القانون والناس
جدلية اليوم العالمي للمحامي والقانون

المادة (60) كل من سبَّ أو قذف أو هدد محاميًا، في أثناء ممارسته لمهنته أو بسببها، يعاقب بالعقوبات المُقرّرة في الفصل (263) من القانون الجنائي.
باستقرائنا هَذِهِ المادة يستشف أنَّ المُشرّعَ المغربيَّ حاول جاهدًا حماية المحامي، قانونًا وأعطى له صلاحية الترافع وإعطاء أوجه دفاعه بما يراه مناسبًا، حسب مقتضيات المادة (58) من قانون المهنة، الَّذِي نصَّ على أنّه: للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجعة طبقا لأصول المهنة في الدفاع عن موكله لا يسأل عما يرد في مرافعاته الشفوية أو في مذكراته مما يستلزم حق الدفاع.
لا يمكن اعتقال المحامي بسبب ما قد ينسب له من قذف أو سب أو إهانة، من خلال أقوال أو كتابات صدرت عنه، في أثناء ممارسته المهنة أو بسببها بيد أنَّ واقع الحال أصبح يتنافى وقانون المهنة، حيث إنَّ الإكراهات العملية للمحاكمات وتزايد الملفات والدعاوى القضائية جعلت دور المحامي يقتصر في أغلب الأحيان على الملتمسات أو حثّه على الاختصار، هذا لم يمنع المحامي الكفء من فرض حقّه والدفاع عن موكله بكلّ الطرق القانونية، حتّى مع جميع الإكراهات سواء المسطرية أو القانونية أو…، إن كان التوجّه العام لتقزيم دور المحامي وتقليص مهامّه في خضم وجود مُتداخلين أجانب لا علاقة لهم بالمهنة وإقحام أنوفهم بما ليس لهم به أي ناقة ولا جمل فأين هو دور النقابات حيال هؤلاء ومن ليس لهم الصفة ويمارسون مهام الدفاع؟
اليوم العالمي للمحامي إن اختلفنا بكيفية الاحتفال به، فإنّه يجب أن يجعل من هذا اليوم مجال خصبٍ لطرح كل ما له علاقة بالمحامي وإحقاق حقّه وتنزيل مكانته التي يحاول الجميع تقزيمها من أجل إخلاء الساحة لممارسات لا قانونية.
للعدالة جناحان لا يمكن أن تُحلق عاليًا دون أحدهما مهنة الدفاع ورجال السلطة القضائية، إذ وبناء على ما يروج داخل أسوار المحاكم ومجال العدالة، فإن مهنتي المحاماة والقضاء هما أساس العدالة ومحركها الأساسي.
فإذا كان القاضي هو من يحكم في النزاع بحجية قراراته، فإنّ المحامي هو من يدافع على الحقّ وينصر المظلوم من خلال تقديمه المقالات والمذكرات والمرافعات، الَّتِي لا يمكن أن نصل إلى مرحلة صدور الحكم إلا بعد المرور منها. وبهذا المعنى يمكن أن نقول إنَّ المحامي يصنع الحكم القضائي باجتهاده وبحثه ومذكراته ودفوعاته، ليبقى للقاضي الترجيح ما بين الطرفين بناءً على روح القانون وقواعده.
نتاجًا لهذه الحتمية، فإنَّ إصلاح التشريع المتعلّق بمهنة المحاماة هو مطمح أساسي للوصول لعدالة ناجعة، هذا الإصلاح يجب ألَّا يمس بهيبة المحامي ولا التقليص من دوره أو حتَّى السماح لأي كان بذلك. تعديل قانون المهنة بقانون مهنة جديد حداثي ومتطوّر يستجيب للغايات والمطامح ويُلبّي المناداة والمطالب، يكون أساسًا من أجل تفعيل القانون وحماية المهنة.
