مقالات الرأي
هل تستطيع حكومة دون نفس سياسي تحقيق الإقلاعة المرجوة؟

مباشرةً بعد إعلان لائحة أسماء وزراء حكومة أخنوش، اتَّضح بشكلٍ جليٍّ غياب النفسِ السياسيِّ، لحكومة ضمَّت أسماء مغمورةً –على مستوى الساحة السياسيّة– حيث بدأت تروج تكهنات بشأن مستقبل المغرب والمغاربة، في ظلّ وجود وجوه تتقلّد المسؤولية الحكوميّة لأوّل مرّة في تاريخها، والواجب هنا التحذير من خطورة غياب التكوين السياسيّ لوزراء يتقلّدون مناصب حسَّاسة، ينتظر منها تقديم الإضافة المرّجوة، خاصّةً أنَّنا كنا نعتقدُ –على نطاقٍ واسعٍ– أنَّ الحكومة الحالية ستُمثّل إرادة الناخبين، الَّذِينَ تجاوزت نسبةُ مشاركتهم خمسين في المئة.
يبدو أنَّ الانتقاداتِ الكبيرةَ –الَّتِي رافقت تشكيل الحكومة من طرف ثلاث أحزاب: «التجمع الوطني للأحرار، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال»– زادت حدّتها بعد إعلان أسماء الوزراء الجُدد، وبالرغم من أنَّ المسؤولين الحكوميّين المُعيّنين لهم سيرٌ ذاتيّةٌ محترمةٌ –كما أنَّ لهم تكويناتٍ على المستوى العالي– فإنَّ الآمال الديمقراطية –المعقودة على الحكومة الثانية والثلاثين في تاريخ المملكة– بدأت تنهار قبل بدايتها، فبرزت فكرةٌ أخرى تحيل لبداية نهاية المشاركة الشعبية في تدبير الشؤون الاجتماعيّة، وخضوعها للمصالح الخاصة ومصالح التكنوقراط.
إنَّ ارتباط الحكومة الحالية بأسماء تكنوقراطية –بما في ذلك، بروز بعض الوجوه الَّتِي كانت ضمن لجنة صياغة النموذج التنمويّ الجديد– يرجع إلى غياب ثقة في الكفاءات الموجودة في الأحزاب الثلاثة المُشكّلة للائتلاف الحكومي، ومن غير المُرجّح أن ينسَى الناخبون فشل الحكومات السابقة في الحدّ من الفوارق الاجتماعيَّة وتقليص العطالة، وتحقيق الرخاء، مما سيزيد من صعوبة المهمّة لوجوه لم تعتد العمل تحت الضغط.
لقد شُكّلت الحكومةُ الحاليةُ بفكرة أنَّ الالتزام التنظيميَّ والسياسيَّ غيرُ مُهمٍّ بالنسبة لأحزاب يراد لها أن تخدم المرحلة الحالية، ومع ذلك، فهناك بعض التطوّرات الَّتِي يحتمل أن تكون مثيرةً للاهتمام كوجود سبع وزيرات، وظهور نوعٍ جديدٍ من الوزارات، كما أنّه من بين هَذِهِ التطوّرات –الأكثر إثارة للاهتمام– هي التكوين الأنغلوساكسوني للمسؤولين للجدد، الَّذِي حلّ محلّ التكوين الفرنكفوني للوجوه السابقة، فهل ستنجح هَذِهِ التشكيلة وتُمثّل نموذجًا يحتذى به أم سيكون العكسُ وسيحنّ المغاربةُ لحكومة سعد الدين العثماني رغم بؤسها؟
إنَّ السياسةَ الحكوميَّةَ ليست مسألة انتظار صاعقة تضرب من سماء فارغة، إنَّها مسألةُ تنظيمٍ يوميّ وتوسيع دوائر التضامن والاستماع إلى بعضنا بعضًا، والتفكير معًا كوسيلة للقيام بالعمل الفكريّ لفهم الحاضر وإمكانية بناء مستقبل أفضل، إلى الحد الَّذِي لا يلتزم فيه سوى عددٍ قليلٍ جدًا منا بهَذَا العمل، كما أنَّ الأزمة المتوقّعة للحكومة الجديدة لن تُحلَّ في المكاتب المكيّفة، بل سيكون الشارع هو المكان الَّذِي سينزل له كلّ الرافضين لمخططات قد تحيد عن أهداف النموذج التنمويّ في ظلّ وجود معارضة سياسيّة قويّة.
أنوار المجاهد
