القانون والناس
جدلية اليوم العالمي للمحامي والقانون

يعلم الجميع أنَّ مهنة المحاماة هي مهنة النبلاء، تُشارك السلطة في استظهار الحقائق لتحقيق العدل وتأكيد سيادة القانون، باعتبار منتسبيها جزءًا لا يتجزأ من أسرة القضاء، حيث إنّه لا يجوز ممارستها وتحمّ أعبائها والتمتع بامتيازاتها والقيام بها، إلا لمحامٍ مُسجّل بجدول إحدى هيئات المحامين بالمغرب، حسب مقتضيات المادة الثانية من القانون (28-08).
المُنظّم لهيئة المحاماة هَذِهِ الأخيرة خصّها العالم بيوم يُخلّد فيها أمجادها ويتّحد فيها من تقيدوا في سلوكهم بمبادئ الاستقلال والتجرّد والنزاهة والكرامة والشرف، وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة، حيث إنّه الهدف الأساسي منها هو الدفاع عن مصالح وحقوق كلّ من له حقّ وسلب منه بطريقة أو بأخرى، فهي مهنةٌ قائمةٌ على تقديم المساعدة للأشخاص الطبعيّين والاعتباريّين في اقتضاء حقوقهم والمعاونة في العمل، وَفْقًا للقوانين المتّبعة في كلّ مجالات الدفاع عن حقوق الآخرين، والتوعية القانونية للمواطنين بحقوقهم وواجباتهم، بيد أنَّ واقع الحال قد أسفر عن تجاوزات لقداسة هَذِهِ المهنة بتطاول الفاعلين في المجال القانونين على من خصهم المُشرّعُ المغربيُّ والعالمي بمكانة راقية في المجتمع، فهي المهنة الوحيدة المُوحّدة عالميًا بقوانين حقيقة لا تبخس حقّ منتسبيها، وتضمن حقوق الغير، فهل الوقت الحالي يتجسّد فيه هَذِهِ الحقيقة أم أن تداخل مجال تطبيقها لا يسمح بضمان وتضمين حقيقة ماهية المحاماة؟ إن كانت مشاريع القوانين الَّتِي تعاقبت مؤخرًا تُحاول أن تُقزّم من هَذِهِ المهنة النبيلة، فهل سيسمح لهم بذلك منتسبوها؟
في كلّ دول العالم يُوجد نقابة للمحامين تسهر على شؤونهم ورفع مستوى المهنة ومراقبة المحامين للسموّ بهم عن كلّ شبهةٍ ورفع مستواهم المهنيّ والأخلاقيّ، فهل هَذِهِ النقابات كفيلة بدفع الأذى عنها من الأيادي الخارجيّة وضمان حقوق منتسبيها والوقوف على أيّ تجاوز؟ وهل نقابات المغرب ستصل يومًا إلى دسترة هَذِهِ المهنة أم أنَّ الأيّام المقبلة ستجعلها مداسًا لمَن لا مهنة له؟
إنَّ كان المحامي محميًا حسب مقتضيات المادة: (58) من قانون المهنة، فإنّه نص على أنّه: «للمحامي أن يسلك الطريقة الَّتِي يراها ناجعة طبقًا لأصول المهنة في الدفاع عن موكله. لا يسأل عمَّا يرد في مرافعاته الشفوية أو في مذكراته مما يستلزم حق الدفاع. لا يمكن اعتقال المحامي بسبب ما قد ينسب له من قذف أو سب أو إهانة، من خلال أقوالٍ أو كتاباتٍ صدرت عنه في أثناء ممارسته المهنة أو بسببها». تُحرّر المحكمة محضرًا بما قد يحدث من إخلال، وتحيله على النقيب، وعلى الوكيل العام للملك لاتّخاذ ما قد يكون لازمًا. المادة: (59) لا يمكن اعتقال المحامي أو وضعه تحت الحراسة النظرية، إلا بعد إشعار النقيب، ويستمع إليه بحضور النقيب أو من ينتدبه لذلك. لا يجرى أيُّ بحث مع المحامي، أو تفتيش لمكتبه، من أجل جناية أو جنحة ذات صلة بالمهنة، إلا من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق وفق المقتضيات أعلاه. لا يمكن تنفيذ حكم إفراغ مكتب محامٍ إلا بعد إشعار النقيب، واتّخاذ الإجراءات اللازمة لضمان مصالح موكليه. المادة: (60) كل من سبّ أو قذف أو هدَّد مُحاميًّا في أثناء ممارسته مهنته أو بسببها، يعاقب بالعقوبات المُقرّرة في الفصل (263) من القانون الجنائي.
