مجتمع
الخردلي بالشنوك : أطباء «مشرملون» يتجولون في حانات طنجة

رُبّ صدفة خير من ألف واقع، وأنا جالس على غير عادتي في إحدى حانات طنجة الكبرى، ونظرًا للضوضاء الصادرة عن مجموعة من الأشخاص، الَّذِينَ اتّضح فيما بعد، من خلال حديثهم المتعالي صوتًا ومضمونًا، أنَّهم أطباءُ للأسف الشديد، حديث تمنيت لو أنَّني احتسيت كأسًا وآخر ليصبح وهمًا لا حقيقة، السادة الأطباء. وبعد أن أعياهم الشرب، وحرَّك ما بداخلهم تفوّهوا بمصطلحات أشبه ما تكون عند أسفل سافلي المجتمع، بل لعلّ التبجّح في التلاعب بحياة المرضى واستنزاف أموالهم خصلة، لا يصل إليها ذاك الَّذِي يسرق في العلن أو ما أطلق عليه مجموعة أطباء الحانة الكرساج، مُتباهين أنَّ الضعيف منهم من لا يستحوذ على نسبٍ كبيرةٍ من مال المرضى، يقلّ مُعدّله اليومي عن عشرين ألف درهمٍ وهو ما نعته زملاؤه بالطبيب الفاشل.
حديث الأطباء، وإن كان عرضيًا وأدرجناه ضمن خانة حديث الحانات، الَّذِي غالبًا ما يصدق لأنّه نابع عن الَّذِي يضمره العقل والضمير، فهو يُوحي بواقع أسود يختلط فيه قطاع الصحة بالمدينة وأن شكوى المواطنين، الَّتِي لا تتوقف، مردّها هَذَا السلوك الأرعن والممارسات اليومية لأطباء سترتهم المصحّات، وفضحتهم جلسات الحانات، حديث لو قيس على شعارات التظلّم، الَّتِي يصدرها هؤلاءِ عند كلّ مناسبة، لأذهلك حجم النذالة، الَّتِي يتمتّع بها مجموعة الأطباء المشرملين، بحسب حديثهم ومظاهر جلستهم وطريقة تهكمهم على مرضى يضعون ثقتهم في أطباء لهم نوايا تتعارض مع أصالة المهنة وشرفها.
إنَّ السلوك الشائن المقترف من قبل هَذِهِ المجموعة، أفشى أوّلًا سرّ المهنة وأكَّد للمجتمع تلك النظرة الاستغلاليّة، الَّتِي يحملها المرضى على مثل هؤلاء، وحمدًا لله، أنّى جلست هَذِهِ المرة قرب الأطباء المشرملين لأستمع إلى حديثهم الواضح والمفضوح، ومَن يدري لعلّ في المقبل من الأيّام تجمعني الصدفة مع مهنة أخرى نطلّع على واقعها بلسان حال أهلها، وإن كانوا سكارى.
