مجتمع
بعد إعادة تجهيزها.. هل تفتح مصحة الضمان الاجتماعي صفحة جديدة مع الطنجاويين؟

ساهمت جائحة «كوفيد-19» في تسليط الضوء على العديد من مكامن الخلل بالنظم الصحيّة بمختلف دول العالم، وكشفت عن هشاشة واضحة فيما يتعلّق بالجاهزية للتعامل مع هكذا تحديات. كما كشفت أيضًا عن قصور في سرعة التكيّف مع المتغيرات، الَّتِي تفرضها الأمراض المعديّة والسريعة الانتشار، سواء من حيث القدرة على تأمين الأجهزة الطبية المطلوبة، وكذا من حيث القدرة على التدبير الأمثل لمرافق الصحة العموميّة، الَّتِي تُحقّق جزءًا من النظام العام، وتكتسي بُعدًا حيويًا في مثل هَذِهِ الظروف الاستثنائيَّة، الَّتِي تمرّ بها بلادنا شأنها في ذلك شأن باقي دول العالم.
وعلى الصعيد المحليّ، شهدت مصحة الضمان الاجتماعيّ بطنجة، سلسلةً من الإصلاحات باشرتها السلطات العموميّة لعاصمة البوغاز، بهدف مواجهة الحاجات الاستثنائيّة، الَّتِي فرضتها ظروف وتداعيات الجائحة، إلا أنَّها رفعت بشكل كبير من الكفاءة المهنية للخِدْمات، الَّتِي تقدمها المصحة.
وكان من بين أبرز الإصلاحات والتغييرات، الَّتِي طرأت على المصحة، توقيف مديرها السابق بتعليمات من الوالي امهيدية، وذلك على خلفية توصله بتقارير رصدت اختلالات في السير العادي للعمل بهَذِهِ المنشأة الصحيّة.
وحسب مصدر نقابيّ لموقع «لاديبيش 24» فإن الوالي امهيدية، حلّ بالمصحة في زيارة مفاجئة رفقة الكاتب العام للولاية والمندوبة الجهوية للصحة. وأضاف أنَّ والي الجهة توعد مدير المصحة بالمتابعة القضائية؛ بسبب اختلالات تتعلق بتدبير المنشأة الصحية التابعة لمؤسّسة الضمان الاجتماعي.
وجاء قرار والي الجهة بعد أزيد من شهرين على استفادت مصحة الضمان الاجتماعي بطنجة من إحداث مصلحة جديدة للإنعاش، مُجهّزةً بما مجموعه 20 سريرًا موزعة بين، قسم مخصص للإنعاش يضم 9 أسرّة مجهزة بالمعدات الضرورية لعلاج المرضى في حالة حرجة، منها آلات للتنفس الاصطناعي وآلات مراقبة الوظائف الحيوية للمرضى (آلات مراقبة الضغط بصفة مستمرة والفحص بالصدى وقياس غازات الدم).
فيما القسم الثاني من المصلحة خُصّص للعناية المركزة وعلاج المرضى في حالة أقل خطورة، وتصل طاقته الاستيعابية إلى 11 سريرًا، مُجهزًا بآلات مراقبة الوظائف الحيوية وآلات التنفس الاصطناعي وآلات (اوبتي فلو) الَّتِي تمكن من ضخ كميات كبيرة من الأوكسجين لمساعدة المرضى على تجاوز الحالات الحرجة.
وحسب مصادر موقع «لاديبيش 24» فإن التجهيزات الَّتِي تمّ اقتناؤها تُصنّف على درجة كبيرة من الأهمية لعلاج المرضى. كما مكَّنت من رفع الطاقة الاستيعابية لمصلحة الإنعاش بمصحة الضمان الاجتماعي من 3 أسرّة إلى 20 سريرًا، وهذه التجهيزات الكبرى لقسم الإنعاش الجديد تمّ العمل على توفيرها من طرف وزارة الصحة، وبدعم من مُتدخّلين آخرين من سلطات محليّة وطب عسكريّ ومدني وقطاع خاص ومحسنين.
وكانت المديرة الجهوية للصحة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، قد ثمَّنت مبادرة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتسخيره المصحّة لتعزيز العرض الصحي بطنجة، أفادت بأنّه بمجهودات السلطات الصحية والعمومية للحدّ من انتشار وباء كورونا، «العرض الصحي يتعزز بالجهة، وخاصة بمدينة طنجة».
وكان الملك محمّد السادس قد أصدر تعليماته بإرسال فرقٍ طبيّةٍ عسكريّة إلى مدينة طنجة لمساندة الفرق الطبية المدنيّة مع بداية المرحلة الثانية من الوباء، وتتحدّد مهامّ هَذِهِ الفرق الطبية العسكرية المختصة في الإنعاش في «التكفل بالحالات الحرجة، ومواكبة الفرق الطبية المدنية».
وفي سياق متصل، تقرّر تكليف الطاقم الطبي العسكري العامل بالمصحة، والمكون من 48 إطارًا، بينهم أطباء وممرضون متخصصون في الإنعاش والتخدير وعلم الأوبئة والفيروسات، في الإنعاش والأوبئة والفيروسات، بتشغيل المصلحة الجديدة، ودعم الأطر الصحية المدنية لاحتواء الوباء.
وقد كانت خِدْمات مصحة الضمان الاجتماعي بطنجة محطًا للعديد من الانتقادات من قبل المواطنين، خاصّةً بعد شروعها في استقبال حالات (كوفيد-19)، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مكامن الخلل الحقيقية في المنظومة الصحية عامة وبهَذِهِ المؤسّسة على وجه التحديد. فإذا كان من المُؤكّد أنَّ المؤسّسة الصحية العمومية والشبه عمومية تُعاني محدودية التجهيز وضعف منظومة الصيانة، فسؤال حسن التدبير يظل مطروحًا بقوّة.
وهنا يظل السؤال مُعلّقًا بأذهان الطنجاويات والطنجاويين.. هل الإجراءات الاستثنائية لمواجهة جائحة كوفيد-19، فرصةً للبناء على ما تحقّق من مكتسبات لإصلاح وتجويد الخدمات الصحية العمومية، أم أنَّ هَذِهِ الفرصة ستتبخّر وستغادر بمغادرة الأطر العسكريّة؟
