مجتمع
تطور الجريمة في شوارع طنجة.. الاختطاف والسلاح والاحتيال يمتحن الأمن بالمدينة

شهدت مدينة طنجة في السنوات الأخيرة العديد من الجرائم التي لم يسبق لها مثيل، ما أحدث حالة من الذهول والقلق بين المواطنين وأثار نقاشاتٍ واسعةً في الأوساط الصحفيَّة ومتتبعي الشأن العام.
وعلى امتداد السنوات الماضيَّة، تناولت كثيرٌ من التقارير والموادّ الصحفيَّة جرائم اختطاف استهدفت بعض الأفراد بطرق متقنة تعكس مستوى عاليًّا من التخطيط والتنظيم، إضافة إلى بروز جرائم تعتمد على الأسلحة الناريَّة غير القانونيَّة، التي تزيد من خطورة المواجهات مع عناصر الجريمة المنظمة.
وفي ظلّ هذه المستجدات على أرض الواقع، لم تقتصر الجرائم التي شهدت تطورًا نوعيًّا على ما يتعلّق بالاختطاف فحسب، بل شملت أيضًا عمليات سرقة الأبناك المنظمة التي أدت إلى خسائر ماليَّة جسيمة، إلى جانب موجةٍ من عمليات النصب والاحتيال التي تنفذها جهات مجهولة تحت أسماء مختلفة كان من أشهرها “شبكة الخير”، التي استهدفت العديد من المواطنين ومن مختلف الفئات الاجتماعيَّة.
وتظهر الوقائع أن جرائم الاختطاف مثلًا باتت تتَّخذ أشكالًا أكثر تعقيدًا، إذ لا يقتصر عمل الجناة على تنفيذ الاختطاف فحسب، بل يمتدّ إلى استغلال هويَّة الضحايا وبياناتهم الشخصيَّة لتحقيق مكاسب ماليَّة أو غيرها، وهو ما يزيد من صعوبة التتبع والقبض عليهم.
كما أن بروز معطى الأسلحة الناريَّة، الذي يعود بشكل أو بآخر إلى شبكات التهريب عبر الحدود، يساهم في تأجيج والرفع من خطورة الجريمة المقترنة بالعنف، ما يجعل من عمليات المواجهة بين عناصر الأمن والعصابات خطرًا يُهدّد سلامة المواطنين ويضع ضغوطًا إضافيَّة على الأجهزة الأمنيَّة.
وفي هذا السياق، يمكن الحديث كذلك عن الأبناك أيضًا كهدف أساسي محتمل لهذا النوع من العمليات الإجراميَّة، إذ تستغل الثغرات في نظم الأمان والحماية الإلكترونيَّة حتَّى تعمد لتنفيذ عمليات سرقة مدروسة، ما يزيد من التحديات الأمنيَّة في المدينة.
أما بالنسبة لحالات النصب والاحتيال المنظمة التي ترتكب بطرق شبكيَّة -على شاكلة قضيَّة التي عرفت بشبكة مجموعة الخير- فقد كشفت التحقيقات أنَّ هذه الشبكة تستخدم أساليب دعائيَّة متطورة تستغل حسّ الثقة والإنسانيَّة لدى المواطنين، لتقديم وعود كاذبة بكونها تعمل في مجال الأعمال الخيريَّة، بينما تقوم في الواقع بجمع مبالغ ماليَّة دون تقديم أي خدمات حقيقيَّة.
وقد أدت هذه الأخيرة إلى تكبيد مواطنين خسائر فادحة، خاصّةً من الفئات ذات الدخل المحدود، وأثارت موجة من الغضب والاستياء في الأوساط الاجتماعيَّة، وفيما يخص هذه التطوّرات، تحدث مهنيون وفاعلون في المجتمع المدني لجريدة “لاديبيش” عن ضرورة تكثيف التعاون بين الجهات الأمنيَّة والمؤسسات الماليَّة لتحديث آليات الحماية والكشف المبكر عن هذه الجرائم قبل أن تتفاقم.
وعلى صعيد الجهود المبذولة للحدّ من هذه الظواهر، تسعى السلطات المعنيَّة إلى تطوير استراتيجيات أمنيَّة شاملة تستهدف تعزيز الرقابة في الميدان واستخدام تقنيات حديثة في المراقبة الإلكترونيَّة، غير أنَّ التحديات الأمنيَّة ستظل قائمة؛ نظرًا لكون الجريمة ظاهرة اجتماعيَّة من جهة، ومن جهة أخرى نظرًا لتداخل الشبكات الإجراميَّة وتعقيد العلاقات بينها وبين بعض العناصر التي قد تتواطأ مع مجرمين آخرين من خارج أرض الوطن، ما يجعل المجهودات المبذولة في سبيل التصدي لهذه التطوّرات على درجة كبيرة من الأهميَّة.
