تواصل معنا

مقالات الرأي

هل المعارضة أم التدبير؟

أجمعت دورات المجالس الوطنيَّة للأحزاب السياسية الفائزة في الانتخابات الماضية، على تفويض الأمناء العامين تدبير المرحلة المقبلة، ومن ضمنها موقع هَذِهِ الأحزاب في الخريطة السياسيَّة المقبلة. تفويض ناله كلٌّ من عبد اللطيف وهبي، ونزار بركة، وإدريس لشكر، الثلاثي الَّذِي جاء خلف حزب «الأحرار» المُعيّن رئيسه عزيز أخنوش بتشكيل الحكومة، وبالرغم من أنَّ ملامح التشكيل الحكوميّ المقبل بدأت تتّضح نسبيًّا معالمه؛ كون الأحزاب الأولى بمقدورها تشكيل أغلبية مريحة دون الحاجة إلى حزب آخر، فإنَّ حزب الاتّحاد فاجئ الجميع من خلال العرض السياسيّ الَّذِي قدَّمه كلٌّ من الحبيب المالكي، رئيس المجلس الوطني للوردة، وكاتبه الأول إدريس لشكر الأحد الماضي، أمام برلمان الحزب، وبدا واضحًا أنَّ الحزب لم يُحدّد أين سيصطف؟ هل المعارضة أم الحكومة؟

بيان الحزب بعد ذلك وافتتاحية الجريدة الرسميَّة المعنونة برسالة الاتّحاد، فتحت التكهنات والاحتمالات بأنَّ أيَّ سيناريو وارد الحدوث، وبين هَذَا وذاك فإنَّ التنظيمَ الحزبيَّ عاد لينقسم إلى فئتين الأولى ترى أنَّ التوجه نحو المعارضة وبناء حزب قوي ينافس على المرتبة الأولى مستقبلًا، أفضل لأقدم حزب يساري في المغرب، كما يقولون بأنّ اتّحاد المعارضة سيعطي شرعية للمعارضة، خصوصًا أنَّ ما يملكه من أطر يمكنها قطع الطريق أمام أيِّ محاولة للهيمنة على المشهد السياسيّ من طرف القوى الليبراليَّة في الاستحقاقات المقبلة، غير أنَّ فئةً ثانيةً تُؤكّد أنَّ ضرورة المشاركة في الحكومة تُعبّر عن إرادة المغاربة الَّذِينَ بوؤا المشروع المجتمعي الَّذِي يحمله الاتّحاد الرتبة الرابعة دون الحاجة للمال أو استغلال الدين، الفئة نفسها ترى أنَّ تنزيل النموذج التنمويّ لن يتأتى دون مشاركة الاتّحاد الاشتراكي، الَّذِي نهلت كلُّ الأحزاب من قاموسه «الحماية الاجتماعية»، المتغير الثابت هنا هم المتتّبعون والطامحون في عودة الاتّحاد «إلى تصدر الانتخابات يوما ما»، هَذِهِ الفئة الَّتِي تلعب دورًا أساسيًا في وصف صورة الاتحاد ورسم رأي عام حوله، يرون في المعارضة مفروضة على الاتّحاد بعد أن لفظه حزب «الأحرار» حسب تعبيراتهم، ويرون في أنَّ القبول بالمشاركة الحكومية هو تكريس لمنطق الريع والبحث عن المكتسبات الذاتيَّة، هَذِهِ الفئة تراهن على رحيل لشكر لتتحسّن نتائج الحزب في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، هي مجموعة من الأخبار تروج هنا وهناك عن حزب تحصّل على 35 مقعدًا فقط، أخبار فيها القليل من الصواب والكثير من الشائعات.

انطلاقًا ممَّا سبق يمكن الجزم، بأنَّ حزب «الاتّحاد الاشتراكي» يعيش مرحلةَ مخاضٍ جديدةٍ، كما أنَّ نتائجه الأخيرة فتحت النقاش بخصوص التنظيم الحزبيّ، وهل يحتاج لنفس جديد وحركية حديثة، ولأنَّ التنظيم الحزبي هو الجسر الرابط بشكل عضوي بين اختيارات الحزب والتجسيد الفعلي لهَذِهِ الاختيارات، على أرض الواقع المجتمعي، واعتبار لكون التنظيم أيضًا هو المجال والإطار الَّذِي تتبلور فيه نماذج العلاقات الَّتِي يطمح الحزب إلى سيادتها داخل المجتمع، فإنَّ سؤال البداية الَّذِي يطرح نفسه اليوم ويكتسب شرعية صياغته مما آلت إليه أوضاع أحد أكبر الأحزاب في المغرب، هو سؤال الهوية والمآل، سؤال البداية على هَذَا النحو، يستهدف استحضار المرجعية الحزبية كمؤطرٍ والشروع العملي في بلورة رؤية تنظيميَّة تنسجمُ وهوية الحزب من جهة، وتستمرّ إيجابًا معطيات التحولات الَّتِي عرفها المحيط الدوليّ والمجتمعيّ، خاصّةً أنَّ عددًا كبيرًا من الأدبيات التنظيميَّة والصيغ الَّتِي اعتمدها الاتحاد، تأسَّست على قاعدة الحفاظ على الذات في ظروف صعبة، لذلك لا بُدَّ من محدّدات لتأطير النقاش بخصوص المسألة التنظيمية، ولا بُدَّ أن تنطلق هَذِهِ المحددات من الإجابة عن سؤال البداية مع تقديم جميع المبررات الضرورية التاريخيَّة والمؤسسيَّة سواء من موقع الفاعل السياسيّ المعارض أم من موقع المشاركة في التدبير والتسيير، كل هَذَا بعد أن تتشكل الحكومة وتُسفر باقي الأيّام عن قرار الاتحاد، مشاركةً أم معارضةً؟

أنوار المجاهد

تابعنا على الفيسبوك