مقالات الرأي
نبي الهدى والرحمة

جرت العادة الشريفة والعرف الحسن، أن تطلق في أسبوع الفرح بمولد سيد الخلق، تهازيجَ وقصائدَ المديح بسيرة النبي العدنان، تصدع بها أبواقُ المساجد والأضرحة والزوايا، استبشارًا بالنبأ السعيد وتنبيهًا للغافل باستحضار سيرة سيّد المرسلين. ويُعدُّ هَذَا العرف الحسن، بمنزلة إعلانٍ للفرح الَّذِي يعمّ جميع الخلائق في هَذِهِ الفترة من كلّ سنة، وهي فترة تعوّد فيها عامة الناس وخواصهم بالتحلّي بأنواع مختلفة من الفرح –حسب المقام والحال– فالعامة من الناس الَّذِينَ تربطهم أواصر محبّة فطرية بالنبي العدنان، يُسارعون إلى تغيير نمطهم العادي بصباغة البيوت، وتزيين المنازل، وعقد مجالس فيما بينهم، يردّدون عبارات المحبة في سيرة المصطفى (صلى الله عليه وسلم).
وجرت العادة الشريفة أيضًا أن تُقام مناسبات لختان الأطفال الصغار، تيمنًا بالأيّام المباركة، الَّتِي تردّ فيها الرحمات ويستبشرُ فيها بكلّ خير، فيما يتّجه الخاصة من الناس إلى تخصيص الأيام المباركة لحفلات متوزّعة على جنبات المدينة، وفي الأضرحة والزوايا، تُخصّص بعضها لإقامة ندوات علمية حول سيرة سيّد الخلق، وإقامة حلقات للذكر، والسماع تردد فيها أهازيج الفرح بعيد المولد النبوي الشريف، بدءًا من فاتح ربيع الأنوار، وتُختم في ليلة مولده (صلى الله عليه وسلم)، وهي ليلة قدسية لها من الدلالات الروحية ما يعجز اللسان عن وصف، سواء بلسان العوام أو الخاصة.
عادات شريفة وأعراف مباركة، يتمُّ إحياؤها، ولها من الفوائد ما يُعرّف الولد الصغير ويُذكّر الشيخ الكبير بسيرة سيّد الخلق، بدءًا من مولده ووفاة والده قبل ولادته ووفاة أمه بعد ولادته وكفالة جدّه وعمّه، ومراحل نورانيّة من سيرته قبل بعثه للعالمين أجمع.
اليوم –وبعد أن أغلقت المجالس ومنعت الاجتماعات وألغيت مراسم الاحتفال والاحتفاء إلا بأنماط يسيرة وقليلة– وجب إحياء هَذِهِ السنن بالمنازل والبيوت، وأن يُحافظ على الإرث النوراني للأجيال الَّتِي تتشوّق لسيرة تهتدي بها في ظلمات الدنيا والآخرة، ولا أعظم من سيرة سيّد الخلق تجتمع عليها قلوب الخلائق، وتتوحد على محبّته جميع الأمم.
