تواصل معنا

ثقافة

رمضانيات طنجة.. بين تكرار الفعاليات وفتور المشاركة

مع حلول شهر رمضان المبارك، نظَّمت بمدينة طنجة مجموعةٌ من الأنشطة الثقافيَّة والدينيَّة الهادفة إلى إحياء روح الشهر الفضيل وتعزيز الروابط الاجتماعيَّة بين أفراد المجتمع، غير أنَّ الملاحظات بخصوص ضعف هذه الأنشطة تتزايد على نحو ظاهر، إذ أصبح تكرار الموضوعات وعدم تجديد الفعاليات سمةً بارزةً تثير حفيظة الكثير من المهتمين.

وعلى مضض اعتاد سكان المدينة رؤية الوجوه نفسها في الفعاليات المختلفة، ما يُعمّم الشعور بالملل والفتور، ليس فقط خلال رمضان، بل في كلّ المناسبات الثقافيَّة والدينيَّة. وإذا كانت الأنشطة الرمضانيَّة فرصةً للتواصل الاجتماعي وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع، فإنَّ هذه الفرص تفوّت بسبب عدم الابتكار في البرامج المقدمة، فالشباب على سبيل المثال، لديهم اهتماماتٌ متنوّعةٌ تشمل الفنون والموسيقى والرياضة، غير أنَّ القائمين على تنظيم الأنشطة غالبًا ما يغفلون عن هذه الفئات ما يُؤدّي إلى نفور الشباب -على نحو خاص- من المشاركة.

ويُؤثّر المنظمون الأنشطة التقليديَّة التي لا تساير تطلعات الجيل الجديد لا من قريب أو بعيد، مما يفقد رمضان بريقه ويحرمه من الروح المتجدّدة التي يتمناها الجميع.

علاوة على ذلك، فإنَّ جُلّ الأنشطة التي تنظم، غالبا ما تكون محصورة في أماكن وفضاءات بعينها، ما يجعل الوصول إليها صعبًا على بعض الفئات الاجتماعيَّة، إذ يفترض أن تنظم الأنشطة في أماكن متعدّدة تستوعب أكبر عدد من المواطنين، بما في ذلك الأحياء والمناطق الموجودة على أطراف المدينة التي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام.

ويرى فاعلون جمعويون أنّ “عدم التنوع في اختيار المواقع من شأنه أن يُسهم في تقليص دائرة المشاركة، مما يضعف فعاليَّة هذه الأنشطة ويجعلها غير ذات مغزى ولا تصل للعديد من الناس”.

ومن جهة أخرى، يلاحظ أن الترويج للفعاليات الرمضانيَّة لا يستأثر بالاهتمام الكافي، فالكثير من المواطنين يجهلون أصلا ما ينظم من أنشطة بسبب غياب الحملات الإعلانيَّة الفعالة، إذ من المهم أن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة لنشر الخبر والتعريف بمحتوى ومواعيد هذه الفعاليات، ما يُسهم على نحو مباشر في زيادة الإقبال عليها؛ إذ إنَّ استخدام المنصات الرقميَّة من شأنه أن يُعزّز مشاركة المواطنين ويدفعهم إلى الانخراط في الأنشطة التي تنظم، ومن ثَمَّ يخلق أجواءً حيويَّة في المدينة.

كما يجب أن تعطى الأولويَّة للفعاليات التي تشمل جميع الفئات العمريَّة، فمن المفيد أن تُنَظَّم مسابقات رياضيَّة، وورشات عمل فنيَّة، وعروض مسرحيَّة تُعبّر عن ثقافة المجتمع، إذ من شأن برمجة هذه الأنشطة أن يُسهم في تعزيز روح التعاون والانتماء بين مختلف فئات المواطنين، وفي الوقت نفسه ينبغي أن تساعد الفعاليات الدينيَّة على تقويَّة الروابط الروحيَّة بين الأفراد والأسر، عبر تنظيم محاضرات وندوات تتعلّق بالاعتدال وقيم الإسلام السمحة.

إن أنشطة رمضان في طنجة بحاجة ماسة إلى التجديد والتطوير، فتطور المجتمع المحلي يتطلب برامجَ مُتنوّعةً تتناسب مع جميع الفئات العمريَّة والاجتماعيَّة، إذ يجب أن يفكر القائمون على تنظيم هذه الأنشطة في كيفيَّة الوصول إلى فئات الشباب والنساء والأطفال من خلال تقديم فعاليات مبتكرة ومثيرة، إذ من شأن مراعاة هذه الأمور إحياء روح الشهر الفضيل بشكل أفضل وأعم، وستحقق الأنشطة الرمضانيَّة الأهداف المرجوّة منها، ما يُعزّز من مكانة المدينة كمركز ثقافي حيوي.

تابعنا على الفيسبوك