سياسة
هل فشل «الأمين بن الجيد» في التفاوض؟ أم أن باقي مكونات التحالف الثلاثي «قزمت» حزب الاستقلال بطنجة؟

لا يختلف اثنان على كون، أن غالبية متتبّعي الشأن السياسي المحلي بمدينة طنجة، كان متيقنًا أن حزب «الاستقلال» سيتبوأ مراكز مهمّة في استحقاقات 8 شتنبر الماضي، الأمر الَّذِي حصل بعدما حصل الحزب على المرتبة الثالثة مناصفة مع حزب الأصالة والمعاصرة، بحصوله على 12 مقعدًا بالمجلس الجماعي بطنجة، نصفهم من مقاطعة بني مكادة، وأيضًا الحصول على مقعد برلماني.
لكن لا أحدا من متتبّعي الشأن المحليّ والسياسي، كان يعتقد أنّ حزب «الاستقلال» سيخرج خاوي الوفاض، خصوصًا بعد التحالف الثلاثي وطنيًّا، الَّذِي جمعه مع حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة، وهو التحالف الَّذِي نُزّل على المستوى الجهويّ والإقليميّ، غير أنَّ هَذَا التحالف لم ينصف إخوة «نزار بركة» بمدينة طنجة.
إن التحالفَ الثلاثيَّ أرخى بضلاله على مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة، قبل اقتراع الثامن من شتنبر الماضي، وبالضبط خلال الانتخابات المهنية، حيث منحت غرفة الفلاحة لحزب التجمع الوطني للأحرار، وغرفة الصناعة التقليدية لحزب الأصالة والمعاصرة وغرفة التجارة والصناعة والخدمات لحزب الاستقلال، وهو الشيء نفسه، الَّذِي تم محاولة تنزيله على المؤسسات المنتخبة خلال 8 شتنبر، سواء جهويًا أو إقليميًا أو محليًا.
فخلال البلاغ الصادر عن الهيئات المكونة للتحالف الثلاثي على المستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة، تبين أنَّ الأحزاب تقاسمت الأدوار فيما بينها، إذ ستُخصّص رئاسة الجهة لحزب الأحرار ورئاسة المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال، فيما ستُمنح العمودية للأصالة والمعاصرة، الأمر نفسه سيُفعّل محليًا، وبالضبط في المقاطعات. غير أنّ المفاوضين على المستوى المحليّ لحزب الاستقلال، وهنا نخص بالذكر المفتش الإقليمي «الأمين بن الجيد»، لم يتفاوضوا جيّدًا، ولم يستطع تحصين المكتسبات الَّتِي منحت لحزبه خلال اقتراع 8 شتنبر، خصوصًا أنّ حزبَه بمدينة طنجة احتلّ المرتبة الثالثة بـ12 مقعدًا على مستوى المجلس الجماعي للمدينة، مناصفة مع حزب الأصالة والمعاصرة.
فحزب الاستقلال، الَّذِي ضمن -حسب بلاغ التحالف الثلاثي- رئاسة المجلس الإقليمي، سرعان ما تخلى عنه، إذ فاز بالرئاسة «امحمد الحميدي» عن حزب الأصالة والمعاصرة، خصوصًا وأنّ حزب الاستقلال -على ما يبدو- عاش صراعًا تنظيميًّا داخليًا، جزءٌ منه كان خفيًا، خصوصا بعدما أُبْعد «عبد السلام الأربعين» الَّذِي طرح اسمه بقوة ليكون رئيسًا لهَذِهِ المؤسسة، قبل أن يقدم حزب الاستقلال، ولأسباب مجهولة ترشيح «سمية العشيري»، الَّتِي لم تحصل على أي صوت، وهنا أكّد العديد من الاستقلاليين، أنّ المفتش الإقليمي للحزب، تفاوض من «أجل نفسه» كي يحصل على رئاسة غرفة الصناعة التقليدية، بعدما قدّم عمدة طنجة منير الليموري استقالته من غرفة الصيد البحري، نظرًا لحالة التنافي في المناصب، الأمر الَّذِي لم يفعل حيث تشبّث البام برئاسة الغرفة، حيث لم يمثل حزب الاستقلال جهويًا في هَذِهِ الغرفة.
ولعلّ ضعف التفاوض، أيضًا برز في حجم الأسماء المقترحة في المكتب المسير للمجلس الجماعي للمدينة، حيث قدّم حزب الاستقلال تنازلاتٍ كبيرةً، اتّضح الأمر من خلال حصوله ثلاثة مقاعد كنواب للعمدة، اثنان للكوطا المخصصة للنساء ومقعد واحد فقط للرجال وبالضبط لوكيل لائحة حزب الاستقلال بمقاطعة امغوغة.
واستمرَّ ضعف التفاوض وفرض الذات حتّى على مستوى المقاطعات، فحزب الاستقلال لم يمثل نهائيًا في المكتب المسير لمقاطعة السواني، بالرغم أن باقي مكونات التحالف الثلاثي هم من قادوا المقاطعة، نفس الأمر حصل بمقاطعة طنجة المدينة، فمكونات التحالف الثلاثي لم تستطع حسم هَذِهِ المقاطعة، غير أنّ الغريب في الأمر من منح الأغلبية للأحزاب الَّتِي شكلت المعارضة في باقي المقاطعات، هي مستشارة من حزب الاستقلال، الَّتِي اختارت أن تمنح صوتها لنجل المرحوم يونس الشرقاوي الَّذِي أصبح رئيسًا للمقاطعة.
إن المتتبع للشأن المحلي، سيعي جيّدًا كيف تقوّت شوكة حزب الأصالة والمعاصرة وضعفت شوكة حزب الاستقلال، الَّذِي لم يكن موفقًا في التفاوضات، وهو نفس الإخفاق الحاصل في جُلّ المجالس والمقاطعات التابعة لنفود إقليم طنجة أصيلة، ما عدا جماعة اجزناية ومقاطعة بني مكادة.
فهل يصلح نزار بركة، ما أُفسد في الحزب بعد انتخابات 8 شتنبر، خصوصًا أنَّ عددًا من الشباب ومناضلي الحزب، اختاروا إما الاستقالة أو الابتعاد؟ الأمر الَّذِي سيُؤثّر مما لا محالة فيه على التنظيم داخليًا، فهل سيشهد التنظيم الحزبي لحفدة علال الفاسي بطنجة ثورةً تنظيميّةً، يتم فيه القطع مع المرحلة السابقة، والاعتماد على أشخاص وأوجه جديدة كفيلة برد الاعتبار لهَذَا الحزب الَّذِي يُعدُّ من الأحزاب الوطنية؟
