مقالات الرأي
مولد خير البرية

في كلّ سنة يكثر الحديثُ عن أحقية الاحتفال بمولد خير الخلق، ويكثر اللغطُ حول بدعية الأمر، باعتباره مستحدثًا لم يحتفِ به النبي العدّنان ولا الصحابة الكرام، غير أنَّ هَذِهِ الاحتفالية والاحتفاء هي من الأمور الَّتِي دأب على أحيائها جمعٌ من الناس؛ اعتقادًا منهم بأحقية الاحتفال وإظهار تلاوين المحبّة والبُشرى بمولد سيد الوجود، احتفالية تتمركز في إحداث حلق للذكر والإكثار من الصلاة على النبي الكريم، وترديد قصائد المديح في حبّ الذات المحمديّة، والتذاكر في سيرته والتعريف بأخلاقه وصفته الخلقية، رغبةً في نشر تعاليمه بين الناس وتذكيرًا برسالته ودعوته (صلى الله عليه وسلم).
أمور لا يمكن تصنيفُها من البدع في الدين ولا المنكرات المحدثة، إذا اتّصفت بهَذِهِ الصفات، والتزم بها من تقطّعت أوصاله محبّة للرسول الله، كالتزامه بهَذِهِ السنة الحميدة، الَّتِي امتاز بها المغاربةُ وعُدت من مناقبهم بين جميع الخلائق.
وقد عرف عن المغاربة جميعًا شدّة حبّهم وتعلقهم بآل البيت الكرام، وتعظيمهم وتوقيرهم لأيّام المولد النبوي، وهو من أقدس الأعياد الدينيّة، الَّتِي تبتهج بها البيوت وتسعد بها القلوبُ، خصال حميدة تورث للأبناء وتُعدُّ من أوثق العرى، الَّتِي وجب المحافظة عليها في ظلّ المتغيرات الطارئة.
ما نحن بحاجة إليه اليوم هو التحلّي بأخلاق النبي والاقتداء بسيرته وإكمال مسيرة الرحمة، الَّتِي انطلقت في عصر النبوة واستمرّ إشعاعها إلى اليوم.
ما نحن بحاجة إليه ليس الجدال حول أحقية الاحتفال من عدمه، والانتصار لرأي ضد رأي، بل للتمسك بعصمة النبي، ونشر سيرته وتعاليمه السمحاء، ولو في الأيّام المباركة لمولده (صلى الله عليه وسلم) امتثالًا لقوله عز وجل: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}. وأعظم رحمة وجب للمسلمين جميعًا الاحتفاء بها والفرح بأيّامها من ذكرى عيد المولد النبوي الكريم.
