مقالات الرأي
مَن يقع اللوم عليه ومَن يجب أن يتحمّل المسؤولية؟

تُعدُّ محاسبة الأفراد والمؤسَّسات جانبًا أساسيًا من جوانب الحكم والإدارة، سواء في البرلمان أو مجلس المدينة أو مباشرة أمام الجمهور عبر الصحافة، فقد تكون المشكلة عبارة عن إجراءات تحضيريَّة غير كافية للتعامل مع الفيضانات أو الزَّلازل أو التَّساقطات المطريَّة، أو انفلات أمنيّ في الأماكن العامّة أو حوادث الألعاب النَّارية، وسوء الإدارة المالية، أو فاجعة يروح ضحيتها الأبرياء كمعمل طنجة السريّ، وما إلى ذلك، والسُّؤال المركزي دائمًا هو، مَن يقع اللَّوم عليه ومَن يجب أن يتحمّل المسؤولية؟
غالبًا ما نشهد سياسة الهروب إلى الأمام، أو نهج لعبة إلقاء اللَّوم على الآخرين، كما يُسمّيها علماءُ السِّياسة الَّذِينَ يدرسون هَذِهِ الظَّاهرة.
ويبقى السِّياسي أو المسؤول الَّذِي يعرف كيفية لعب هَذِهِ اللُّعبة جيّدًا في منصبه، وقد يستفيد منها، بينما يتعثّر الآخرون أو يسقطون أو يتنحون عن منصبهم، كل هَذَا جزءٌ من السِّياسة مثل لعبة القوّة.
لكن في بعض الأحيان، تُستخدم فكرة المسؤولية السِّياسية بمعنًى مختلفٍ تمامًا. هَذَا هو الحال عندما يدّعي شخصٌ ما، على سبيل المثال، «هَذَا عضو مجلس مسؤول» أو «أنا رئيس مسؤول».
لا يتعلّق الأمر بأخطاء أو أضرار مُعيّنة، بل يتعلّق بشيءٍ أكثر شمولًا، فهم المسؤولية هو الإنجاز المناسب لمهمّة أو دور مُعيّن، إنه يتعلّق بموقفٍ سياسيٍّ أو مسؤولٍ، وليس بفعلٍ واحدٍ.
هَذَا الفهم الشَّامل للمسؤولية مُوجّه ليس نحو الأحداث والإجراءات الفرديَّة، كما هو الحال مع قضايا المسؤولية مثل المساءلة. إنَّها، في الواقع، تشبه −إلى حدٍ بعيدٍ− فكرةَ الفضيلة، موقف يهدف إلى تحقيق شيءٍ جيّدٍ وهكذا، فإن أخلاقيات الفضيلة هي نهجٌ واعدٌ لإيجاد فهمٍ مُستنيرٍ نظريًا للمسؤولية بالمعنى الثَّاني المستخدم أعلاه.
أنوار المجاهد
