مقالات الرأي
وسائل التواصل البليدة

تعرّف الناس على وسائل تواصل جديدة دون سابق دراية بسلبياتها، الَّتِي تحطّم التواصل وتحوّل هَذِهِ التقنيات الحديثة من وسائل ربط إلى وسائل انفصال تقطع التواصل الفعليّ بين الناس وتدفع إلى التنافر أكثر من الانسجام، ما يُتداول في منصات التواصل الجديدة، وما ينتج عنه من أضرار ساهم بشكل أو بآخر في تفكيك بعض أنماط الفكر الاجتماعيّ، الَّذِي تعوّد عليه الناس لعهود طويلة.
وعلى الرغم من الخِدْمات المُتنوّعة والعديدة، الَّتِي جاءت بها الظفرة التواصليّة من تسهيل روابط التواصل البشري عبر إمكانيات جدّ بسيطة وبطرق سهلةٍ ومُيسّرة تتيح للجميع التفاعل والانخراط في التقنيات الجديدة، الَّتِي لا تتطلب فهمًا كبيرًا في التعامل بها، ويبقى العنصرُ البارزُ في كل هَذَا هو مدى تفاعل الناس مع هَذِهِ التقنيات وكيفية الاستفادة منها بالشكل الصحيح، الَّذِي يقف عند حد التواصل ولا يتجاوزه إلى مجالات أخرى تدخل في إطار حرية الآخر.
فضاء التواصل الاجتماعي بجميع تطبيقاته تحول من منصة للتواصل الرقمي إلى فضاء مشترك يطلع فيه المتتبعون بكلّ شرائحهم على وقائع وأحداث بعضها يستفاد منه والغالب يدخل في إطار الترويج النفعيّ لبعض القنوات، الَّتِي جعلت من هَذِهِ الوسائل آلة حادة تقسم بها ظهر كل من يعارضها أو لا ينسجم مع أطارحها، مُستغلةً فئة كبيرة من المجتمع لا يهمها نوع الخبر، الَّذِي تتلقاه بقدر ما يهمها المشاركة في إبداء الرأي ولو كلّفها ذلك تبعات قانونية تجرم مثل هَذِهِ الأفعال.
وقد ذكرت إحصائيات رسميّة لبعض دول العالم، ومن بينها المغرب، أن نسبة الإقبال على هَذِهِ القنوات في تزايد مُستمرّ، كما أشارت إلى تطوّر هَذِهِ التقنيات في المستقبل القريب، ولك أن تقيس من الآن حجم الأضرار، الَّتِي يمكن أن تتطوّر بدورها نتيجةً لذلك.
ما يغيب عن أغلب مرتدي فضاءات التواصل، أنَّ العالم الافتراضي هو نفسه العالم الواقعيّ، وأن منظومة الأخلاق واحترام الخصوصيات الفرديّة والجماعيّة لا يقتدى بها في الواقع فقط، بل في منصات التواصل الَّتِي تساهم بشكل كبير في الدفع بالناس إلى التفاعل مع مختلف الأحداث، سواء بمشاركتهم أو بتعليقاتهم أو بإبداء آراء تتعارض مع الذوق السليم وتخدش أحيانًا في قيم ومعتقدات بحجة كسر طابوهات لا تنفع المجتمع.
عمر الحاجي
