تواصل معنا

القانون والناس

نزع العداد من طرف شركة تدبير الماء والكهرباء بطنجة.. حق قانوني أم مجرد تجاوز؟

فهل يُمكن اعتبار التدبير المُفوّض لشركة الماء والكهرباء بالمغرب، هو تعجيز للمواطن في بسط التدابير الماديّة والتقنيَّة، أم أنّه محاولة لفرض قانون القوة على المواطن البسيط المنهك من جميع الجوانب، خصوصًا بعد فترة كورونا؟! وهل عدم القدرة على أداء مبالغ الماء والكهرباء تخوّل للشركة الحقّ في نزع العداد دون التوجّه إلى السلطة أو حتّى الاتّفاق مع صاحب المنزل؟! شراء عدَّاد الماء والكهرباء عند الاشتراك يكسب صاحبه حقّ التملّك التام لهَذَا العداد، أم هو مجرد تملك مؤقت يُخوّل للشركة نزعه متى ما أرادت؟! هل هناك قانون يُؤطّر هَذِهِ العملية أم أنَّ لها كاملَ الصلاحية في تسيير مرفقها دون اللجوء إلى القضاء؟

إن كان عقد الاشتراك في تزويد مادة الماء والكهرباء ينصُّ على أنّه يلتزم الزبون باحترام المقتضيات والشروط العامة للنصوص المُنظّمة للتدبير المفوض، ويُصرّح بأنّه قد اطّلع على مقتضيات دفتر التحملات المنصوص عليها في الدليل العملي للزبون، الَّذِي يدرك أنّه يُعمل به ابتداءً من إبرام العقد. في ظل هَذِهِ الشروط يطلب الزبون من الشركة إبرام عقد للتزويد بالكهرباء والماء، ابتداءً من تاريخ الاشتراك، وقد علم لدى الزبون أنَّ نظام الحساب والأختام هم تحت مسؤوليته تحت تاريخ فسخ العقد.

في مقابل خدمة توزيع الكهرباء والتزوّد بالماء، يلتزم هَذَا الأخير بتسديد مصاريف تفعيل اشتغال العدَّاد لضمان حقوق الطابع ومصاريف العقد عند إبرامه عند التوصّل بكلّ فاتورة الرسوم الثابتة وضمن تزويد الكهرباء بالكيلو واط، والماء باللتر مكعب، وكذا الضرائبُ المتعلقة وعند الاقتضاء حصته من استهلاك العداد العام للعمارة الَّتِي يقطن بها.

مع الاشتراك لمدّة أوّلية تتحدّد في سنةٍ واحدةٍ قابلة للتجديد بشكلٍ تلقائيٍّ لمدة مماثلة، ما عدا في حالة اشتراك خاصّ تُحدّد مدّته طبقًا للعقد مع اعترافه للتوصّل بنسبة من نظام المصلحة. ويُعطى وصل يشمل ثمن العدَّاد ونوعه لقراءة بنود هَذَا العقد، نجد أنّه يتمُّ الإمضاء والالتزام بأنّه اطُّلع على نظام المصلحة، في حين يجد زبناء المصالح أنفسهم في دوامة الاقتطاعات وارتفاع الأسعار دون فهم السبب، حتّى وإن تمَّ تفهّم الأسباب ودفع المبالغ المالية يبقى الامتناع عن الأداء خطًّا أحمرَ يمكن أن يُعرّض صاحبَه لاقتلاع العدَّاد، الَّذِي تمَّ شراؤه بموجب عقد لم يحدد نوعية الالتزام القائمة بين الزبون والمصالح، فهل يمكن اعتبار العدَّاد هو كراء لفائدة المصلحة أم هو شراء له؟!

لم يُشر أيُّ عقد من عقود الاشتراك إلى هَذَا المعطى مما يجعل زبناء المصلحة، الَّتِي تزود المجتمع المغربيّ بالمادتين الأساسيتين للحياة، يتساءلون حول هَذِهِ الثغرة القانونيّة، الَّتِي تركت لهَذِهِ المصلحة الحقّ في انتزاع العدَّادات دون اللجوء إلى القضاء، ورفع دعوى قضائية يمكن أن تسفر عن تحقيق العدالة وإحقاق الحقّ على أرض الواقع.

هل هَذَا الأمر -أي انتزاع العداد- موجود بالنظام الداخلي للشركة، الَّتِي أجبرت كلّ مُنتسبيها التوقيع على أنّه اطُّلع عليه أم أنَّ هناك قراءةً أخرى للعقد، لا يمكن للفاعل القانوني -ناهيك عن المواطن العادي- قراءة حيثياته وخباياه. هل هَذَا الالتزام الخاص بالعدَّاد يدخل في بنود العقد ويخضع لقانون الالتزامات والعقود وقانون حماية المستهلك أم يخضع لقوانين خاصة لا يعلم بها إلا الله سبحانه وتعالى والشركة المعنية؟! هَذِهِ التساؤلات تستدعي اعتبار عقد اشتراك مادّتي الماء والكهرباء هو عقد يكون القبول مجرد إذعان لما يمليه الموجب، فالقابل للعقد لم يصدر قبوله بعد مفاوضة ومناقشة، بل هو في موقفه من الموجب لا يملك إلا أن يأخذ أو يدع. فرضاؤه موجودٌ ولكنه مفروض عليه.

وحسب مقتضيات قرار المحكمة عدد: (1269)- المؤرخ في: 28/9/2000- ملف إداري عدد: (1145/4/1/99) عن المجلس الأعلى كمرجع استئنافي، فإنّها اعتمدت على أنَّ القاعدة تتلخص في أنَّ عقد الاشتراك في الهاتف على غرار عقود الاشتراك في الماء والكهرباء وإن كانت تعتبر عقود إذعان، فانّ هَذِهِ الطبيعة لا تنفي عنها صبغة العقد الخاص، الَّذِي يخضع الطرفين في علاقتها لأحكام القانون الخاص، إلا أنّه في الوضعية الحالية، هي الَّتِي حدَّدت الاتجاه الصحيح للحكم والدعوى، فهل انتزاع العداد، هو أيضًا حقٌّ خاصٌّ لعقود الاشتراك بهَذِهِ المصالح أم أنَّ هناك قراءةً قانونيّةً أخرى لهَذَا الأمر يمكن اللجوء إليها لإعادة العدَّاد واسترجاعه.

تابعنا على الفيسبوك