تواصل معنا

سياسة

“الجناح الخيري” للتجمع الوطني للأحرار.. عندما يتحول العمل الخيري إلى أداة انتخابيَّة

تُعدُّ‭ ‬اللعبة‭ ‬الانتخابيَّة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬مجالًا‭ ‬يتداخل‭ ‬فيه‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬مع‭ ‬الأهداف‭ ‬الحزبيَّة‭ ‬والشخصيَّة،‭ ‬ويظهر‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأنشطة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬حزب‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬للأحرار‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬إذ‭ ‬يُلاحظ‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يُسمّى‭ ‬بـ‭”‬الجناح‭ ‬الخيري‭” ‬للحزب‭ ‬قد‭ ‬أصبح‭ ‬أداة‭ ‬مباشرة‭ ‬لتحقيق‭ ‬المكاسب‭ ‬الانتخابيَّة،‭ ‬ما‭ ‬يُثير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬بخصوص‭ ‬نيّات‭ ‬هذا‭ “‬الجناح‭” ‬وتأثيره‭ ‬المبكر‭ ‬في‭ ‬العمليَّة‭ ‬الانتخابيَّة‭ ‬في‭ ‬المدينة‭.‬

وتظهر‭ ‬الأنشطة‭ ‬الخيريَّة‭ ‬التي‭ ‬يدعمها‭ ‬أصحاب‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬طنجة،‭ ‬مثل‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائيَّة،‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬للأسر‭ ‬الفقيرة،‭ ‬محاولة‭ ‬واضحة‭ ‬لاستمالة‭ ‬الناخبين،‭ ‬بينما‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬رغبة‭ ‬حقيقيَّة‭ ‬في‭ ‬مساعدة‭ ‬المجتمع‭.‬

وقد‭ ‬برزت‭ ‬أصوات‭ ‬عديدة‭ ‬ترى‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬تندرج‭ ‬وبشكل‭ ‬واضح‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجيات‭ ‬انتخابيَّة‭ ‬مفضوحة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬صورة‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬المواطنين،‭ ‬ما‭ ‬يفقد‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬مصداقيته‭.‬

ويُعدُّ‭ ‬استخدام‭ ‬الأنشطة‭ ‬الخيريَّة‭ ‬كوسيلة‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬الناخبين‭ ‬ممارسة‭ ‬شائعة‭ ‬في‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابيَّة،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬القلق‭ ‬هو‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬استغلالًا‭ ‬للحاجات‭ ‬الأساسيَّة‭ ‬للفئات‭ ‬الهشة،‭ ‬فعندما‭ ‬تُقدّم‭ ‬المساعدات‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬انتخابي‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬فصل‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬عن‭ ‬الأهداف‭ ‬الانتخابيَّة،‭ ‬ما‭ ‬يُؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬تشويه‭ ‬الغرض‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭.‬

كما‭ ‬يثير‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬تساؤلاتٍ‭ ‬بشأن‭ ‬الشفافيَّة‭ ‬والممارسات‭ ‬الداخليَّة‭ ‬للجناح‭ ‬الخيري،‭ ‬إذ‭ ‬يعتقد‭ ‬أنَّ‭ ‬هناك‭ ‬غموضًا‭ ‬في‭ ‬كيفيَّة‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭ ‬ومدى‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬الفئات‭ ‬المستهدفة،‭ ‬إذ‭ ‬يُعدُّ‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬مصدرَ‭ ‬قلقٍ،‭ ‬مع‭ ‬احتمال‭ ‬تفشّي‭ ‬المحسوبيَّة‭ ‬والتمييز‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات،‭ ‬ما‭ ‬يُعزّز‭ ‬من‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الفئات‭ ‬الاجتماعيَّة‭ ‬المختلفة‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يشير‭ ‬منتقدو‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬الخيريَّة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬قد‭ ‬تخفف‭ ‬مؤقتا‭ ‬معاناة‭ ‬قلة‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬لكنها‭ ‬لن‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الانتقادات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الحزب‭ ‬بسبب‭ ‬سياسته‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬والاجتماعيَّة‭. ‬

فبدلا‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬الحقيقيَّة‭ ‬التي‭ ‬تُعانيها‭ ‬جهة‭ ‬الشمال،‭ ‬مثل‭ ‬البطالة‭ ‬والفقر،‭ ‬يتم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬مساعدات‭ ‬مؤقتة‭ ‬تعطي‭ ‬انطباعًا‭ ‬زائفًا‭ ‬بالإنجاز‭. ‬ما‭ ‬يُعدُّ‭ ‬تهربًا‭ ‬واضحًا‭ ‬من‭ ‬المسؤوليَّة،‭ ‬ويعكس‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬جذريَّة‭ ‬للمشكلات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬السكان‭.‬

إن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تعانيها‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬تتطلَّب‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسيَّة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬للأحرار،‭ ‬تبني‭ ‬استراتيجيَّة‭ ‬شاملة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬التنميَّة‭ ‬المستدامة،‭ ‬وليس‭ ‬استغلال‭ ‬الحاجة‭ ‬الإنسانيَّة‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬انتخابيَّة‭.‬

كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬العمل‭ ‬الحزبي‭ ‬مجرد‭ ‬الوعود‭ ‬والشعارات،‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬فعالة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين‭. ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يُسمّى‭ ‬بالجناح‭ ‬الخيري‭ ‬لحزب‭ ‬التجمع‭ ‬الوطني‭ ‬للأحرار‭ ‬بطنجة‭ ‬يبرز‭ ‬صورة‭ ‬للوضع‭ ‬السياسي‭ ‬المعقد‭ ‬بالمدينة،‭ ‬إذ‭ ‬صار‭ ‬من‭ ‬المألوف‭ ‬رؤية‭ ‬هذا‭ ‬التداخل‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬الإنساني‭ ‬والأهداف‭ ‬الانتخابيَّة‭.‬

إنَّ‭ ‬استخدام‭ ‬العمل‭ ‬الخيري‭ ‬كوسيلة‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬الناخبين‭ ‬يثير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬نيّات‭ ‬الحزب‭ ‬وشفافيَّة‭ ‬ممارساته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬الأحزاب‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬استراتيجياتها،‭ ‬وأن‭ ‬تُركّز‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬حقيقيَّة‭ ‬وفعالة‭ ‬تلبي‭ ‬احتياجات‭ ‬المجتمع،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الاستغلال‭ ‬الانتخابي،‭ ‬لأنَّ‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬الأحزاب‭ ‬والمواطنين‭ ‬يتطلَّب‭ ‬جهدًا‭ ‬حقيقيًّا‭ ‬وإرادة‭ ‬سياسيَّة‭ ‬قويَّة،‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬التنميَّة‭ ‬المستدامة‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعيَّة‭.‬

تابعنا على الفيسبوك