تواصل معنا

مقالات الرأي

السياسة والأدب جزء لا يتجزأ من المجتمع يعكسان التقدم التاريخي والتنمية البشرية

أنوار المجاهد

تُعدُّ السياسة والأدب جزءًا لا يتجزأ من المجتمع، يعكسان التقدم التاريخيّ، والتنمية البشرية والتعقيدات السائدة. فالحياة البشرية، هي مركب متعدد الأبعاد، يستجيب لاحتياجات سياسيّة واجتماعيّة وبيولوجيّة متعدّدة.

 لقد تطورت هَذِهِ العناصر المهمّة من عصر ما قبل التاريخ، إلى العصر التكنولوجي الحالي، وخضعت للعديد من مراحل التطوّر، وخلال هَذِهِ الرحلة، شهدت العديد من الأشكال التنظيميّة والأيديولوجية مثل الأسرة والقبيلة والإقطاعية والرأسمالية.

واستخدم كارل ماركس وفريدريك إنجلز الوصف الديالكتيك الهيغلي للتاريخ لتقديم تفسير مادي للتاريخ البشري، وَفْقًا لوجهة النظر هَذِهِ، كان لكلّ مرحلة من مراحل التطوّر البشري وسائلها الخاصة للإنتاج العلاقات الاجتماعية المقابلة.

إن البنية الفوقية المرئية المُكوّنة من طبقات مختلفة من القوانين والعادات والأديان والمؤسّسات، تقوم على نمط وعلاقات الإنتاج، بحيث يُمكن اعتبار التاريخ البشريّ سلسلةً مُتصلةً من الصراع الطبقي، عندما تتغير وسائل الإنتاج وتتقدّم، يتغيّر هيكل المجتمع الَّذِي يعطي السيطرة والقيادة للطبقة الَّتِي تسيطر على أنماط الإنتاج.

خلال هَذَا الصراع الطبقي المستمرّ، بين السادة والعبيد، الإقطاعيين والأقنان، الرأسماليّين والعمَّال، تُوظّف الطبقة المهيمنة البنية الفوقية إلى أقصى حدٍ للحفاظ على سيطرتها على الطبقة المهيمنة، من الدعاة إلى الشعراء ومن السياسيّين إلى الكتَّاب، كلهم يمجّدون الوضع الراهن حتّى تعتاد الطبقات المهيمنة على حبّ سلاسلها.

لكن القوى المتعارضة للتطوّر التاريخي، أي المادية الديالكتيكية، تظلّ غير متأثرة، حيث يتعيّن على علاقات الإنتاج اللحاق بالركب بمجرد تغير أنماط الإنتاج. ولا يمكن أن يظل التناقض المتأصل دون حلّ، على الرغم من المحاولات اليائسة للطبقات المهيمنة لوقف تيار التغيير، مثلما هناك الكثير ممَّن يُمجّدون الوضع الراهن بأمر من الطبقات المهيمنة، هناك أولئك غير الممتثلين الَّذِينَ يقفون بصوت عالٍ ضد النظام الاستغلالي للظلم الاجتماعيّ، من خلال منافذ الأدب والسياسة.

إنَّ الحياة البشرية ليست جزيرة، ولكنها جزءٌ من كلٍّ أكبر من بين جميع الأنواع، إنّ البشر مميزون؛ لأنّهم طوّروا مهارات معرفية، من خلال الملاحظات والتجريب، وتعني المعرفة هنا تلك الشجرة الَّتِي لها فروع مختلفة لذلك التقسيم الضيق ليس ممكنًا ولا مناسبًا؛ كون الإنسان حيوانًا اجتماعيًا، يحب رفقة الآخرين ويتفاعل مع رفاقه من البشر.

ومن أجل ضمان استقرار الحياة الاجتماعيّة، تؤدي الأعراف الاجتماعيّة والعادات دورًا محوريًا في تنظيم حياة منظمة تدريجيًا، لقد نُظّمت المجتمعات البشرية على أسسٍ سياسيّةٍ مدعومة بالقوانين ورجال السلطة الَّذِينَ يمكنهم فرض تلك القوانين لجعل الحكومة ممكنة، وهكذا نشهد ظهور ما يعرف عامة بـ«الدولة» الَّتِي تقوم على مفهوم القوّة بمختلف أشكالها ومظاهرها.

إن السياسة والأدب هما طرق مختلفة لتجليات حياتنا الاجتماعية، فأصبح نبض المجتمع تحت يد الكاتب، وبات وسيلة للتعبير عن نبضات قلب المجتمع من خلال أشكال مختلفة من الكتابات مثل: الشعر والروايات والقصص القصيرة، بينما تحاول الفلسفة الإجابة عن الأسئلة الأساسية للغاية المتعلقة بالحياة والطبيعة، فإنّ الأدب يُوسّع تغطية المشكلات البشرية ليشمل قماش الحياة الكامل.

 الحقيقة هي أنّ العديد من حركات الإصلاح والثورات تُدين بأصولها إلى قوّة القلم، حيث يرتبط اسم «روسو» ارتباطًا وثيقًا بالثورة الفرنسيّة، وأثبت «فولتير» أنّه فرقة هدم فردية ضد هيمنة الكنيسة في المجتمع الأوروبيّ، ويقال إنّ مقصورة العمّ «توم» لها دورٌ أكبر في تقويض نظام العبودية في الولايات المتحدة من جيش أبراهام لنكولن.

لا يعكسان السياسة والأدب فقط علم النفس البشري، من خلال الردّ على الظلم الاجتماعي وفهم مختلف أطياف الحياة، بل يقترحان أيضًا كيف يمكن عيش حياة ذات معنى وقيمة.

تابعنا على الفيسبوك