تواصل معنا

مقالات الرأي

الزيادة في الأسعار تهديد حقيقي للأمن الغذائي للطبقات الفقيرة

أنوار المجاهد

قبل بضعة أيّام تفاجأ المغاربةُ بزيادةٍ كبيرةٍ في أسعار عددٍ من الموادّ الغذائيَّة، هَذِهِ الزيادة الَّتِي أعلنتها الحكومة المنتهية ولايتها، وهمَّت مجموعةً من الموادّ الأساسيَّة، وخلَّفت سُخطًا كبيرًا لدى الطبقات الاجتماعيّة الفقيرة، الَّتِي فسَّرت زيادة الأسعار في الدقائق الأخيرة، بأنّه عقابٌ من حكومة كان يترأسها حزب البيجيدي، الَّذِي أُلقي به في المعارضة دون فريق، في مشهد غير مؤسف لحزب قاد الحكومة طوال السنوات العشرة الماضية، لم يُجنِ –خلالها– الشعب سوى ضرب قدرته الشرائية، وتوسيع الهُوة بينه وبين الطبقة البرجوازية.

وكما كان متوقعًا، فإنَّ الزيادةَ الأخيرةَ في الأسعار، أظهرت كيف تخلّت التشكيلات السياسيّة التقدميّة عن الطبقة الفقيرة وتجاهلتم في فترة انتقالية، كان لا بُدَّ من مصالحة مع الشعب فيها ورفض هَذِهِ الزيادات، الَّتِي لم يعرف لحدود الساعة دواعيها، فالمنتوجات الَّتِي ارتفع سعرُها بشكل صاروخيّ، باستثناء زيوت المائدة، لا مبررات اقتصاديّة لها.

ولمعرفة خطورة هَذِهِ الزيادة على الأمن الغذائي للأسر الفقيرة مستقبلًا، علينا استحضار تداعيات فيروس «كورونا» وكيف أضحت الوضعية الاجتماعية للأفراد الَّذِينَ لا دخل لهم جدّ صعبة؟ بل إن هناك عددًا من هَؤُلَاءِ الأفراد من أصبح من الصعب عليه شراء كلّ حاجياته من الطعام، وتلبية مستلزماته اليومية وتأدية ديونه، ومنهم من أفلسَ وآخرون في الطريق نحو الإفلاس. إنَّ الخطورة هنا تكمن في أنَّ متوسط ​​السعر الحقيقي للأغذية يتزايد باستمرار، كما أنَّ الحياة المعيشية تصعب شيئًا فشيئًا، تكاليف التطبيب واقتناء الأدوية في ارتفاع، أسعار العقار في ارتفاع أيضًا…، بينما متوسط الأجور ثابت، هَذَا الأجور يمكن اعتبارها منطلقًا نحو مُصالحة اجتماعيّة حقيقية في حالة إعادة النظر فيها، فلا يعقل أن تُراجع أثمنة المنتوجات الغذائيّة ولا يُراجع متوسط الأجور! ولتنجح العملية، على الدولة أن تعمل على هيكلة القطاعات غير المهيكلة وتمكين العاملين فيها من التغطية الصحيّة والحماية الاجتماعيّة. المقصود هنا يجب على القوى التقدمية اليساريّة –إذا ما أرادت تعزيز صورتها وتحضير نفسها لتسلم زمام السلطة مستقبلًا– أن تعمل على الترافع من أجل هَذَا المطلب؛ لأننا في حاجة مُلحّة للنظر في قدرة المجتمع الأقل ثراءً على تحمّل الضغوط وتجنب الاضطرابات، وذلك درءًا لاندلاع أيّ احتجاجات تكون رافضة للتأطير السياسي مُستقبلًا.

تابعنا على الفيسبوك