تواصل معنا

في الواجهة

بغيابهم عن التحضير للانتخابات المقبلة.. هل انتهى دور آل العماري في اللعبة السياسية بشمال المغرب؟

لا شكّ أنَّ الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021، ستكون حافلة بالمتغيرات خاصّةً بجهة الشمال، حيث جرت مياه كثيرةٌ تحت الجسر، منذ آخر محطّة انتخابيَّة. وأولى الملاحظات الَّتِي يمكن تسجيلها في خانة المتغيرات، تواري آل العماري عن الأضواء وسط أنباء عن تصفية أملاك العائلة في المغرب، وافتتاحها فندقًا بالجارة الشمالية إسبانيا، الَّتِي أصبحت مستقرًّا جديدًا للعائلة ومحطًا لاستثمارها.

فإلياس العماري، الَّذِي كان يُعدُّ –حتّى عهد قريب– «الرجل القوي» الَّذِي بيده مفاتيح جميع الملفات، من السياسة والرياضة، ومن الإعلام والدبلوماسية إلى العمل الجمعوي، بل حتّى عالم المال والأعمال، يقول متتبّعون للشأن السياسيّ والحزبيّ، أنَّه اختار تبعًا للظروف العامة للمرحلة، الانسحاب من المشهد الحزبي ككلّ في سياق وتوقيت اختارهما بعناية حتّى يتفادى العاصفة و يتمكّن من ترتيب أوراقه، فتراجع بعد أشهر من تسريب أخبار عن استقالته دون أن يقدم فعلًا عليها، فالانسحاب الَّذِي نفذّه العماري في الحد الأدنى لن يجعله الخاسر الأكبر.

والأمر نفسه ينطبق على شقيقه فؤاد العماري، الَّذِي احترف القفز بين مجالات مختلفة من عمدة لمدينة طنجة إلى نائب برلماني، فمسؤول بمحطة إذاعية خاصّة، هو الآخر أنزل أشرعته التنظيمية والحزبية، واعتزل –مرحليًا- حتّى حضور جلسات مجلس النواب، قبل أن يعود عن ذلك بعد مساعٍ من رئيس المجلس حبيب المالكي، تحت ضغط استفحال ظاهرة غياب النواب عن أشغال الجلسات.

ومن حيث الوظيفة السياسيّة، الَّتِي كان يُؤدّيها إلياس العماري في المشهد الحزبيّ والسياسيّ المغربيّ، الَّتِي وصفها في إحدى تصريحاته بـ«المساهمة في مواجهة الإسلاميّين»، انتفت الحاجة إليها، خاصّةً بعد أن برز وبشكل ملموس أنَّها لا تحقق إلا نتائج عكسية، بعد أن أجاد بنكيران بخطابه الشعبويّ وتوظيفه للقاموس الدينيّ، وضع حزبه العدالة والتنمية في موضع المظلومية، وممارسة خطاب المعارضة من موقع الحكومة.

إنَّ الدور الجديد الَّذِي يلعبه حزب الأصالة والمعاصرة بقيادة عبد اللطيف وهبي، بعيد ومناقض لما كان عليه الأمر في عهد الياس العماري، حيث أصبح كلٌّ من حزب الجرار والعدالة والتنمية في مواجهة مباشرة مع حزب التجمع الوطني للأحرار، الَّذِي يرى كثيرون أنَّه عوض جرار العماري في وظيفة «المساهمة في مواجهة الإسلاميين» ولو بشكل غير معلن.

وبرز هَذَا التغير بشكلٍ واضحٍ مُباشرةً بعد استقالة العماري من رئاسة مجلس جهة الشمال، حيث سارع القيادي بحزب البام أحمد الإدريسي إلى عقد صفقة مع البيجيدي لقطع الطريق على المخطط المضاد الَّذِي كان يُعد له القيادي التجمعي محمد بوهريز. وهو الأمر الَّذِي تعزّز بعد النتائج الَّتِي أفرزها مؤتمر البام، حيث عمد وهبي لإطلاق تصريحات نارية تّجاه التجمع الوطني للأحرار وقيادييه، كان أبرزها مهاجمته لعزيز أخنوش في عدة مناسبات وصلاح الدين مزوار في قضية الرفع من الرسوم الجمركيّة على استيراد مادة البوليستير.

وكان الأمين العام الجهوي لحزب الجرار بجهة طنجة تطوان الحسيمة، عبد اللطيف الغلبزوري، قد وجَّه اتّهامات مباشرة للتجمع الوطني للأحرار بممارسة عددٍ من «الضغوطات والتأثيرات» على مُنتخبي حزبه لدفعهم إلى الالتحاق بالتجمع، وذلك على امتداد الأقاليم الثمانية لجهة الشمال، مضيفًا «لا يكاد برلماني أو رئيس جماعة في حزبنا، لم يتم الاتّصال به قصد استمالته».

وقال الغلبزوري، «ليس من حق أيِّ أحدٍ أن يتدخل في اختيارات قيادة حزبنا ولا في تقييم أدائها، عبد اللطيف وهبي، انتُخب أمينًا عامًا من طرف الباميات والباميين في المؤتمر الوطني وفق قوانين وأنظمة الحزب، وبعد صراع حاد دام أكثر من سنة، وهو ما لا يقع إلا في الأحزاب الحية، الَّتِي تزخر بالنقاشات الفكريّة وكذا بالرؤى والتصورات المختلفة، في إشارة إلى تصريحات سابقة للقيادي التجمعيّ والمنسق الجهويّ بجهة الشمال، رشيد الطالبي العلمي.

ومن الواضح، أنَّ ما كان يُشكّل جناح العماري سابقًا بحزب الأصالة والمعاصرة، آخذ في التفكك وإعادة التموقع حزبيًا وانتخابيًا، غير أنّه لا وجود لأيّ مؤشر حقيقي على أن نفس الأمر ينسحب أيضا على مجموعة من الإطارات الجمعوية، الَّتِي ارتبطت منذ تأسيسها باسم آل العماري، ما عدا تأثرها مثل غيرها بتداعيات جائحة (كوفيد-19).

تابعنا على الفيسبوك