تواصل معنا

سياسة

عين على أبناء المدينة: أحمد ماجدي المرابط.. 87 سنة أرخت مساره من الاعتقال إلى العمل السياسي إلى محنة المرض/ الجزء الثاني

لم نتعوّد في جريدة لاديبيش أن نُخصّص جزأين لبورتريه شخصية بصمت بصمتها بمدينة طنجة، فإنّ حياة السياسيّ والمقاوم أحمد ماجدي المرابط فرضت علينا الأمر، حتّى ننقل لمتتابعي جريدة «لاديبيش» بأمانة كبيرة، كلّ مراحل الحياة الَّتِي عاشها أحمد ماجدي المرابط.

سواء على مستوى الطفولة، أو مستوى التعليمي والمهني والسياسي والجمعوي والفني، وأيضًا على مستوى التصوف، وأيضًا خلال مرحلة محنة المرض.

 

  • ماجدي.. الانتخابات الجماعية سنة 1976 واستمرار خيبة الأمل

فور إعطاء حزب الاتّحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إشارات للدخول في الانتخابات البلدية سنة 1976، تكوّنت لجنة الترشيحات بمدينة طنجة، مكونة أساسًا من الراحل «خالد مشبال»، و«أحمد ماجدي المرابط» و«العربي الشنتوف» و«أحمد ايزي» وغيرهم، إذ تمّ اختيار هَذِهِ اللجنة في جمع عام للمناضلين بمقر الحزب، ضمّت أسماء المشرفين، عدد منهم ينحدرون من أسرة التعليم، وحاول الحزب عقد تجمعات بجُلّ الأماكن الَّتِي ترشح بها، الأمر الَّذِي حصل، حيث اعتبر العديد من مناضلي ذات الحزب، الأنَّ الأمر كان يُعدُّ عرسًا ديمقراطيًّا.

وتمكن رفاق اليوسفي وبن جلون من حصد 28 مقعدًا من أصل 39 على مستوى مدينة طنجة، وهي أرقام تضمن الأغلبية المريحة، غير أنَّ «الدولة» آنذاك وحسب قول أحمد ماجدي، فقط قلصت العدد إلى 22 مقعدًا، إذ تمّ إقصاء عددٍ من الأسماء الانتخابية الَّتِي فازت بمقعد انتخابي.

الغريب أن ما تبقّى من المقاعد، لم تكن منسجمةً، إذ كان هناك انقسام واختلاف، بسبب عدم الوضوح في المواقف، ومع ذلك ظلّ البعض يقودون المعارضة بقوة داخل المجلس من بينهم «حمادي مورو».

فبعد الإعلان عن النتيجة النهائية للانتخابات 11 نونبر 1976، بثلاثة أشهر، بدأت بوادر الخلاف تبرز داخل حزب رفاق «ماجدي» بطنجة، بسبب التنافس على الرئاسة، إذ احتدم الصراع بين خالد مشبال وعلال الشياظمي، فكلاهما يطمح لهَذَا المنصب، إذ كبر الخلاف بعد ما تدخّلت أطراف خارجية على الحزب، الأمر الَّذِي تسبَّب في خلخلة الوضع التنظيمي للحزب، ما شكَّل خيبةً وصدمةً لأحمد ماجدي المرابط، الَّذِي لم يدخل غمار هَذَا الصراع، لأنَّ الرجل كان يخضع لقرارات الحزب وكان يؤمن بعمل المؤسّسات

ولعل ما صدم ماجدي، هي قدرة تفكيك صفوف الحزب محليًّا، واستقطاب البعض للعمل مع السلطة آنذاك، واستقلّ العديد وقدَّموا مرشحًا آخر فاز على خالد مشبال، وبالتالي ساهم الاتّحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في تضييع فرصة تاريخيّة لتسيير المجلس البلدي بطنجة، وكانت هنا خيبة أمل لماجدي ورفاقه.

  • أحمد ماجدي المرابط والانتخابات البرلمانية لسنة 1977

ربما التفكك الَّذِي عاشه الحزب خلال نونبر 1976، أثر كثيرًا على الانتخابات البرلمانية الَّتِي أجريت بعد ذلك بسنة، فدد من مناضلي الحزب ظلّوا غاضبين مما وقع وعلى رأسهم الإعلامي «خالد مشبال»، الَّذِي عوّل عليه تأطير الانتخابات دعمًا للدكتور «عبد الواحد الطريس»، لكن سرعان ما بدء التراجع والاختباء في مبررات لها علاقة بالسلطات، الأمر الَّذِي جعل أحمد ماجدي المرابط ينضبط للقرار الحزب وينخرط بشكل فعلي في هَذِهِ الحملة، إذ عوّل على حراء المرأة الحزبية، إذ عُقد جمعٌ عامٌ كبيرٌ خاصٌ بالقطاع النسائي بفندق شالة، ولم يسبق للحزب بطنجة أن عقد مثله.

مجدي مثل باقي رفاقه، وبعد حملة انتخابية كبيرة وناجحة غطت أرجاء المدينة بأكملها، كانوا يمنون النفس بالفوز بمقعد برلماني، فكلما وصلت لهم نتيجة اقتراع مكتب ما إلا واهتزّ مقرهم المملوء بأنصار الحزب، غير أنَّ الفرحة لم تكتمل فالنتائج الرسمية عكس ما كانوا يتوصلون به مناديب الصناديق.

خلال تلك اللحظة، صعد أحمد ماجدي المرابط إلى منصة مقرّ الحزب، مخاطبًا زملاءه وعموم المتعاطفين مع حزب الوردة، مطالبًا إيّاهم بتهدئة الوضاع حتّى لا يتعرضوا للاستفزازات خارجية، معللًا عدم نجاح رفيقه بـ«أن ورقة عبد الواحد الطريس الصفراء انسكب عليها جافيل فأصبحت بيضاء»، في إشارة ضمنية إلى التلاعب الَّذِي حصل في تلك الاستحقاقات وهو أمر كان ينتظره أحمد ماجدي ويعيه جيّدًا.

  • ماجدي وتجربة الانتخابات الجماعية لسنة 1983

خلال هَذِهِ الفترة، لم يسلم أحمد ماجدي المرابط ورفاقه من التشويش والمحاربة من طرف السلطات، إما لموقف الحزب السياسي آنذاك، أو ضد تحرّكات أحمد ماجدي، الَّتِي كانت تخلق إشكالات كبيرة لخصومه سواء السياسيّين، أو من رجال السلطة.

فخلال هَذِهِ الانتخابات علم ماجدي، أنّه غير مرغوب فيه من طرف عامل مدينة طنجة «إدريس الفلاح» القيدوم الاستقلالي؛ نظرًا لبعض الأحداث، فغير دائرته الانتخابية من دائرة 74 إلى الدائرة 14 بحي المصلى، فكانت النتائج عكسية بالنسبة لماجدي، رغم كلّ الجهد الَّذِي بذله خلال هَذِهِ الحقبة السياسية بالضبط.

ورغم كل هَذِهِ الإخفاقات المدبرة والمتحكّم فيها عبر مرور السنوات، فإنّ أحمد ماجدي المرابط، لم يُصب بالانهزام، فخيبة الأمل كانت تقويه وتقوّي مناعته لمجابهة القادم، والقادم دائما كان أسوأ مما مضى، نظرًا لمواقف الحزب السياسية آنذاك.

ماجدي المناضل السياسي الاشتراكي، لم ينهزم نفسيًّا وسياسيًّا، وظلّ مرتبطا بحزبه وبالمشروع السياسي، فهو لم يبدل تبديلًا، وظل وفيًّا لحزبه السياسي، وراكم التجارب السياسيّة، خصوصًا لحظة تفاوض الدولة المغربية بقيادة الراحل الملك الحسن الثاني مع القيادة الوطنية للحزب.

  • ماجدي.. الانتخابات البرلمانية لسنة 2002

لعب أحمد ماجدي المرابط دورًا محوريًّا إلى جانب بعض رفاقه للتغلّب على الصراعات الداخلية الَّتِي كان يعيشها حزب الاتّحاد الاشتراكي للقوات الشعبية محليًا بطنجة، إذ تمّ دعم المرشح محمد علي البقالي الطاهري، وكانت الحملة الانتخابية ناجحةً على غرار باقي المدن المغربية، فكل شيء تغيّر، وأصبح الحزب يحكم القبضة سياسيًّا على مستوى الظاهر.

فخلال هَذِهِ المرحلة كان ماجدي حريصًا على التواجد في جُلّ اللحظات السياسية، فكان ينتقل مع الحزب ويشارك في الحملات الانتخابية بمدينة طنجة وبالضواحي والبوادي، ويشارك في تدبير المرحلة وفي النقاشات الدائرة.

ماجدي شارك بأفكاره وتأطيره في خلق حملةٍ انتخابيّةٍ مختلفة لم تشهدها المدينة من قبل، إذ كانت شعارات رنانة وقوية ترفع آنذاك لها بُعد سياسيّ ووطني محض، الأمر الَّذِي تفاعل معه المواطنون بشكل كبير وسلس.

حملة ماجدي ورفاقه لم تخلُ من تعرضها للبلطجة، لعرقلة نجاح هَذِهِ الحملة الانتخابية، فإنّ مرشح حزب الوردة علي البقالي الطاهيري استطاع نزع مقعد برلماني، ليعزز عدد المقاعد البرلمانية الَّتِي حصل عليها حزب الاتّحاد الاشتراكي آنذاك وطنيًّا.

  • ماجدي وعلاقته مع آل مولاي أحمد بولعيش التيجاني.. مسار حياتي مختلف مملوء بالتصوف

بعد حصوله على التقاعد عن عمله، كأستاذ بالمعهد الإسباني، كان ماجدي يلازم المنزل، ويعمل على متابعة التلفاز، غير أنّه تفاجأ بنجل المرحوم أحمد بولعيش التيجاني، ينادي على ماجدي، ويخبره أنَّ أمثاله لا يخلدون للنوم، وأخبره أنه عليه الالتحاق بمكتب الأسرة.

وهو ما فعله ماجدي، إذ رافق محسن بولعيش، وأخبره أنّه لن يقوم بتوظيفه، وإنما يعتمد عليه في مساعدته، حيث لا يمكن توظيف أصدقاء أحمد بولعيش، الأمر الَّذِي قبله ماجدي، حيث بدأت حياته تتغير لأنّه بدء يميل لحياة التصوف، خصوصًا أنَّ والد ماجدي كان مقدمًا للزاوية الصديقية بأصيلة، كما أن عمّه الأول كان مقدمًا للزاوية القادرية، في حين عمّه الثاني كان مقدمًا للزاوية التيجانية.

ماجدي خلال هَذِهِ الفترة بدأ يبتعد عن العمل السياسي المُنظّم، ويقترب أكثر لحياة التصوّف، خصوصًا أنَّ نجل أحمد بولعيش كان أيضًا متصوفًا، وبدأ ذلك يبرز من خلال الأعمال الَّتِي يزاولها فكان شديد الحضور لليالي الدينيّة والتصوفيّة سواء بالزوايا أو الَّتِي يقيمها أصدقاؤه، ليعود بذلك ماجدي إلى طبيعته، فكان يسافر إلى عددٍ من الزوايا داخل أرض الوطن وخارجه رفقة محسن بولعيش، كما كان يزور مراكش باستمرار رفقة مجموعة من حفظة القران الكريم.

ماجدي وخلال عمله بمقاولة أسرة بولعيش، كان يجد نفسه يسترجع من جديد إرث المرحوم سيدي أحمد، وقد تكلّف نجله من بعده بعائلته ومحيطها، الشيء الَّذِي جعل ماجدي يرتاح كثيرًا، لأنّه وجد في محسن بولعيش الولد البار.

  • ماجدي ومحنة المرض بالقلب والقصور الكلوي

على ما يبدو، فإنّ المسار السياسي والحياتي الصعب لأحمد ماجدي، سيجعله يؤدي ضريبة المرض، فمرحلة الاختطاف والاعتقال، ومرحلة العمل السياسي بشقيه العلني والسري، كلّف ماجدي أداء ضريبة الصحة، فخلال مرحلة التقاعد والعمل إلى جانب محسن بولعيش، ألمت به نزلة بردّ حادة، الأمر الَّذِي ألزمه الذهاب إلى طبيب للكشف عن وضعه الصحي، إذ طلب منه الطبيب أجراء الكشف على القلب، فقام بذلك عند أحد الأطباء المختصين، لكن خلافًا حصل مع الطبيب المعالج، جعله يحول وجهته إلى بلجيكا، مكان استقرار ابنه مراد، حيث بعد كشوفات طبية، فاكتشف مرضه بالقلب.

ماجدي سوف يجري ببروكسل عمليتين للقسطرة، وهناك سيكتشف أن كليتاه بدأت في التضرّر بسبب بعض الأدوية الَّتِي كان يتناولها خلال فترة علاجه بمدينته طنجة المغربية، الأمر الَّذِي تقبله بإيمان كبير.

بعد ذلك تيقّن ماجدي إصابته بالقصور الكلوي، وهو ما سيُغيّر حياته رأسًا على عقب، على الأقل في نظام حياته سواء على مستوى التغذية وغيرها، خصوصًا أنَّ الرجل يعاني مرض السكر ومرض ارتفاع الضغط الدموي، فإنّ الأمر اعتبره ماجدي إيجابيًّا، وسيُساعده على الحمية الَّتِي دامت خمس سنوات من2017 إلى 2022، إذ اضطر إلى استعمال تصفية الكلي مرّتين في الأسبوع وهو أمر مرهق صحيًّا نفسيًّا وماديًّا.

ماجدي الَّذِي ما زال يتعالج من مرض السكر وارتفاع الضغط الدموي وتصفية الكلي، تحلّى بإيمان كبير، واعتبر أنَّ المرض محنةٌ وابتلاءٌ من الله يجب تقبلها والتعايش معها، كيف لا وهو الَّذِي عاش محنة العمل السياسي، سواء عندما كان عضوًا بجيش التحرير أو خلال مساره بالعمل السياسي الشاق وبالضبط بحزب الاتّحاد الاشتراكي للقوات الشعبي.

إنَّ مرض ماجدي المرابط، لم تمنعه نهائيًا من ممارسة شغف اهتمامه بالمجال الأدبي وبالعمل الخيري ومساعدة النساء في جل المناسبات، ولم تمنعه من خوض تجربة الكتابة وإصدار سيرته الذاتية، الَّتِي رسّخت أساسًا لعلاقته بوالدته وبالعمل السياسي أيضا، فسيرته يمكن اعتبارها وثيقة سياسية تؤرخ لمرحلة الملوك الثلاث ببلادنا.

  • ماجدي.. تجربة العمل الثقافي والفني

برزت هواية أحمد ماجدي المرابط للمسرح في سنّ الطفولة لما كان تلميذًا بمرحلة الابتدائي، إذ شارك في تمثيل بعض المسرحيات داخل المؤسّسة، الَّتِي يدرس بها، كما أسهم خلال مرحلة دراسته بالثانوية بمدينة العرائش على إنتاج مسرحية، إذ شارك في عرضها بمسرح الكنيسة بمدينة أصيلة، مسقط رأسه.

وحينما انتقل لتطوان، استمرّ في علاقته بالعمل المسرحي فأصبح عضوًا في فرقة التلاميذ، وبدأ ينخرط في عدة أعمال مسرحية يمارس من خلاله هوايته وقناعته الراسخة بكون الثقافة والفن مسلك حقيقي لأي تغيير منشودٍ في صفوف الشباب.

بعد عودته إلى مدينة طنجة، لتحق أحمد ماجدي بجمعية الاتّحاد المسرحي الطنجي في سنة 1959، وهو ما تزامن مع انخراطه بالعمل السياسي بحزب الاتّحاد الوطني للقوات الشعبية، إذ كان عدد من منخرطي الحزب يهتمّون بالمجال المسرحي، زكان المد اليساري عموما بكل أطيافه بالمغرب خلال تلك المرحلة والى غاية أواخر الثمانينات، يهتمون بالمجال المسرحي والسينمائي.

  • ماجدي.. مبادرات خاصة في المجال الفني والثقافي

ساهم ماجدي في إحياء أنشطة جمعية قدماء الاتحاديين، كان من بينها تنظيم نشاط حقوقي بمقر غرفة التجارة والصناعة، كما ساهم في إحياء لقاءات تكريم بعض الشخصيات الثقافية والوطنية.

كما سهر على تنظيم حفل فني كبير للفنان الكوميدي حسين بنياز بمدينة طنجة، وهو اللقاء الَّذِي عرف نجاحًا كبيرًا بكلّ المقاييس.

فأحمد ماجدي المرابط الرجل الوطني والسياسي، المشبع بالعمل الثقافي والفني، والمؤمن بالعمل الخيري، لم يكم له إلا أن ينجح أيضًا في جل المبادرات الفنية والثقافية، الَّتِي يقوم بها، الأمر الَّذِي كان يغني خزينة طنجة الثقافية، هَذِهِ المبادرات والأعمال، والتفاني والتضحيات جعلته ينسج علاقات متميزة مع شخصيات نافذة ومحترمة لها قيمتها محليًا ووطنيًا. فماجدي كان يحظى باحترام كل من يعرفه من بعيد أو قريب.

  • ماجدي.. خلال سنتي 2023 و2024 يفقد شقيقتيه

خلال سنة 2023، فقد أحمد ماجدي المرابط، شقيقته زهرة المرابط، بعد معاناة طويلة مع المرض، ورغم أنَّ الراحلة كانت مريضة جدا وطريحة الفراش، فإنّ فراقها خلّف حزنًا عميقًا في نفسه، وهو الَّذِي كان حريصًا على أسرته الَّتِي كان يعدّها الأولوية الأولى في حياته عامّة.

جمعته مراحل مختلفة مع شقيقته زهور، الَّتِي رحلت قبل أيّام من توقيع أولى سيرته الذاتيَّة «بنفحة رضا والدتي»، لكن وفاتها كان دافعًا للاستكمال عمله الَّذِي أمن به لإخراجه للوجود، خصوصا أن راكم طوال 87 سنة مراحل مختلفة تجعله يتقاسمها مع الناس.

صدمة أحمد ماجدي المرابط، كانت مع بداية سنة 2024، عندما فقد أيضًا شقيقته «رحيمو»، الَّتِي كان يعدّها العماد الأساس لأسرته، إذ لا يمكن فعل أي شيء إلا بمشارتها وإشراكها، فكان يعتمد عليها في كل شيء. وفاة شقيقته الأخيرة، شكلت له صدمة، لكنّ إيمانه بالله سبحانه وتعالى جعله يتقبل الأمر، رغم المرارة، فماجدي لم يعد له أخ أو أخت يشاركها همومه ومشاكله.

  • ماجدي وإصدار السيرة الذاتية.. بنفحة رضا والدتي

بعد مرور 87 سنة، كان أحمد ماجدي مؤمن بإصدار سيرته الذاتية «بنفحة رضا والدتي»، يسرد من خلالها علاقته القوية الَّتِي جمعته بوالدته، الَّتِي ألهمته لحدّ كانت سببًا رئيسيًّا في كل النجاحات الَّتِي حققها، ففي كل تجربة أو مبادرة يقوم بها، إلا ورضا الوالدة كان حاضرًا معه.

كما أن سيرته الذاتية جاءت في لحظة سياسية دقيقة لعلّها تغير مسار عددٍ من السياسيّين والوطنيّين، الذين ضحّوا بالغالي والنفيس لكن لم يتركوا وثيقة مكتوبة، تكشف عن جل فترات الحياة الَّتِي عايشوها، الَّتِي تختلف كُليًّا عما يُقدّم رسميًّا.

فأحمد ماجدي رصد تجربته ومعاصرته لثلاثة ملوك، وتحدث عن مساره الدراسي في عهد الحماية، وعن تجربته في الجيش التحرير، وما تعرض له رفقة زملائه من اختطاف، بسبب اختلاف في رؤية تحرير الوطن، وكيف كونت هَذِهِ المرحلة شخصيته القوية.

كما تطرق لأهمّ مراحل تأسيس الاتّحاد الوطني للقوات الشعبية، وأسباب الانشقاق وتأسيس تجربة الاتّحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وكيف أدارها باقتدار الراحل عبد الرحمن اليوسفي، وعن الاختلاف الكبير الَّذِي حصل في الحزب بسبب الاختلاف في التوجهات ذات العلاقة بالسلطة. وطيف عملت السلطة في لحظة من اللحظات على إضعاف شوكة الحزب رغم قوته بمدينة طنجة.

خلال السيرة الذاتية لماجدي أحمد المرابط، تمكّن من التعرّف على عددٍ من الشخصيات السياسيّة والجمعويّة، الَّتِي مرّت بمدينة طنجة أساسًا، الَّتِي لعبت دورًا مُهمًّا في الحياة السياسية آنذاك، الَّتِي كان لها دورٌ كبيرٌ وفعّالٌ، ربما لا يعرفه جيل اليوم، وهنا نجد أهمية هَذِهِ الوثيقة الَّتِي لا تُعدُّ أدبية بقدر ما يمكن اعتبارها وثيقةً سياسيّةً بامتياز.

فالسيرة الذاتية لماجدي أحمد المرابط، وإن تمّ الاختلاف معها في بعض المراحل الَّتِي يمكن اعتبارها بفترات العمل السياسي العمومي، فإنّها ستُغنّي الخزينة الثقافيّة والسياسيّة بمدينة طنجة، وستفتح نقاشًا عموميًّا حول عددٍ من الفترات الَّتِي كان فيها اليسار المغربي قويًّا.

  • ماجدي.. لحظة تقديم سيرته الذاتية

ارتباك غير عادي انتاب أحمد ماجدي وهو يعد لحفل تقديم سيرته ذاتية، ربَّما لم يشعر بهَذَا الارتباك منذ عقود، ارتباك يمتزج فيه الفرح بتقديم مولوده «السيرة الذاتية» بمرحلة الإخراج للعموم، حيث كان رهانه رفقة المُنظّمين لحفل التوقيع والتكريم كبيرًا جدًا، لا من حيث الحضور إلى كان يتوقع أن يفوق 400 شخصٍ، وهو ما حصل ولا من ناحية جودة الحضور.

الأمر الَّذِي نجح فيه ماجدي رفقة المنظمين، وكان حفلًا متميزًا ومنفردًا، فالرجل وزع أزيد من 400 كتاب بشكلٍ مجانيٍّ، حيث تحمل مصاريف الطباعة، حتّى تعم الفائدة، ويقرأ الكلُ جزءًا من تاريخ المغرب المعاصر بالطريقة الَّتِي عاشها أحمد المرابط ماجدي.

أيضا الحضور الإعلامي كان كبيرًا، فاق كلَّ التوقعات، الأمر الَّذِي أعطى إشعاعًا لرجل عمل طوال العقود. الماضية تحث الظل، ولم يحظَ بالاعتراف والاهتمام الكامل.

 

(لا يختلف اثنان، أن طنجة فرضت نفسها وطنيًّا ودوليًّا، كما لا نختلف أنَّ ماجدي أحمد المرابط، فرض اسمه كرجلٍ سياسيٍّ وطني ضحَّى بالغالي والنفيس، فإذا كانت للأناقة عنوان، فعنوانها الأبرز ماجدي، وإذا كان للتضحية من أجل الوطن عنوان، فعنوانه المرابط، وإذا كان للوطن عشّاقه، فلأحمد ماجدي المرابط عشّاقه ومُحبّوه).

تابعنا على الفيسبوك