تواصل معنا

مجتمع

طنجة نحو «المونديال».. ما الذي يلزم لتغيير الثقافة الطرقية وقواعد السير

تُعدُّ مدينة طنجة نموذجًا بارزًا لتحديات الثقافة الطرقيَّة في المغرب، إذ تعكس وضعًا يستوجب إعادة النظر في سلوكيات مستعملي الطريق، وتطوير البنيَّة التحتيَّة بما يتناسب مع التحوّلات السريعة الَّتِي تشهدها المدينة.

وفي ضوء اختيار المغرب كأحد البلدان المستضيفة لمونديال 2030، بات ضروريًا التفكير في تكوين جيل جديد من مستعملي الطرق، يتمتع بثقافة طرقيَّة متحضرة، بعيدًا عن الممارسات السلبيَّة الحالية.

وتشهد طنجة اختناقات مروريَّة متكرّرة، خصوصًا في المحاور الرئيسيَّة مثل شارع الجيش الملكي والمدارات السياحيَّة الَّتِي تستقطب أعدادًا كبيرة من الزوار.

ويكشف هَذَا الوضع عن قصور في التخطيط الحضري وغياب حلول مُبتكرة تستوعب الأعداد المتزايدة من المركبات، ورغم الجهود السابقة لتعزيز البنيَّة التحتيَّة، غير أنَّ هَذَا التطور ظلَّ غير كافٍ لمواكبة التوسّع العمراني والنمو السكاني السريع، ما يدفع نحو الحاجة إلى استراتيجيات مستدامة تتماشى مع المعايير الدوليَّة.

وتُعدُّ ظاهرة ركن السيارات فوق الأرصفة واحدة من أبرز التحدّيات الَّتِي تواجه المشاة في المدينة، إذ تعكس عدم احترام الفضاءات العموميَّة وفقدان الوعي بأهميَّة التنظيم الحضري.

هَذِهِ الظاهرة، الَّتِي استفحلت -بشكل كبير- تتطلب تدخلات صارمة من الجهات المسؤولة، ليس فقط لتطبيق القانون، ولكن أيضًا لتعزيز الوعي لدى السائقين بأهميَّة احترام حقوق الآخرين في استعمال الطريق.

وفي السياق ذاته، يبرز ارتباط طنجة بمونديال 2030 كفرصةٍ فريدةٍ لتغيير الصورة النمطيّة للثقافة الطرقيَّة الحالية.

إذ من المتوقع أن تستقبل المدينة أعدادًا هائلة من الزوَّار والمُشجّعين، ما يفرض تطويرًا جذريًّا في نظم التنقل والبنيَّة التحتيَّة، فالتحدّي هنا ليس فقط في تهيئة الطرق والمرافق، ولكن أيضًا في تربيَّة جيل يعي أهمّية الانضباط والالتزام بقوانين السير.

إن جيل «المونديال» يجب أن يكون سفيرًا للثقافة المغربيَّة المتجدّدة، يعكس تطوّر المجتمع المغربي في استيعاب قيم العيش المشترك والتنظيم الحضري.

ولتحقيق هَذَا الهدف، ينبغي تعزيز الالتقائية بين السياسات المحلّية والجهويَّة والوطنيَّة. الجهات المسؤولة على مختلف المستويات مطالبة بتبني رؤية مُوحّدة تعمل على تحسين الوضع القائم، سواء عبر تطوير البنيَّة التحتيَّة، كإنشاء مسالك طرقيَّة جديدة تربط الأحياء المحوريَّة، أو تحسين أنظمة النقل العام لتخفيف الضغط عن الطرقات.

إلى جانب ذلك، لا بُدَّ من تعزيز دور المجتمع المدني والإعلام في نشر ثقافة السلامة الطرقيَّة والتوعيَّة بآثار السلوكيات السلبيَّة.

إن التربيَّة الطرقيَّة ليست مجرد التزامٍ قانونيٍّ، بل هي جزء من منظومة أخلاقيَّة تعكس احترام الإنسان لنفسه ولمجتمعه، لذا فإنَّ تشكيل جيلٍ جديدٍ يتبنى ثقافة طرقيَّة حديثة يتطلَّب تكاتف الجهود من مختلف الأطراف، سواء عبر المؤسَّسات التعليميَّة أو الحملات التوعويَّة أو وسائل الإعلام.

كما أنَّ استثمار الفعاليات الكبرى، مثل مونديال 2030، يُعدُّ فرصة ذهبيَّة لتسويق صورة إيجابيَّة للمغرب كدولة متقدمة في هَذَا المجال.

ويتطلب إصلاح الثقافة الطرقيَّة في طنجة رؤيةً شاملةً تستند إلى تطوير البنيَّة التحتيَّة، وفرض احترام القوانين، وتعزيز وعي المجتمع بأهميَّة السلوكيات الإيجابيَّة على الطريق. فقط من خلال تضافر الجهود بين الجهات المسؤولة والمجتمع المدني يمكن تكوين جيل جديد يحمل على عاتقه إرثًا من التنظيم والانضباط، ويقطع كليًا مع ممارسات الماضي الَّتِي تعيق التنميَّة وتسيء لصورة المدينة والمغرب ككل.

 

تابعنا على الفيسبوك