سياسة
هل يمكن اعتبار الشبيبات الحزبية رافدًا لتجديد النخب السياسية أم أنها تنظيمات تُستغل من طرف الأحزاب السياسية خلال الحملات الانتخابية؟

دأبت أغلب الشبيبات الحزبيَّة في المغرب، على أن تُسوّق لمبادئ عكس تلك الَّتِي تناضل من أجلها، وليس كلُّ شبيبة تقول إنَّ أهدافها تأطير وتكوين شباب ملتزم مؤمن بالقضايا الوطنيَّة والقوميّة، التزامًا يبرز من خلال الانخراط في كلّ الجبهات النضاليَّة، هِيَ صادقة فيما تقول.
ونُعرّج في هَذَا المقال عن الهيكلة التنظيميَّة لأغلب الشبيبات الحزبيَّة، الَّتِي في غالب الأحيان تكون هيكلة وهمية لا أساس لها من الصحّة في الواقع، ولعلّ الانتخابات الَّتِي تهمّ هيكلة مكاتب الفروع والكتابات الجهوية، الَّتِي لا تكاد تخلو من مجموعة خروقات تنظيميَّة مُؤطرة بقانون أساسيّ أو داخليّ، وإن وجدت تبقى صوريَّة للمزايدة على باقي الشبيبات الأخرى من خلال منصات التواصل الاجتماعيّ.
ولعلّ مقولة ليس كلّ ما يلمع ذهب تنطبق على ما تروج له الشبيبات الحزبيَّة على وسائل التواصل الاجتماعيّ، فتراهم ينشرون بلاغاتٍ وبياناتٍ على أساس أنَّها إنتاجاتٌ خالصةٌ للشبيبات الحزبيّة، غير أنَّها في الواقع إنتاجات خالصة لقيادات بعينها لها ولاءاتٌ لقيادات في المكاتب السياسيَّة لأحزابها طمعًا، فالريع السياسيُّ وذلك في خرق سافر للديمقراطية التشاركية، الَّتِي تروج لها المكاتب الوطنيَّة أو المجالس الوطنيَّة لهذه الشبيبات.
فهل يُمكن اعتبار الشبيبات الحزبيَّة رافدًا لتجديد النخب السياسيَّة أم أنَّها تنظيماتٌ يتمُّ استغلالُها من طرف الأحزاب السياسيَّة خلال الحملات الانتخابيَّة؟ وهل تعمل الأحزاب السياسيَّة على توفير فضاء الاشتغال لشبيباتها وبنية استقبال؟ وهل تؤطر هذه الشبيبات فعلًا الشباب أم أنَّها تستغل هذه الفئة لخدمة مصالحها السياسيَّة المؤدية إلى الريع السياسيّ عن طريق استغلال الشباب في المواجهات الَّتِي لا تعطي أي إقامة مضافة؟
في البداية يجب تأكيد أنَّ الشبيبات الحزبيَّة هِيَ تنظيمات مُوازية للأحزاب تهدف إلى تأطير وتكوين نخب سياسيّة، وأولويات اهتماماتها مُوجّهة بالأساس للتصدي للعزوف السياسيّ في صفوف الشباب؟
نقاش الشبيبات الحزبيّة اليوم نقاش كبير يرتبط بجدلية التفاعلات والتجاذبات السياسيَّة، وضرورة إحداث شبيبات حزبيَّة واعية بصيرورة إنتاج قيادات ونخب تُسيّر وتُدبّر الشأن السياسيّ من خلال الروافد، الَّتِي كانت عماد النضال السياسيّ كالحركة التلاميذيّة والحركة الطلَّابيَّة، ولا شكّ في أنَّ شبيبات الأمس ليست هِيَ شبيبات اليوم، نظرًا للظروف السياسيَّة السائدة بين الأمس واليوم، إذ لا ينكر أحد أنَّ هناك إرادة مُعلنة لدعم هذه الشبيبات، وذلك من خلال اللائحة الوطنيَّة للشباب، إضافة إلى وجود الشبيبات الحزبيَّة في أجهزة تقريريّة، وتوفير منح تخييم وغيرها، غير أنَّ هناك نيةً مُبطّنةً لكبح الفعل السياسيّ الشبيبي، وإكراهات تحول دون أن تقوم الشبيبات بمهامّها.
ولا يخفى على أحد أنَّ الإحصائيات الرسمية المتوفرة تفيد بأنَّ 1% من الشباب المغربي ينخرط في العمل الحزبيّ، الشيء الَّذِي يدقّ ناقوس الخطر، خاصّةً عندما نعلم أنَّ المغرب يتوفر على بنية ديمغرافيّة شابة تُقدّر بنحو 11 مليون شاب تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 سنة غير منخرطين في الأحزاب السياسيَّة بشكل مباشر، لكنَّهم قوّةٌ سياسيَّةٌ تنشط عبر وسائط التواصل الاجتماعيّ، هِيَ معطيات عامّة قد تعكس صورة الشبيبات الحزبيَّة في المغرب.
مُؤكّد أن دور الشبيبات ليس هُوَ تأطير منخرطيها فقط، بل لها دورٌ أساسيٌّ يمكن أن يساهم في إعادة الثقة للشباب والدفاع عن قضاياهم الَّتِي تهمّهم وتمسهم بدرجة أولى.
غير أن دور الشبيبات الحزبيّة يُسهم بشكل أو بآخر في النفور من الشبيبات الحزبيَّة، ولعلّ المعطيات المتوفرة للجريدة تقرّ بأنَّ الأحزاب السياسيَّة لا تلتزم، فعلًا، بما تُقدّمه من تصوّرات للمواطنين، فكيف يمكن أن تؤطر شبابًا، انتشلته من الحركات الاجتماعيَّة بالشارع وأقحمته في صراعات سياسية هُوَ في غنى عنها، دون الحديث عن الممارسات اللاأخلاقية المبنية على المعطيات التاريخيَّة والسياسيَّة المغلوطة لفلسفة «ميكافيلي»؟ فكيف سنبني شبابًا وننتظر من هَذَا الشباب أن يبني الوطن ونحن لم نتخلص بعد من المنظور القطاعي والموازي للشباب المنخرط في الأحزاب عامّة والشبيبات خاصّة؟
أنوار المجاهد
