ‬الحســــيمة،‭ ‬والمنبــــني‭ ‬عــــلى‭ ‬استعــــــــادة‭ ‬وهجها‭ ‬الثقافي‭ ‬وطابعــــــــها‭ ‬التاريخي‭ ‬الدولـــي‭ ‬دون‭ ‬المســــــاس‭ ‬بهـــــويتها‭ ‬المغربيَــــّة‭ ‬الضــاربة‭ ‬الجـــامعة‭ ‬للإرث‭ ‬العـــــــــربي‭ ‬والأمــــــــــازيغي‭ ‬والإفـــــريقي‭ ‬والمتــــوسطي،‭ ‬يُفـــــــسر‭ ‬تحــــسُّن‭ ‬أرقـــــامها‭ ‬الرسمـــــيَّة‭ ‬عـــــلى‭ ‬مســــتوى‭ ‬استقبال‭ ‬الـــسيـــاح‭ ‬الأجــــانب‭ ‬والمحـــــليـين‭.‬

وهكذا‭ ‬نجد‭ ‬أنَّ‭ ‬مؤسسات‭ ‬الإيواء‭ ‬السياحي‭ ‬المُصنّفة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عمالة‭ ‬طنجة‭ – ‬أصيلة،‭ ‬سجّلت‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬العشرة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1,5‭ ‬مليون‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت‭ ‬سياحيَّة،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬تقرير‭ ‬للمرصد‭ ‬الوطني‭ ‬للسياحة‭ ‬صادر‭ ‬نهاية‭ ‬سنة‭ ‬2024‭.‬

وأوضح‭ ‬التقرير،‭ ‬أنَّ‭ ‬عددَ‭ ‬ليالي‭ ‬المبيت‭ ‬المسجلة‭ ‬بالمؤسَّسات‭ ‬الفندقيَّة‭ ‬المصنفة‭ ‬مع‭ ‬متم‭ ‬الفصل‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬بلغ‭ ‬1‭.‬509‭.‬994‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت،‭ ‬أي‭ ‬بنمو‭ ‬نسبته‭ ‬6‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬مُقارنةً‭ ‬مع‭ ‬الفترة‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬التي‭ ‬خلالها‭ ‬سُجّلت‭ ‬1‭.‬422‭.‬717‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت،‭ ‬وبالمقابل،‭ ‬سجّل‭ ‬معدل‭ ‬ملء‭ ‬أسرة‭ ‬الفنادق‭ ‬المصنفة‭ ‬استقرارًا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬ذاتها،‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬54‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابيَّة‭ ‬الإجماليَّة‭ ‬للفنادق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬عمالة‭ ‬طنجة‭-‬أصيلة‭.‬

وحافظت‭ ‬وجهة‭ ‬طنجة‭ ‬بذلك‭ ‬على‭ ‬مكانتها‭ ‬كرابع‭ ‬أهمّ‭ ‬وجهة‭ ‬سياحيَّة‭ ‬وطنيًّا؛‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬بعد‭ ‬مراكش‭ ‬التي‭ ‬حقّقت‭ ‬8,43‭ ‬مليون‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت،‭ ‬ثم‭ ‬أكادير‭ ‬بما‭ ‬مجموعه‭ ‬5,49‭ ‬مليون‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت،‭ ‬والدار‭ ‬البيضاء‭ ‬بـ‭ ‬1,81‭ ‬مليون‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت،‭ ‬فيما‭ ‬حلَّت‭ ‬فاس‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الخامسة‭ ‬بـ793‭ ‬ألف‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت‭.‬

وخلال‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024‭ ‬وحده،‭ ‬سجلت‭ ‬الفنادق‭ ‬المصنفة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬وجهة‭ ‬طنجة‭ – ‬أصيلة‭ ‬نموًّا‭ ‬قويًّا‭ ‬يناهز‭ ‬23‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬إذ‭ ‬أحصيت‭ ‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬173.394‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت‭ ‬بمعدل‭ ‬ملء‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬58‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬مقابل‭ ‬140‭.‬943‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت،‭ ‬ومعدل‭ ‬ملء‭ ‬54‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬خلال‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬مرصد‭ ‬السياحة‭ ‬أفاد‭ ‬بأنَّ‭ ‬عدد‭ ‬ليالي‭ ‬المبيت‭ ‬المسجلة‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الإيواء‭ ‬السياحي‭ ‬المصنفة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني‭ ‬بلغ‭ ‬24,1‭ ‬مليون‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬العشرة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬بزيادة‭ ‬نسبتها‭ ‬10‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬مقارنة‭ ‬بالفترة‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬التي‭ ‬سجلت‭ ‬21,84‭ ‬مليون‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت‭.‬

أما‭ ‬بخصوص‭ ‬أرقام‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬فقد‭ ‬أفاد‭ ‬مرصد‭ ‬السياحة‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬أنَّ‭ ‬عدد‭ ‬ليالي‭ ‬المبيت‭ ‬المُسجَّلة‭ ‬بمؤسسات‭ ‬الإيواء‭ ‬السياحي‭ ‬المصنفة‭ ‬بلغ‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬2,04‭ ‬مليون‭ ‬ليلة‭ ‬مبيت‭ ‬متم‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬2025،‭ ‬مسجلا‭ ‬ارتفاعا‭ ‬بنسبة‭ ‬16‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬مقارنة‭ ‬بالفترة‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الماضيَّة،‭ ‬وأضاف‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الليالي‭ ‬تتوزّع‭ ‬على‭ ‬السياحة‭ ‬الوطنيَّة‭ ‬بزائد‭ ‬6‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬والسياحة‭ ‬الدوليَّة‭ ‬بزائد‭ ‬20‭ ‬في‭ ‬المئة‭.‬

والملاحظ،‭ ‬أنَّه‭ ‬حسب‭ ‬الوجهات،‭ ‬حلَّت‭ ‬طنجة‭ ‬ثالثة‭ ‬بعدما‭ ‬سجلت‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬قيمته‭ ‬زائد‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬سَجّلت‭ ‬الحوز‭ ‬الأولى‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬بزائد‭ ‬48‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬تليها‭ ‬فاس‭ ‬بزائد‭ ‬35‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬وحلت‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭ ‬بعد‭ ‬طنجة‭ ‬بزائد‭ ‬29‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬ثم‭ ‬الصويرة‭ ‬بزائد‭ ‬15‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وأكادير‭ ‬بزائد‭ ‬14‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وهي‭ ‬كلّها‭ ‬وجهات‭ ‬حقَّقت‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابيَّة‭ ‬مقارنة‭ ‬بمتم‭ ‬يناير‭ ‬2024‭.‬

من‭ ‬الموندياليتو‭ ‬إلى‭ ‬الجاز*

ولم‭ ‬يأت‭ ‬هذا‭ ‬الاهتمام‭ ‬المتزايد‭ ‬بطنجة‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬فالمدينة‭ ‬شهدت‭ ‬مجموعةً‭ ‬من‭ ‬الأحداث،‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضيَّة،‭ ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليها‭ ‬كموقع‭ ‬سياحي‭ ‬فريد‭ ‬من‭ ‬نوعه،‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬الفضاءات‭ ‬التقليديَّة‭ ‬التي‭ ‬يزورها‭ ‬السياح‭ ‬الأجانب‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬وجهتي‭ ‬مراكش‭ ‬وأكادير،‭ ‬وبرزت‭ ‬عاصمة‭ ‬شمال‭ ‬المملكة‭ ‬باعتبارها‭ ‬مزارا‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬العرض‭ ‬الثقافي‭ ‬المتنوع‭ ‬المنبني‭ ‬على‭ ‬إرثها‭ ‬التاريخي،‭ ‬والعرض‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬تمتزج‭ ‬فيه‭ ‬الشواطئ‭ ‬الشاسعة‭ ‬بسحر‭ ‬الغابات‭ ‬والمزارات‭ ‬الجبليَّة‭.‬

وبرز‭ ‬هذا‭ ‬التحوّل‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬بعد‭ ‬احتضان‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬مباريات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬للأنديَّة‭ ‬‮«‬الموندياليتو‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مباراة‭ ‬الافتتاح،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬استضافة‭ ‬فريق‭ ‬‮«‬فلامينغو‮»‬‭ ‬البرازيلي،‭ ‬الذي‭ ‬يتمتّع‭ ‬بقاعدة‭ ‬شعبيَّة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وبتغطيَّة‭ ‬إعلاميَّة‭ ‬واسعة،‭ ‬الذي‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬لاعبين‭ ‬يعتبرون‭ ‬نجومًا‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينيَّة،‭ ‬فرصة‭ ‬لدخول‭ ‬المدينة‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬جديد‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬السكان،‭ ‬وبالفعل،‭ ‬فقد‭ ‬لوحظ‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬السياح‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬البرازيل‭ ‬ومن‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬لها،‭ ‬تزايدوا‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬المواليَّة‭ ‬للبطولة‭.‬

بطولة‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬للأنديَّة،‭ ‬كانت‭ ‬فرصة‭ ‬لمدينة‭ ‬طنجة‭ ‬للبروز‭ ‬سياحيًّا‭ ‬لدى‭ ‬الأسواق‭ ‬العربيَّة،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والمملكة‭ ‬العربيَّة‭ ‬السعوديَّة،‭ ‬بسبب‭ ‬لعب‭ ‬ناديي‭ ‬‮«‬الأهلي‮»‬‭ ‬و«الهلال‮»‬‭ ‬الأكثر‭ ‬شعبيَّة‭ ‬تواليًّا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدولتين،‭ ‬على‭ ‬أرضيَّة‭ ‬ملعب‭ ‬‮«‬ابن‭ ‬بطوطة‮»‬،‭ ‬ورافقهما‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الجماهير‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ممثلي‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬الذين‭ ‬عرفوا‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬ساحرة‭ ‬ومتطوّرة‭ ‬لم‭ ‬تكونوا‭ ‬قد‭ ‬انتبهوا‭ ‬لها‭ ‬سابقًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬برز‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيارتها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬المحتوى‭ ‬العرب،‭ ‬المتخصّصين‭ ‬في‭ ‬السياحة‭ ‬والسفر‭.‬

حدث‭ ‬آخر‭ ‬جلب‭ ‬الاهتمام‭ ‬لمدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬اختيارها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬اليونيسكو‮»‬‭ ‬كمستضيفة‭ ‬عالميَّة‭ ‬لليوم‭ ‬الدولي‭ ‬لموسيقى‭ ‬الجاز‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬عملت‭ ‬عليه‭ ‬جماعة‭ ‬طنجة‭ ‬يُمثّل‭ ‬حفل‭ ‬الافتتاح‭ ‬لقصر‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون،‭ ‬وهو‭ ‬الحفل‭ ‬الذي‭ ‬بثته‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القنوات‭ ‬الدوليَّة‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬محبّي‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬عبر‭ ‬العالم،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬منه‭ ‬حملة‭ ‬ترويجيَّة‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق،‭ ‬انخرط‭ ‬فيها‭ ‬أيضا‭ ‬سفير‭ ‬المغرب‭ ‬لدى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكيَّة،‭ ‬يوسف‭ ‬العمراني‭.‬

تابعنا على الفيسبوك